إلى هيئة الاستثمار
لا شك أن المملكة العربية السعودية تعد من أفضل نقاط جذب الاستثمار الأجنبي في المنطقة، وذلك لما تتميز به من مرونة في سياسة الانفتاح الاقتصادي ومتانة اقتصادها والحوافز والتسهيلات الاستثمارية المتاحة للمستثمر الأجنبي. ويتوقع أن يزداد الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة نتيجة التطورات الإيجابية في السياسات الاقتصادية والبنية التحتية المصاحبة.
خلال فترة العقد الماضي تزايدت حدة المنافسة بين الدول عالميا وإقليميا للحصول على النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية وجذبها للدخول في دورة الاقتصاد الوطني، حيث تسارع الاتجاه العالمي نحو مزيد من التحرر والتكامل الاقتصادي الدولي، وهذا يتطلب مراجعة مستمرة ومستفيضة للضوابط والسياسات والأنظمة التي تحكم تدفقات الرساميل الأجنبية حتى تتوافق مع التطورات المخطط لها والمتوقعة، وذلك بغرض إعطاء المرونة اللازمة على ضوابط تنظيم الاستثمار الأجنبي في المملكة ورفع درجة شفافيتها وتطوير حزم الحوافز التي تتيح للمستثمرين الأجانب حرية الحركة التجارية وكذلك حتى تتمكن المملكة من تحسين وضعها التنافسي على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة العالمية منها.
تصريح محافظ الهيئة العامة للاستثمار حول إلغاء تراخيص الشركات والمؤسسات غير الفاعلة، يفتح الباب أمام تطورات مهمة تستوجب ضرورة إعادة النظر في بعض أنظمة الهيئة العامة للاستثمار بدلا من إلغاء التراخيص، ومنها الحد الأدنى من رأس المال المطلوب ونسبة الشراكة المطلوبة للاستثمار الأجنبي التي تضمنها نظام الهيئة، وذلك بغرض تنقيحها وجعلها أكثر فاعلية في تشجيع تدفقات أكبر للرساميل الأجنبية إلى داخل البلاد.
حسب موقع الهيئة «رأس المال المطلوب للمؤسسة الفردية لنشاط الخدمات هو 100 ألف وللنشاط الصناعي مليون ريال ودون شرط وجود شريك سعودي في كلا النشاطين».
وفي رأيي، رأس المال بهذا الحجم لن يعطي القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، ولن يشكل نسبة تذكر في الناتج المحلي الإجمالي، والمستثمر الأجنبي برأسمال بهذا الحجم الصغير ودون شرط وجود شريك سعودي سيتجه إلى نشاطات خدمية وصناعية غير فاعلة وصغيرة الحجم مما يجعلها عبئاً على الاقتصاد الوطني وكذلك تخلق منافسة غير عادلة مع المستثمر الوطني، أضف إلى ذلك أن إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مازال دون الطموحات المرجوة، فحسب تقرير «الأونكتاد» لعام 2009 استطاعت السعودية جذب استثمارات أجنبية على أرض الواقع تقريبا 38 مليار دولار.
يجب الإشارة إلى أن المستثمر الأجنبي المرخص له في المملكة يتمتع بكل المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المستثمر الوطني السعودي، هذه الميزة التنافسية الكبيرة لها أهمية في تخفيف أعباء التكاليف التشغيلية للاستثمارات الأجنبية، كذلك أعطي المستثمر الأجنبي أيضا الفرص للدخول في أكثر من نشاط وذلك لإضفاء قدر أكبر من التنويع في هيكل المشاريع الاستثمارية، وله الحق في الحصول على أكثر من ترخيص في مشاريع الاستثمار.
ينتظر أن يسهم المستثمر الأجنبي أيضا مساهمة ملموسة في الإنعاش الاقتصادي في المملكة، خاصة إعادة الاستثمار وتوطين الوظائف وتدريب الكوادر الوطنية، والمساهمة في الخدمات الاجتماعية ، هذا غير التسهيلات الكبيرة الأخرى في عملية الاستقدام والذي فتح على مصراعيه للمستثمر الأجنبي، وهذه النقطة بالذات يجب إعادة النظر فيها ودراستها، خاصة للمؤسسات الفردية وللمشاريع الصغيرة.