تقرير: 48.3 مليار حصص الصناديق الحكومية في 2010

تقرير: 48.3 مليار حصص الصناديق الحكومية في 2010

أكد تقرير مصرفي حديث أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثّرت في كيفية تمويل المشاريع، إلا أنّ هدف الحكومة السعودية تمثّل في عدم السماح للظروف الائتمانية الصعبة بتعطيل المشاريع. وقال التقرير الصادر عن البنك السعودي الفرنسي إن الدور التمويلي لصندوق الاستثمارات العامة وباقي صناديق التمويل الحكومية تعزز نتيجةً لحرص الحكومة على ضمان التقدّم على جميع جبهات توسيع البنى التحتية للبلاد.
وخصصت الحكومة في موازنة 2010 مبلغ 48.3 مليار ريال سيتم صرفه لمؤسسات الائتمان المتخصصة.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

أكد تقرير صادر عن البنك السعودي الفرنسي أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثّرت في كيفية تمويل المشاريع، إلا أنّ هدف الحكومة السعودية تمثّل في عدم السماح للظروف الائتمانية الصعبة بتعطيل المشاريع. وكمثال واضح على هذه السياسة، أعلنت الحكومة في أيار (مايو) الماضي أنّ منشأة رأس الزور لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر في شرق المملكة، والتي تُقدّر تكلفتها الاجمالية بنحو 22.5 مليار ريال، لن تُعتبر مشروعاً مائياً وكهربائياً مستقلاً ـ وهذه آلية أدخلتها الحكومة لدعم تمويل المشاريع المحدّدة للقطاع الخاصّ أسوةً بمشاريع القطاع العام. ثمّ أكّدت الحكومة السعودية دعمها لهذا المشروع في تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث أعلنت أنها ستموله بالكامل لخفض تكاليفه.
وقال التقرير الذي أعده الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك وتركي بن عبد العزيز الحقيل المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك، إن الدور التمويلي لصندوق الاستثمارات العامة وباقي صناديق التمويل الحكومية تعزز نتيجةً لحرص الحكومة على ضمان التقدّم على جميع جبهات توسيع البنى التحتية للبلاد، وحتى على مستوى المشاريع التي مُنحت أصلاً إلى القطاع الخاصّ.
وخصصت الحكومة في موازنة 2010 مبلغ 48.3 مليار ريال سيتم صرفه لمؤسسات الائتمان المتخصصة، بما في ذلك صندوق الاستثمارات العامة، صندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية العقارية، البنك السعودي للتسليف ومصرف الادخار، صندوق تنمية الزراعة وبرنامج الإقراض الحكومي. التخصيص المتوقع هو 20 في المائة أعلى من ميزانية عام 2009 وخمسة أضعاف أكثر من مخصصات ميزانية عام 2005.
وتُمثّل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية أحد هذه المشاريع العملاقة التي أوكل تنفيذها إلى القطاع الخاصّ، والتي يُعمل حالياً على إنجازها على شاطئ البحر الأحمر شمالي جدة. وتشتمل هذه المدينة على منطقة صناعية وميناء بحري ومجمعات سكنية، وتُقدّر الاستثمارات التي ستحتاج إليها بأكثر من 100 مليار ريال. لكنّ شركة إعمار لبناء المدن الاقتصادية، وهي الشركة السعودية المسؤولة عن تنفيذ مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية العملاقة، سجّلت تأخيرات متتالية في تسليم الوحدات السكنية والتجارية والميناء البحري الضخم بسبب إحجام المستثمرين عن الانخراط في تمويل هذا المشروع. وفي حال إقدام إحدى المؤسسات الحكومية السعودية على تقديم تسهيلات تمويلية إلى شركة إعمار المدينة الاقتصادية، وهذا أمرٌ متوقّع لتفادي المزيد من التأخيرات في إنجاز المشروع، سوف تمثل هذه الخطوة مثالاً آخر على استخدام الأموال العامة في دعم المشاريع ذات ألهمية الستراتيجية، حتى وإن لم تقع ضمن المسؤولية المباشرة للدولة. ونحن نتوقّع أنْ يستمرّ هذا الاتجاه بسبب أسعار الفائدة المرتفعة للقروض المعروضة على القطاع الخاصّ وانتشار سياسة تفادي المخاطر بين البنوك السعودية الخاصّة.
وفي تموز (يوليو) 2009، حصلت الشركة السعودية للكهرباء، وهي شركة مملوكة للدولة، من صندوق الاستثمارات العامة على قرض ميسّر لمدّة خمس عشرة سنة بلغت قيمته 2.6 مليار ريال سعودي، وذلك لدعم المشاريع التي تنفّذها هذه الشركة في العاصمة السعودية، الرياض. وفي هذه الأثناء، تطوّر المؤسسة للتقاعد مركز الملك عبد الله المالي الذي تُقدّر تكلفته بنحو 29 مليار ريال.
وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، دعت الحكومة شركة أرامكو السعودية إلى بناء منشأة جيزان المقترَحة لتكرير النفط والتي تراوح طاقتها التكريرية ما بين 250 ألفا و400 ألف برميل يومياً، علماً بأنها صُنّفت أصلاً كمشروع مستقل؛ وجاء ذلك بعدما اجتذب المشروع عرضين فقط من شركات النفط المحليّة وبعد غياب اهتمام الممولين الدوليين به. وبفضل الدعم الحكومي، يبدو من المرجّح أنْ تبدأ المصفاة عملها في عام 2015. وتمثّل هذه المصفاة جزءاً من مشروع مدينة جيزان الاقتصادية الضخمة الذي أُعلن عنه عام 2006، والذي اجتذب من الاستثمارات الخاصّة أقل مما كان متوقعاً. ويهدف هذا المشروع إلى تصنيع منطقة جيزان الأقل نمواً الواقعة في جنوب غرب المملكة. ويكتسي المشروع أهمية استراتيجية بالنسبة للبلاد بسبب تنامي الطلب على مشتقات النفط في منطقة جيزان وما وراءها.
على صعيد ثان، قال التقرير إن التوقعات المتوافرة حالياً تشير إلى إمكانية حدوث تقلبات كبيرة في أسعار النفط التي قد تتأرجح ما بين 70 دولاراً وأكثر من 80 دولاراً للبرميل. وسيستمر تقلّب أسعار النفط واحتمال انخفاضها كلما عزّز الدولار قوّته وتراجع الطلب على النفط إلى ما دون المستويات المتوقعة، واتسم تعافي الاقتصاد العالمي بالهشاشة والبطء. ويقول التقرير «نظراً إلى رجوح كفّة هذه العوامل التي قد تساهم في خفض أسعار النفط، سيكون من الصعب، أنْ يتراوح المتوسط السنوي لسعر برميل النفط بين 70 و80 دولاراً عام 2010. وبلغ متوسّط سعر برميل مزيج غرب تكساس 62 دولاراً في عام 2009. لذا، يتعيّن على هذا السعر أنْ يرتفع بنسبة 37 في المائة خلال العام الجاري لكي يصل إلى 85 دولاراً؛ لكنّ مثل هذا الارتفاع سيكون الأكبر من نوعه منذ عام 2000ـ وهذا سيناريو غير معقول في ظل الدينامية الحالية. فقد بلغ متوسّط سعر برميل مزيج غرب تكساس 78.4 دولاراً لشهر كانون الثاني (يناير) بينما بلغ متوسط سعر برميل أرجوس 76.4 دولار قبل أن يتراجع الى 70.9 دولار للبرميل في التاسع من شباط (فبراير).
ويستبعد «السعودي الفرنسي» حدوث ما ذهبت إليه وكالة معلومات الطاقة عندما توقعت أنْ يبلغ متوسط سعر برميل النفط 80 دولاراً، إلا في حال وقوع اضطرابات جيو ـ سياسية في الشرق الأوسط؛ وهو ما يصعب التنبّؤ به. ومع أننا نتوقّع أنْ يبلغ متوسط سعر برميل النفط 78 دولاراً في عام 2010، إلا أننا سوف نراقب ونقيم العوامل التي تسهم في خفض أسعار النفط في وقت لاحق من العام الجاري لتصحيح هذا التوقّع عند اللزوم. إلى ذلك، نمت المخزونات الاحتياطية للدول المستوردة للنفط بشكل كبير، ما يعني أنّه من الضروري أنْ يسجّل الطلب على النفط قفزة كبيرة لكي تعود هذه المخزونات إلى مستوياتها المعهودة سابقاً.
