بيانات الوظائف الأمريكية تستنزف الأسواق من الشرق إلى الغرب
التقرير الذي ينتظره المراقبون بفارغ الصبر حول الوظائف الأمريكية أدى في البداية إلى إحداث مشاعر الهدوء التي كانت الأسواق بحاجة ماسة إليها، حيث أظهرت الأرقام التي نشرتها وزارة العمل الأمريكية أن 20 ألف شخص خسروا وظائفهم في كانون الثاني (يناير)، في مقابل التوقعات من إجماع المحللين بأنه ستكون هناك زيادة صغيرة.
لكن عمليات البيع المكثف عادت إلى ''وول ستريت'' نهاية الأسبوع الماضي، ما دفع بمؤشر ستاندارد أند بورز إلى الأدنى بنسبة 1.1 في المائة. لكن التداولات استمرت على نحو من التقلب الكبير، حيث ارتفع مؤشر فيكس بنسبة 9 في المائة. في البداية ركزت الأسواق على معدلات البطالة الأساسية، التي هبطت بنسبة 9.7 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ خمسة أشهر، حيث جرى تعديل بعض الأرقام على اعتبار أن عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية ارتفع بمقدار 64 ألف وظيفة، بعد أن ذُكِر في وقت سابق أن الزيادة بلغت أربعة آلاف وظيفة.
هذه الأرقام أزالت بعض الخوف من الأسواق، في الوقت الذي أخذت فيه بورصة لندن والبورصات الأوروبية بالتعويض عن خسائرها السابقة. لكن المخاوف حول استمرار عمليات التسريح ومشاعر القلق حول السندات الحكومية في أوروبا سرعان ما انتشرت في الأسواق.
في لندن هبط مؤشر فاينانشال تايمز 100 بنسبة 1.5 في المائة في أعقاب الإعلان. وقبل الإعلان عن الأنباء كان المؤشر يسير عند 1.6 في المائة إلى الأدنى. وهبط مؤشر يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 2.1 في المائة.
وكان معظم الاقتصاديين يتوقعون زيادة متواضعة في عدد الوظائف، حيث أظهر استبيان أجرته وكالة بلومبيرج مع 85 اقتصادياً أنهم يتوقعون ارتفاع عدد الوظائف بمقدار 15 ألف وظيفة لكانون الثاني (يناير)، بعد الهبوط المفاجئ في كانون الأول (ديسمبر) بمقدار 85 ألف وظيفة.
وأظهرت الأشهر الأخيرة تراجعاً في وتيرة معدلات التسريح من العمل فقد أشارت بيانات كانون الثاني (يناير) الماضي إلى أن عدد العاملين الذين تم تسريحهم في القطاعات غير الزراعية تراجع بمقدار 741 ألف وظيفة، وهو أسوأ معدل للهبوط منذ ستة عقود. وجاءت الأرقام الخاصة بالقطاعات غير الزراعية في الوقت الذي كانت فيه الأسواق العالمية تعاني أصلاً مخاوف العدوى بعد هبوط مؤشر هانج سينج في هونج كونج بنسبة 3.3 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ خمسة أشهر، وبعد هبوط مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 2.9 في المائة.
وهبط مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.9 في المائة، حيث كانت أسهم شركات الموارد الطبيعية في طليعة الأسهم المتراجعة، في أعقاب الهبوط الذي أصاب أسعار السلع يوم الخميس. واستمرت المخاوف حول القيود التي يمكن أن تفرضها الحكومة الصينية على الإقراض، وإمكانية رفع أسعار الفائدة، استمرت في إلقاء ثقلها على الأسواق.
وفي أوروبا كانت هناك أرقام قياسية جديدة في أسعار معدلات التأمين على السندات اليونانية والبرتغالية. لكن في فترة العصر بدا أن المخاوف من العدوى أخذت في التراجع، على اعتبار أن تكاليف التأمين على السندات الحكومية اليونانية هبطت بنسبة ست نقاط أساس لتصل إلى 409 نقاط أساس فوق معدلات التأمين على السندات الحكومية الألمانية، وهو معدل يقل عن النسبة التي سجلتها السندات في كانون الثاني (يناير) الماضي عند 421 نقطة أساس. وهبط الفرق في معدلات التأمين على السندات الحكومية البرتغالية بنسبة نقطتي أساس عند 224 نقطة أساس، بعد أن ارتفعت بنسبة ثلاث نقاط أساس في التعاملات.
العدوى من السندات الحكومية اليونانية عبر سوق السندات في منطقة اليورو ظلت المحور الأساس لمشاعر القلق، وفقاً للمحللين، في أعقاب الزيادات التي سُجِّلت يوم الخميس في عوائد السندات الحكومية في البلدان الثانوية مثل البرتغال وإسبانيا. وقال بنك جولدمان ساكس في مذكرة: ''فيما يتعلق بالعدوى حول السندات الحكومية، وفي حين أن الكثير يعتمد على استجابة اليونان ومنطقة اليورو، فإننا نعتقد أن بقية جنوب أوروبا وأيرلندا هي أقل تعرضاً للتقلبات بكثير من اليونان، وذلك بالنظر إلى انخفاض متطلبات التمويل الحكومي. مع ذلك فإن بنوك التجزئة المحلية في جنوب أوروبا تظل معرضة للتقلبات أمام توسع الفروق في معدلات التأمين على السندات إذا انتشرت العدوى.''
واندفعت سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، حيث هبط العائد عليها بنسبة ست نقاط أساس ليصل إلى 3.55 في المائة. كذلك اندفعت السندات الحكومية في بلدان أخرى مثل سنغافورة وأستراليا. في تعاملات اتسمت بالتقلب، هبط سعر النفط بمقدار 1.94 دولار للبرميل، حيث بلغ سعر الخام الأمريكي 71.20 دولار للبرميل. أما الذهب فقد ارتفع بنسبة 0.1 في المائة بعد خسائره المبدئية، وكانت التداولات عند 1064 دولاراً للأوقية.