النفط السعودي يوسع أسواقه في الشرق مع تراخي الطلب في الغرب

النفط السعودي يوسع أسواقه في الشرق مع تراخي الطلب في الغرب

تشهد العلاقات النفطية بين السعودية والولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم تغيرا فيما يتعلق بكميات الصادرات من الأولى إلى الثانية، إذ إن تقلص الطلب على الطاقة في الغرب ينبئ أن المملكة ستنافس بضراوة من أجل الهيمنة على سوق آسيا المتنامية خصوصا في الصين. وجاذبية بكين لموردي النفط قويت واشتدت في عامي 2008 و2009 مع تنامي الطلب بدرجة أكبر في الصين وتراجعه في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت ذاته.
وعززت السعودية الصادرات إلى الصين وانخفض تدفق النفط الخام من المملكة إلى الولايات المتحدة. وبلغ تدفق الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة أقل مستوياته في 22 عاما خلال 2009 إذ تسبب الكساد في هبوط استهلاك الوقود وقادت السعودية تخفيضات منظمة «أوبك» لإمدادات المعروض حتى يتناسب الطلب مع المعروض. والرياض هي المنتج الوحيد الذي يحوز فائضا كبيرا من الطاقة الإنتاجية وهو ما يجلعها الملجأ الرئيسي لمعالجة أي نقص كبير مفاجئ في الإمدادات العالمية.
يذكر في هذا الجانب إلى أن ستيفن تشو وزير الطاقة الأمريكي يقوم بزيارة للرياض غداً، وقال ديفيد كيرش مدير استخبارات السوق لدى «بي إف سي إنرجي» في واشنطن «السعودية لديها طاقة إنتاجية فائضة ... ومستعدة لتعديل الإنتاج صعودا ونزولا لتلبية احتياجات السوق»، وبرغم انخفاض شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، فإن السعودية مع ذلك قامت بتوريد أكثر من عشر الواردات الأمريكية من الخام العام الماضي. وقال فرانك فيراسترو رئيس برنامج الطاقة والأمن القومي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إن السعودية أصبحت موردا موثوقا به على المدى الطويل للسوق الأمريكية بدرجة أكبر من منافسين مثل فنزويلا أو نيجيريا. وأضاف فيراسترو: «يضع ذلك السعودية في وضع متميز كمحور لسوق النفط على طرفي العالم»، «السعودية مهمة جدا للولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية وهناك إدارك بأننا لا نستطيع فقد السعوديين في أي وقت قريب». ويعكس تغير تدفق الإمدادات أيضا التحول في الطلب على النفط على المدى الطويل. وستستهلك الدول النامية قريبا نفطا أكثر من الدول الصناعية. وستحوز الاقتصادات الصاعدة 47 في المائة من الطلب العالمي على النفط في 2010 ارتفاعا من 37 في المائة في 2000 وذلك بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتعتقد الوكالة أن الطلب في الدول المتقدمة بلغ ذروته. وقال فيراسترو «تسبب الركود في تسارع خطى ما كان يحدث على أي حال»، وتابع «نحن الآن في نقطة تحول صوب الدول النامية من حيث الطلب على الطاقة».
وتتمتع السعودية بفضل مركزها كأكبر منتج للنفط في منظمة «أوبك» وامتلاكها خمس احتياطيات العالم من النفط بميزة على المنتجين الآخرين عندما يتنافسون على أسواق جديدة. وتحرص المصافي الآسيوية المتعطشة للطاقة - التي تكون غالبا مملوكة للدولة - على ضمان إمدادات مستقبلية من الطاقة من خلال عقود طويلة الأجل مع البلد الأكثر قدرة على إمدادها بالنفط.
وقال كيرش «ليس هناك منتج يستطيع وحده حقا منافسة السعودية في الصين في الأجل الطويل»، «الصين سوق رئيسية والسعودية لا ترغب في فقد حصتها من السوق هناك. أنها لا ترغب في فقدها لمصلحة روسيا و إيران. وهذا جزء من السبب في أنهم سيواصلون المضي قدما في إبرام اتفاقات طويلة الأجل مع المصافي في الصين».
وإحدى هذه الاتفاقات هو إمداد مصفاة فوجيان في الصين التي تملك «أرامكو السعودية» الحكومية فيها حصة قدرها 25 في المائة. وتعتزم الرياض شحن 200 ألف برميل يوميا إلى مصفاة فوجيان هذا العام بعد أن بدأت المصفاة عمليات التشغيل في 2009. وتتطلع «أرامكو» أيضا للاستثمار في مصفاة صينية أخرى وهي محطة تعمل بطاقة 200 ألف برميل يوميا وتقع في ميناء تشينجداو في جنوب البلاد. ويسعى منتجون آخرون إلى إبرام اتفاقات مشابهة مع الصين. وترغب الكويت في بناء مصفاة في حين تتطلع قطر للاستثمار في محطة بتروكيماويات. ومع تضاؤل الفرصة لبيع إمدادات قائمة أو إضافية في مكان آخر يسعى المنتجون أيضا إلى بيع مزيد من النفط للصين في الأجل القصير. ووافقت السعودية على زيادة إمداداتها من النفط الخام إلى الصين 12 في المائة في 2010 مقارنة بـ 2009 في حين وافقت الكويت على زيادة الإمدادات 50 في المائة وقال العراق: إنه سيزيد شحناته من النفط إلى الصين أكثر من الضعفين.

الأكثر قراءة