رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ضحايا المعلمات .. شهيدات ينتظرن التكريم

''ضحايا حوادث السيارات'' هذه العبارة التي تتردد على مسامعنا كثيرا، ولا نكاد ننسى القصة السابقة حتى تطالعنا الأيام التالية بما هو أكثر مأساوية، وعدد الضحايا في استمرار. حتى أضحت حوادث الطرق من أكثر الوسائل دموية وقتلا في مجتمعاتنا. يذهب ضحية لوسائل النقل تقريبا من كل فئات المجتمع السنية والجنسية، إلا أن أكثرها وأعنفها هي الحوادث التي تطول المعلمات اللاتي يتنقلن لمسافات طويلة، لأداء واجبهن الوظيفي في نشر العلم، مع عدم التركيز على أساسيات السلامة لا من ناحية المركبات الناقلة ولا من ناحية قائدي هذه المركبات، الذين يرمون بأنفسهم وبمن ينقلون في بحور الخطر.
تبدأ الحكاية مع أغلب بناتنا وأخواتنا منذ قربهن من مشارف التخرج الجامعي. فتبدأ من توفق منهن لوظيفة في تكبد العناء والهم بالتفكير في مقر هذه الوظيفة من خريطة بلادنا المترامية، وكم سيقضين من ساعات في التنقل اليومي بين بيوتهن ومقار عملهن، حتى إن بعضهن يتنقلن لفترة قد تزيد على ثلاث الساعات ذهابا وجيئة، وهذا قد يعود بالأثر السلبي على عطائهن في أداء رسالتهن.
ثم تبدأ الأسر مجبرة في البحث عن وسيلة النقل التي غالبا ما تكون غير مناسبة من حيث القائد أو مركبته. فتتشبث هذه الأسر بأنصاف القادة وبمركبات شبه مستهلكة، ليس لأنهم يريدون التضحية ببناتهم، ولكن لندرة وجود من يقوم بهذه المهمة في ظل انشغال الأسر بأعمالهم الأخرى، وبعد مواقع العمل.
وتبدأ الحكاية، مع سائق - أحيانا - لا يهتم بامتلاكه المقدرة المناسبة لأداء هذه المهمة. ومركبة متهالكة قد تزال منها مقاعدها لزيادة عدد الركاب. وإدارة مدرسية تطالب بالعطاء الدائم، وأسره تحتاج الرعاية والاهتمام. لتبقى هذه المعلمة المسكينة، مرابطة ومجاهدة في سبيل نشر العلم وأداء واجبها الوطني والوظيفي والأسري.
ومع تعدد الحوادث، ومأساوية القصص، تذهب هؤلاء المعلمات مع تفكير دائم في أن ذهابهن سيكون الأخير، وأنهن قد يقعن يوما فريسة لهذا القاتل اللعين. فتختلط لديهن مشاعر الخوف مع مشاعر العطاء وإثبات الذات.
ويحدث ما كن يخشينه بأمر الله، فنسمع عن تلك القصص التي تتقطع لها القلوب. فهذه العربة تعرضت لحادث راح ضحيته كذا من المعلمات، والتي ماتت وأبناؤها بجوارها في هذه الرحلة، وهذه ماتت وهي حامل، وتلك للتو قضت شهر العسل، وهذه وتلك وهذه وتلك قصص لا يرغب أحد في حدوثها لقريبته أو حتى لبعيدة عنه.
الأكيد أن هذه الأمور مقدرة من الله، ولكن يجب أن توضع القوانين والاشتراطات اللازمة لضمان السلامة. وهنا أتساءل عن دور وزارة التربية والتعليم في حل مثل هذه القضايا، من خلال إيجاد الحلول الوظيفية المناسبة. وعندما نتحدث عن الحلول فهي كثيرة، لمن يبحث عنها.
كما أن وزارة المواصلات وإدارة المرور تتحملان جزءا من هموم هذه القضية، فتوفير المجال لشركات ناقلة أو توفير وسائل نقل وحلول أخرى، أصبح مطلبا ملحا في هذا الزمان. وتطبيق إجراءات صارمة وتفتيش ورقابة على من يقومون بهذه المهنة ومركباتهم أمر لا يجب السكوت عنه.
أيضا فإن حفظ حقوق هؤلاء الضحايا، وتكريمهن حتى بعد موتهن يكون له الأثر الكبير في نفوس أسرهن، وفي نفوس الضحايا المحتملة مستقبلا. إنهن يقمن بواجب وطني شريف، وفرضت عليهن هذه الأمور بغير رغبتهن، فأقل ما يجب أن يكرمن به، أن يعاملن معاملة شهداء الواجب في بقية قطاعات الدولة.
ختاما، أسأل الله العلي القدير أن يحفظ بناتنا وأبناءنا من كل مكروه، وأتمنى أن يصل صوتي هذا لكل مسؤول عن السيناريو الحاصل أعلاه، لنرى الحلول الإبداعية في حل هذه المشكلة الأزلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي