هل يوجد لدينا تأمين تعاوني شرعي وآخر نظامي؟! 1 من 3
عادت قضية شرعية التأمين إلى السطح عندما جنح ديوان المظالم في أحكامه الأخيرة إلى إبطال بعض قرارات لجان حسم منازعات التأمين استناداً إلى أن العمل الذي تقوم به شركات التأمين هو عمل مخالف للتأمين التعاوني الذي نص عليه النظام، وأن اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني خالفت النظام حينما ألزمت الشركات بتوزيع فائض عمليات التأمين بين المشتركين والمساهمين بينما التأمين التعاوني يقتضي أن يتم توزيع الفائض في حال توافره على المشتركين فقط.
وحتى يتم فهم هذه المشكلة بشكل دقيق فإن نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني لم ينص صراحة على ضوابط معينة لعمل شركات التأمين التعاوني وإنما قرر أن تعمل شركات التأمين التي يُرخص لها وفق أسلوب التأمين التعاوني طبقاً لما هو معمول في النظام الأساس لشركة التعاونية للتأمين. وحينما صدر النظام فإن التعاونية للتأمين كانت هي الشركة الوحيدة المرخص لها في السوق وكانت أسهمها في ذلك الحين مملوكة بالكامل للدولة، وعلاوة على ذلك فإن النظام اشترط أن تكون شركات التأمين التي يرخص لها شركات مساهمة، أي أن النظام قرر شكلاً معيناً لشركات التأمين وكذلك أسلوباً معيناً في العمل.
ففيما يتعلق بالشكل فإن شركات التأمين تخضع إلى أحكام نظام الشركات سواء من حيث الأحكام العامة للشركات أو من حيث الأحكام المتعلقة بالشركات المساهمة تحديداً باعتبارها شركات مساهمة. ولعل أهم ما يقضي به نظام الشركات هو تنظيم حقوق الشركاء وكذلك المساهمين، فالمادة السابعة من نظام الشركات تنص على أن الشركاء جميعهم يتقاسمون الأرباح والخسائر. كما أن الاتفاق على حرمان أحد الشركاء من الربح أو إعفائه من الخسارة يُعد باطلاً ولا يُعمل به، ونجد كذلك أن الفقرة الأولى من المادة 108 من نظام الشركات تنص على أنه تثبت للمساهم جميع الحقوق المتصلة بالسهم وعلى وجه الخصوص الحق في الحصول على نصيب من الأرباح التي يتقرر توزيعها.
وفيما يتعلق بأسلوب التأمين التعاوني الذي نص عليه نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، فإن أهم مرجعية يتم الاستناد إليها لتحقيق ما يقضي به النظام هي المادة 43 من النظام الأساس للتعاونية للتأمين، وقد تبنت اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في المادة 70 منها مضمون هذه المادة والتي تقرر أن يكون لشركة التأمين حسابان مستقلان عن بعضهما وهما: حساب المشتركين وحساب المساهمين، فحساب المشتركين يشمل الأقساط المكتسبة وعمولات إعادة التأمين والعمولات الأخرى وحساب للتعويضات المتكبدة من الشركة، ويتم توزيع الفائض الصافي إما بتوزيع نسبة 10 في المائة للمؤمن لهم مباشرة، أو بتخفيض أقساطهم للسنة التالية، ويرحل ما نسبته 90 في المائة إلى حساب المساهمين وهذا الأخير مستقل عن حساب المشتركين.
ولذلك فإن اللائحة التنفيذية لم تخالف نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني وإنما أخذت بما أحال عليه النظام وعملت به تماماً، ولذلك فإن القول أو الحجة التي يتم على أساسها إبطال أحكام لجان حسم منازعات التأمين تأسيساً على أن اللائحة اشترطت على شركات التأمين أسلوب العمل بالتأمين التجاري المحرم شرعاً على عكس ما يقضي به النظام هو قول غير دقيق وأن الاستناد إلى النظام لتقرير هذا البطلان هو في غير محله إطلاقاً، بل إن اللائحة والنظام يكملان بعضهما البعض في هذه المسألة تحديداً ولا يتعارضان أبداً.
بقيت مسألة أخرى وهي مناقشة فرضية أن الاشتراطات النظامية المتعلقة بالتأمين التعاوني والتي تعمل وفقاً لها شركات التأمين التعاوني في المملكة هي اشتراطات مخالفة للأحكام الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني وهذا هو ما سأتعرض له في الحلقة الثانية إن شاء الله.