ولم يكن مستوى نمو الطلب العالمي على النفط في أواخر عام 2009، كافياً لرفع أسعار النفط بشكل كبير خلال العام الجاري. وقد لا ينمو الطلب العالمي على النفط بما يكفي لإقناع منظمة أوبك بضرورة رفع إنتاجها لأن المستوى الحالي لإمدادات أسواق النفط جيّد، ولأنّ الدول الأعضاء قد لا تلتزم بمثل هذا القرار. وبالأحرى، إذا استمرّت مستويات الإمدادات النفطية الحالية، فإنّ خفض منظمة أوبك لمعدّل إنتاجها لن يكون مستبعداً في حال انخفاض سعر برميل النفط إلى ما دون الـ 70 دولاراً لفترة زمنية طويلة. لكن إذا تأرجحت أسعار النفط ما بين 70 دولاراً و80 دولاراً للبرميل، سيكون من غير المنطقي أنْ يتوقع المرء خفضاً وقائياً لمعدل إنتاج منظمة أوبك. ويدعم هذا المستوى من الأسعار قدرة المملكة على تأمين الاستثمارات اللازمة لتطوير طاقتها لإنتاج النفط في المستقبل.
وفي كانون الثاني (يناير)، أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أنّ ميزانيات الإنفاق الجاري في العالم، بما فيها ميزانيات الاستحواذ، انخفضت بنحو 90 مليار دولار أو بنسبة 19 في المائة عام 2009 - وهذا هو أوّل انخفاض في مثل هذه الميزانيات منذ عشر سنوات. بدوره، أوضح وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، علي النعيمي، الرؤية الاستثمارية للمملكة عندما قال أخيرا: «كلّ شخص ينظر إلى هذا السعر 70 دولاراً ـ 80 دولاراً للبرميل ويقول هذا عظيم. لكنّ الأهم هو ألا يُعرقل النمو الاقتصادي. ولهذا السبب قلت إنّ هذا السعر يكاد يكون مثالياً».
ومن المستبعد أنْ تشهد وُجهات صادرات المملكة من النفط ومشتقاته أيّ تحوّل جغرافي عام 2010. فقد اتجهت معظم الصادرات النفطية السعودية إلى شرق آسيا بنحو 52.7 في المائة، طبقا للبيانات النهائية لعام 2008، بينما اتجهت نحو 20 في المائة إلى الولايات المتّحدة. كما استوردت شرق آسيا معظم مشتقات النفط التي صدّرتها المملكة بنحو53.4 في المائة تلتها أوروبا بنسبة 8.2 في المائة ودول البحر المتوسط بنسبة 7.4 في المائة. وتمثّل صادرات المملكة النفطية إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية جزءاً مهماً من إجمالي صادراتها إلى شرق آسيا. ومثّل النفط السعودي 20.5 في المائة من إجمالي واردات الصين النفطية في عام 2009، بينما بلغ هذا الرقم 10 في المائة فقط في عام 2008. وتعتزم شركات النفط الصينية زيادة وارداتها من النفط السعودي بنسبة 12 في المائة في العام الجاري؛ وتشتمل هذه الزيادة على نحو 200 ألف برميل يومياً لشركة فوجيان (Fujian) المحدودة للبتروكيماويات وتكرير النفط، التي تمتلك شركة أرامكو السعودية 25 في المائة من أسهمها. وانخفض مستوى واردات اليابان من نفط المملكة بنسبة 6.6 في المائة بين عاميِّ 2008 و2009، بينما انخفض إجمالي واردات اليابان النفطية بنسبة 12.8 في المائة. لكنّ المملكة لا تزال أكبر مصدّر للنفط إلى اليابان حيث غطّت 30 في المائة من احتياجاتها النفطية في عام 2009.

الأكثر قراءة