أسواق المال تندفع رغم قرار «المركزي الأمريكي»

أسواق المال تندفع رغم قرار «المركزي الأمريكي»

واصلت الأسواق حركتها المستمرة منذ 11 شهراً في الاستثمار في الموجودات الخطرة، بعد أن شعرت بالانزعاج في البداية فقط بالأنباء التي جاءت في وقت متأخر يوم الخميس حول التحوُّل المفاجئ في موقف البنك المركزي الأمريكي.
غير الأسهم والسلع تعثرت في التعاملات الآسيوية الخفيفة، وحظي الدولار بالاهتمام بعد أن فوجئ المتداولون على حين غرة بإعلان البنك المركزي الأمريكي أنه سيرفع أسعار الفائدة التي كان يفرضها على البنوك.
لكن الاستجابة ذات الطابع المتسم بالتحمل والصبر جاءت من المتداولين في نيويورك، وبالتالي انقلب وضع الخسائر المبكرة في وول ستريت واستمر الحي المالي في نيويورك في تسجيل المكاسب لليوم الرابع على التوالي وسجل أعلى مستوى له منذ شهر. حتى اليورو، الذي تضرر في الفترة الأخيرة بفعل المخاوف المستمرة حول مشاكل السندات اليونانية، قلب وضع الخسائر المبكرة وسجل في مرحلة لاحقة مكاسبه للمرة الثالثة فقط خلال الأسبوعين السابقين.
قال كريج بيكام، وهو محلل استراتيجي للأسهم لدى مؤسسة جيفريز آند كومباني: «في الوقت الذي تهضم فيه السوق المضامين الحقيقية لقرار المركزي الأمريكي، فإنها ستدرك أنه ليس بالأمر السلبي على نحو ما كان الناس يظنون في الليلة السابقة».
بذل المركزي الأمريكي مجهوداً كبيراً في إقناع المراقبين أن القرار لم يكن يعني أنه غيَّر نظرته بخصوص الآفاق الاقتصادية أو السياسة النقدية. لكن بعض المستثمرين ظلوا يشعرون بالقلق من أن القرار يمثل خطوة مهمة في خروج البنك من إجراءات السيولة التي كانت لها أهمية بالغة في مساندة الموجودات المعتلة أثناء السنة الماضية.
قال دون ريسميلر من مؤسسة ستراتيجاس Strategas: «الحقيقة التي تقول إن هذا القرار لم يُتَّخّذ أثناء أحد الاجتماعات المقررة وبعد انتهاء التعاملات في السوق هي مؤشرات ترجح أن البنك لم يكن يريد أن يفسَّر قراره على أنه يشكل تغييراً في الآفاق العامة للسياسة».
أعرب موريس بوميري من مؤسسة ستراتيجك ألفا Strategic Alpha عن خشيته من أن السوق ستظل مع ذلك تنظر إلى القرار على أنه يعمل بصورة أساسية على تغيير المشهد الاستثماري. وقال: «الموضوع هنا هو أن اقتراض البنوك للأموال بسعر فائدة مقداره صفر في المائة ليس بالأمر الطبيعي، وكان من شأنه تمويل الاندفاع في الأسهم لفترة من الزمن. بالتالي إذا عدنا إلى الوضع ’الطبيعي‘ فسيختفي الطلب القوي على الأسهم».
العقود الآجلة على الأسهم الأمريكية ردت على الفور بصورة قوية على قرار المركزي الأمريكي، حيث توقع المتداولون أن المستثمرين سيعوضون الرهانات الخطرة في أعقاب التقدم الذي حققه وول ستريت بنسبة تبلغ نحو 70 في المائة منذ الأرقام المتدنية التي سجلت في آذار (مارس) 2009. في التعاملات الأوروبية المبكرة كان يبدو أن مؤشر ستاندارد آند بورز 500 سيبدأ الجلسة في نيويورك بهبوط مقداره 1.1 في المائة.
لكن الحي المالي في نيويورك عوض هذه الخسائر وارتفع ليسجل مكسباً بنسبة 0.2 في المائة في أواخر التعاملات الصباحية، حيث تحسن المزاج العام بفعل مجموعة من البيانات الحميدة حول مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة. أما مؤشر فيكس، الذي يعتبر مقياساً لتوقعات التقلب في حركة الأسهم، فقد ظل قريباً من 20 نقطة، وهو مستوى يشير إلى أن المستثمرين يظلون يشعرون بالتشاؤم نوعاً ما حول آفاق السوق.
اقتفت أوروبا حركة العقود الآجلة الأمريكية وبعد ذلك فعل الحي المالي في نيويورك بمجرد بدء التعاملات. ارتفع مؤشر فايننشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 0.4 في المائة، كما أن مؤشر فايننشيال تايمز 100 في لندن سجل ارتفاعاً بنسبة 0.6 في المائة، حيث تلقى المساندة من الأسهم الأمريكية.
تضرر المزاج العام في آسيا بقوة بفعل قرار البنك المركزي الأمريكي. وحيث إن بورصة شانغهاي كانت مغلقة طوال الأسبوع بسبب عطلة رأس السنة القمرية فإن المستثمرين هناك لم يتمكنوا من اتخاذ أي رد فعل على قرار بكين بتشديد السياسة النقدية يوم الجمعة السابق. وربما أضاف ذلك إلى المخاوف من أن الانتعاش الاقتصادي العالمي يمكن أن يكون معرضاً للخطر إذا قررت الحكومات العالمية الانسحاب من إجراءات تعزيز السيولة بصورة فوضوية غير منظمة. وتراجع مؤشر فايننشيال تايمز العالمي بنسبة 0.4 في المائة.
من جانب آخر تراجع مؤشر فايننشيال تايمز آسيا الباسيفيك بنسبة 2.1 في المائة. وكانت بورصة هونج كونج من أسوأ البورصات من حيث الأداء، حيث تراجعت بنسبة 2.6 في المائة، على اعتبار أن أسهم البنوك تضررت بصورة كبيرة. وخسرت بورصة طوكيو نسبة مقدارها 2.1 في المائة.
تمتعت سندات الخزانة الأمريكية بارتفاع الطلب، بعد أن تعثر الاندفاع على الموجودات الخطرة في البداية. يوم الخميس اندفع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أسابيع، في أعقاب البيانات القوية حول الارتفاع في أسعار البضائع عند بوابات المصانع. لكن تقرير الأسعار الاستهلاكية الصادر يوم الجمعة، الذي كان أقل من التوقعات، ساعد على دفع العائد على السندات لأجل عشر سنوات بنسبة ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.77 في المائة.

الأكثر قراءة