الأزمات المالية العالمية تضع مفهوم حوكمة الشركات ضمن الأولويات

الأزمات المالية العالمية تضع مفهوم حوكمة الشركات ضمن الأولويات

أصدرت هيئة السوق المالية كتيباً تعريفياً تثقيفياً عن ''حوكمة الشركات'' في إطار جهودها الرامية إلى دعم وتعزيز ثقافة حوكمة الشركات بين المستثمرين في سوق الأسهم السعودية. ومن أهم الموضوعات التي تناولها الكتيب الحقوق العامة للمساهمين وما يتعلق بها من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، وحق الحصول على المعلومات، والتصويت. كذلك تضمن الكتيب شرحاً لمتطلبات الإفصاح والشفافية كمحورين رئيسين من محاور الحوكمة. ومن الجوانب المهمة التي تطرق إليها الكتيب أيضاً المهام الأساسية لمجلس الإدارة، وشرح تصنيف أعضاء مجلس الإدارة ووظائفهم الرئيسة. وقدم الكتيب إلى جانب ذلك شرحاً ميسراً للجان المنبثقة عن مجلس الإدارة، فحدد مهام لجنة المراجعة ولجنة المكافآت والترشيحات. ويقع الكتيب في 11 صفحة تعرض بأسلوب سلس تعريف حوكمة الشركات وفوائد وأهمية تطبيق الحوكمة في الشركات. كذلك تطرق الكتيب إلى المحاور الرئيسة للائحة حوكمة الشركات المدرجة في السوق السعودية، التي على المهتم أن يكون على دراية وافية وكاملة بها.
واعتبر الكتيب حوكمة الشركات من الموضوعات المهمة لجميع الشركات المحلية والعالمية في عصرنا الحاضر، بالنظر إلى أن الأزمات المالية التي عانى بسببها الاقتصاد العالمي وضعت مفهوم حوكمة الشركات ضمن الأولويات. وتركز أنظمة و قوانين الحوكمة في العالم على الحد من استخدام السلطة الإدارية في غير مصالح المساهمين، وتعمل على تفعيل أداء مجالس الإدارة في تلك الشركات، وكذلك تعزيز الرقابة الداخلية ومتابعة تنفيذ الاستراتيجيات وتحديد الأدوار و الصلاحيات لكل من المساهمين ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وأصحاب المصالح علاوة على تأكيد أهمية الشفافية والإفصاح. إن مفهوم حوكمة الشركات منهج إصلاحي و آلية عمل جديدة من شأنها ترسيخ نزاهة المعاملات المالية بوضع محددات تخدم المصالح العامة والحقوق الخاصة للمساهمين.

لماذا حوكمة الشركات ؟
يوضح الكتيب أن الشركات التي تطبق مبادئ الحوكمة تعزز مستوى الثقة والاطمئنان لدى مساهميها على استثماراتهم، لأن ذلك يعد مؤشراً على دراية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بالمخاطر التي تحيط بالشركة وبالتالي قدرتها على إدارة هذه المخاطر والحد منها، مما يساعد المستثمر على اتخاذ قراره الاستثماري مع مراعاة المعايير الأساسية الأخرى للاستثمار؛ وذلك أن ممارسة الشركات للحوكمة ممارسة فعالة تؤدي إلى جذب المستثمرين واكتساب ثقتهم لما لهذه الشركة من ميزات أهمها توفير العدالة والشفافية لجميع أصحاب المصالح. ويشير إلى أن معظم المستثمرين يلجأون إلى أصحاب الخبرات لإدارة أعمال الشركات التي يستثمرون بها نظراً إلى افتقارهم للوقت الكافي والخبرات اللازمة لإدارة تلك الشركات. ومن هذا المنطلق تبرز الحاجة إلى تطبيق الحوكمة التي تعزز ثقة الملاك بأن أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية للشركة ملتزمون بتحقيق أهداف الشركة والحفاظ على حقوقهم.
وتتمثل التحديات التي تواجه الملاك في أن أصحاب الخبرات من المديرين ليسوا في الغالب من ملاك الشركة، فمن المحتمل أن يغلَب المدير مصالحه الشخصية على مصالح الملاك، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تطبيق حوكمة الشركات؛ وذلك ببناء الأدوار التي تهدف إلى تكامل وتعزيز العلاقة بين إدارة الشركة وملاكها وجميع الأطراف من أصحاب المصالح ومن ثم تحقيق مبدأ العدالة والشفافية.

ما المقصود بالحوكمة ؟
يُقصد بحوكمة الشركات ذلك النظام الذي يحدَد من خلاله حقوق ومسؤوليات مختلف الأطراف كمجلس الإدارة والمديرين والمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح في الشركة.
وتعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حوكمة الشركات بأنها مجموعة من العلاقات بين إدارة الشركة ومجلس الإدارة والملاك وجميع الأطراف ذات العلاقة، فهي الهيكل الذي من خلاله يتم تحديد أهداف الشركة ومراقبة الأداء والنتائج والتوجيه بالأسلوب الناجح لممارسة وإدارة السلطة، والذي من خلاله تقدَم جميع الحوافز اللازمة إلى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العُليا في سعيهما إلى تحقيق الأهداف المتفق عليها لخدمة مصالح الشركة ومساهميها وفق إجراءات المراقبة والتوجيه الأمثل لاستخدام موارد الشركة بكفاءة وفعالية.

أهمية وفوائد حوكمة الشركات
يوضح الكتيب الذي أصدرته هيئة السوق المالية أهمية حوكمة الشركات في من جوانب متعددة لعل من أهمها: الاقتصاد: تُسهم حوكمة الشركات في رفع مستوى كفاءة الاقتصاد لما لها من أهمية في المساعدة على استقرار الأسواق المالية ورفع مستوى الشفافية وجذب الاستثمارات من الخارج والداخل على حد سواء، بالإضافة إلى تقليص حجم المخاطر التي تواجه النظام الاقتصادي.
الشركات: إن تطبيق مبادئ الحوكمة يساعد الشركات على خلق بيئة عمل سليمة تعين الشركة على تحقيق أداء أفضل مع توافر الإدارة الجيدة ولذا تكون القيمة الاقتصادية للشركة أكبر، بالإضافة إلى أن الحوكمة الرشيدة تساعد الشركات على الوصول إلى أسواق المال والحصول على التمويل اللازم بتكلفة أقل مما يعينها على التوسع في نشاطها، وتقليل المخاطر, وبناء الثقة مع أصحاب المصالح.
المستثمرون وحملة الأسهم:  تهدف حوكمة الشركات إلى حماية الاستثمارات من التعرض للخسارة بسبب سوء استخدام السلطة في غير مصلحة المستثمرين وترمي أيضاً إلى تعظيم عوائد الاستثمار وحقوق المساهمين والقيمة الاستثمارية علاوة على الحد من حالات تضارب المصالح؛ إذ إن التزام الشركة تطبيق معايير الحوكمة يُفعَل دور المساهمين في المشاركة في اتخاذ القرارات الرئيسة المتعلقة بإدارة الشركة ومعرفة كل ما يرتبط باستثماراتهم.
أصحاب المصالح الآخرين: تسعى الحوكمة إلى بناء علاقة وثيقة وقوية بين إدارة الشركة والعاملين فيها ومورديها ودائنيها وغيرهم، فالحوكمة الرشيدة تعزز مستوى ثقة جميع المتعاملين للإسهام في رفع مستوى أداء الشركة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

الحوكمة في المملكة
حقوق المساهمين: إن من أهم محاور حوكمة الشركات المساهمين الذين لهم حق الحصول على جميع حقوقهم المتصلة بالسهم، خاصة الحق في الحصول على نصيب من الأرباح التي يتقرر توزيعها، والحق في الحصول على نصيب من موجودات الشركة عند التصفية، وحق حضور جمعيات المساهمين والاشتراك في مداولاتها والتصويت على قراراتها، وحق التصرف في الأسهم، وحق مراقبة أعمال مجلس الإدارة ورفع دعوى المسؤولية على أعضاء المجلس، وحق الاستفسار وطلب معلومات بما لا يضر بمصالح الشركة ولا يتعارض مع أنظمة السوق المالية.
ولعل من أهم الآليات في حصول المساهمين على حقوقهم في التصويت لاختيار أعضاء مجالس الإدارات هو التصويت التراكمي.

