أئمة المسجد وظاهرة الطلاق
جمعتني جلسة مع الداعية الفاضل الشيخ عبد الله العبدلي أحد أعضاء مكتب الدعوة والإرشاد في مكة المكرمة، وقد كنت أستمع إليه وهو يتحدث عن ظاهرة أخذت في التنامي حتى أصبحت خطرا يهدد المجتمع، تلكم الظاهرة هي ظاهرة الطلاق وهي ظاهرة واضحة للعيان يقول فضيلته: إن قضايا الطلاق التي تأتي للمكتب كثيرة، ونسبة الصلح فيها قليلة رغم الجهود المبذولة من القائم على هذا العمل، لكن المشكلة أن هناك قناعات لدى الأزواج بأنه من الصعوبة بمكان استمرار الحياة الزوجية، رغم وجود عدد من الأطفال لديهما في أحايين كثيرة، وأكثر ما يؤلمني أن بعض هؤلاء لديه أربعة أطفال فما فوق ومع ذلك مصرون على الطلاق، إلى هنا انتهى حديثي مع هذا الداعية الفاضل، وبدوري أضيف أن هناك إحصائية أصدرتها وزارة العدل عن معدلات الطلاق في السعودية أصابتنا بالخوف والهلع، تقول هذه الإحصائية لقد ارتفعت معدلات الطلاق بين صفوف المتزوجين في السعودية إلى 24 ألف حالة في عام 2005. كما ذكرت إحصائيات حديثة لوزارة العدل أن صكوك الطلاق ارتفعت لتمثل 24 في المائة من إجمالي عقود الزواج التي بلغت 105066 عقدا والمسجلة في المحكمة هذا عدا العقود التي تمت ولم تسجل في المحكمة.
ويرجع اختصاصيون السبب الذي يؤدي لارتفاع هذه المعدلات إلى عوامل كثيرة أبرزها أن الجيل الحالي لا يعي ثقافة الحقوق والواجبات الزوجية، وأن كلمة الطلاق من أسهل الكلمات التي يطلقها المتزوجون الجدد دون إدراك لخطورتها وتداعياتها على المجتمع، إلى جانب الجفاف العاطفي الذي يكتنف جوانب الحياة الزوجية دون مراعاة من قبل الزوجين لأهمية التعاطي مع الحياة الزوجية.
وشخصيا أرى أن المسؤولية عامة للتوعية بخطر تزايد هذه الظاهرة وأنه يمكن إنقاذ كثير من حالات الطلاق من خلال التوعية المستمرة، وإيجاد الدورات الأسرية للأزواج لعل وعسى أن تؤتي ثمارها وتبعد شبح الطلاق، ويمكن أن يسهم أئمة المساجد في هذه الحملة التي لا بد من دعمها من وسائل الإعلام المختلفة لإيصال رسائل تدعو إلى التفاهم بين الزوجين وإلى حياة أفضل بينهما، خصوصا حديثي العهد بالزواج، ويمكن أن تسهم الدورات الأسرية التي تشرف عليها مكاتب ذات اهتمام بالاستشارة الأسرية، وقد نجحت مثل هذه الدورات إلى حد كبير في معالجة بعض جوانب القصور بين الزوجين، لأن أصل مشكلات الزواج يكون نتيجة لعدم فهم الزوجين بعضهما بعضا، وكذلك عدم معرفة الحقوق والواجبات التي عليهما لبعضهما البعض مما يتسبب في حدوث الطلاق، فلا بد من التنبه لخطر الطلاق وبذل كثير من العمل المثمر كي يتم تلافي وقوع الأزواج ضحية للمشكلات الزوجية التي تدفعهم لاتخاذ هذا القرار الصعب، الذي يفكك الأسرة الواحدة ويفرق الأطفال عن والديهم، وهذا الأمر الذي نخشى أن يستمر وقوعه، ويكون أثره خطيراً في المجتمع، ولذا أدعو أئمة المساجد أن يكون لهم مساهمة فاعلة في توجيه الناس في خطب الجمعة وفي الكلمات التي يمكن أن تلقى بعد الصلوات المفروضة بخطر الطلاق نسأل الله أن يقي مجتمعنا خطر هذه الظاهرة المتزايدة التي بدأت تعصف بمجتمعنا إنه جواد كريم.