التصويت التراكمي
هو أسلوب تصويت لاختيار أعضاء مجلس الإدارة يمنح كل مساهم قدرة تصويتية بعدد الأسهم التي يملكها، بحيث يحق له التصويت بها لمرشح واحد أو تقسيمها بين من يختارهم من المرشحين دون وجود تكرار لهذه الأصوات. ويزيد هذا الأسلوب من فرص حصول مساهمي الأقلية على تمثيل لهم في مجلس الإدارة عن طريق تركيز الأصوات التراكمية على مرشح واحد.
وعلى سبيل المثال: إذا كان لشركة ما (ثلاثة مقاعد ) شاغرة للتصويت في مجلس الإدارة فإن كل مستثمر يستطيع التصويت على النحو التالي:
مستثمر (أ) يملك 350.000 سهم.
مستثمر (ب) يملك 120.000 سهم.
 وهكذا يستطيع كل من المستثمرين توزيع أصواتهم على الأعضاء أو تركيزها على عضو واحد لضمان ممثل له في مجلس الإدارة: في هذه الحالة ضمن مستثمر (ب) " المرشح الثاني" ممثلاً له في مجلس الإدارة من خلال تركيز جميع أسهمه, في حين حد نظام التصويت التراكمي المستثمر (أ) من السيطرة على جميع المقاعد.
ويحق للمساهم أن يوكل عنه مساهماً آخر من غير أعضاء المجلس لتمثيله في التصويت.ولا يجوز للشخص ذي الصفة الاعتبارية, الذي يحق له بحسب نظام الشركة تعيين ممثلين له في مجلس الإدارة التصويت على اختيار الآخرين في مجلس الإدارة.

التصويت من بعد
أوضح الكتاب أنه تم أخيراً تطبيق آلية التصويت من بعد بهدف زيادة حجم وتسهيل مشاركة المساهمين في اجتماع الجمعية العامة ومن ثم رفع كفاءة وفاعلية تلك الاجتماعات حيث تبرز الحاجة إلى تطبيق هذه الآلية الحديثة لمواكبة التطورات وتطبيق أحدث التقنيات التي من شأنها تذليل العقبات التي قد تحول دون مشاركة المساهمين أو انعقاد الجمعية. وبموجب هذه الآلية يستطيع المساهم ممارسة حق التصويت دون الحاجة إلى أن يكون في مقر انعقاد الجمعية، علاوة على أن ذلك يساعد الشركات على ضمان اكتمال النصاب وانعقاد الجمعيات، إلى جانب خفض مصروفات الشركات المدرجة الناتجة عن عدم انعقاد الجمعيات في الأوقات المحددة لها.

الإفصاح والشفافية وحوكمة الشركات
إن الإفصاح والشفافية من أهم مبادىء حوكمة الشركات وذلك لتمكين المساهمين من الحصول على المعلومات المطلوبة بشفافية وعدالة، ولذلك فإن الشركات المدرجة في السوق المالية مطالبة بوضع سياسات الإفصاح وإجراءاته وأنظمتها الإشرافية مكتوبة. كذلك على الشركات أن يرافق قوائمها المالية تقرير صادر عن مجلس الإدارة يتضمن عرضاً لعمليات الشركة خلال السنة المالية المنصرمة، والعوامل المؤثرة في أعمالها التي تساعد المستثمر على تقييم أصول الشركة وخصومها ووضعها المالي، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يتضمن تقرير مجلس الإدارة ما طُبق وما لم يطبَّق من أحكام لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية مع ذكر أسباب عدم التطبيق.

مجلس الإدارة
إن عضوية مجلس الإدارة تنطوي على مسؤوليات جمة، ومن أهم الوظائف الأساسية لمجلس الإدارة:
اعتماد التوجهات الاستراتيجية والأهداف الرئيسة للشركة والإشراف على تنفيذها.
وضع أنظمة وضوابط للرقابة الداخلية والإشراف العام عليها.
وضع نظام حوكمة خاص بالشركة لا يعارض أحكام لائحة حوكمة الشركات, والإشراف العام عليه ومراقبة مدى فاعليته وتعديله عند الحاجة.
صياغة سياسات ومعايير وإجراءات واضحة ومحددة للعضوية في مجلس الإدارة ووضعها موضع التنفيذ بعد إقرار الجمعية العامة لها.
وضع سياسة مكتوبة تنظم العلاقة مع أصحاب المصالح من أجل حماية حقوقهم.

تصنيف أعضاء مجلس الإدارة
ينبغي أن يحافظ مجلس الإدارة على المستوى المطلوب من الاستقلالية في اتخاذ القرارات التي من شأنها تحقيق أهداف الشركة ومساهميها، لذا يتعين أن تكون غالبية أعضاء المجلس من الأعضاء غير التنفيذيين وأن لا يقل عدد الأعضاء المستقلين عن عضوين أو ثلث أعضاء المجلس أيهما أكثر. العضو التنفيذي: هو العضو الذي يكون متفرغاً لإدارة الشركة, أو يتقاضى راتباً شهرياً أو سنوياً منها. العضو غير التنفيذي: عضو مجلس الإدارة الذي لا يكون متفرغا لإدارة الشركة, ولا يتقاضى راتباً شهرياً أو سنوياً من منها.
العضو المستقل: هو عضو مجلس الإدارة الذي يتمتع بالاستقلالية التامة، ومما ينافي الاستقلالية على سبيل المثال لا الحصر أي من الآتي:
أن يملك حصة سيطرة في الشركة أو في شركة من مجموعتها.
أن يكون من كبار التنفيذيين خلال العامين الماضيين في الشركة أو في شركة من مجموعتها وأن يكون ذا صلة قرابة من الدرجة الأولى بعضو من أعضاء مجلس الإدارة في الشركة أو في شركة من مجموعتها.
أن يكون ذا صلة قرابة من الدرجة الأولى بأحد كبار التنفيذيين في الشركة أو في شركة من مجموعتها.
أن يكون عضو مجلس إدارة في شركة ضمن مجموعة الشركة المرشح لعضوية مجلس إدارتها. أن يكون موظفاً خلال العامين الماضيين لدى الأطراف المرتبطة بالشركة أو بشركة من مجموعتها كالمحاسبين الثانويين وكبار الموردين, أو أن يكون مالكاَ لحصص سيطرة لدى أحد تلك الأطراف خلال العامين الماضيين.

مسؤولية مجلس الإدارة
يتحمل مجلس الإدارة مسؤولية الشركة بشكل كامل حتى لو شكل لجاناً أو فوض إلى جهات أو أفراد آخرين القيام ببعض أعماله، وعلى المجلس تجنب إصدار تفويضات عامة أو غير محددة المدة إذ يجب تحديد مسؤوليات مجلس الإدارة تحديداً واضحاً في نظام الشركة الأساس. ويتعين على مجلس الإدارة أن يؤدي مهماته بمسؤولية وحسن نية وجدية واهتمام. ويمثل عضو مجلس الإدارة جميع المساهمين، وعليه أن يلتزم تحقيق مصلحة الشركة عموماً وليس تحقيق مصالح المجموعة التي يمثلها أو التي صوتت على تعيينه في مجلس الإدارة.

الأكثر قراءة