رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عزيزتي دبي لست وحدك!

أثار حفل افتتاح برج خليفة في دبي الكثير من التفاؤل في أسواق دبي وأبو ظبي، وجاءت هذه الفرصة بعد أن ارتاحت الأسواق وتطاولت الأعناق بعد قرار حكومة أبوظبي دعم شركة دبي المالية، وكذلك دفع موانئ دبي لفوائد وأصول السندات المستحقة في موعدها المحدد، وليس ضرباً من التنجيم أو قراءة الكف والفنجان ما تحدثت عنه تحت عنوان ''عزيزتي دبي'' كيف الحال قبل عام تقريباً وفي العدد رقم 5551 الصادر بتاريخ 24/12/1429هـ الموافق 22/12/2008م من صحيفتنا الشعبية ''الاقتصادية'' عن دبي التي حازت قصب الإعجاب والسبق في المنطقة في انطلاقها دون توقف في تنمية وتطوير وازدهار مدينتها الفاضلة دبي، ولا غرو فقد بدأ ذلك منذ زمن بعيد بعزم لا يلين المغفور له بإذن الله حاكم إمارة دبي الشيخ راشد المكتوم وعرف عنه من عايش فترته الاهتمام بنواحي التنمية والتطوير والازدهار في ضوء الظروف المعايشة آنذاك وبعد وفاته التقط الإشارة أبناؤه، وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو ضابط الإيقاع وقائد فريق التنمية سيره على نهج أبيه، واستطاعت دبي في وقت قصير أن تحقق الكثير من الإنجازات التنموية المبهرة كالموانئ والمطارات والبنية الأساسية من طرق ومياه وكهرباء، وأضيف إليها أخيراً مترو دبي والذي يعد الأول في المنطقة، وقد أشرت إلي أن دبي تحاول بكل ما أوتيت من قوة تفادي ما حدث في أسواق العقارات الآسيوية في عقد التسعينيات عندما فقدت العقارات بين 50 و80 في المائة من قيمتها، وتمنيت أن تبدأ دبي في مد يدها إلى العاصمة أبو ظبي للمساهمة والمساعدة في تحريك عجلة النمو الاقتصادي بعد الهزة المالية التي ضربت النظام المالي العالمي في كل مكان، وذكرت أن مهرجان المباني الفاخرة وناطحات السحاب وأطول الأبراج العالمية وجزر البحار والفنادق الباذخة ستعيش تراجعاً في الأسعار وفي أثمان الشراء وفي عدد الزائرين الذين كانت تغريهم هذه الجزيرة الفاخرة والفنادق الفريدة ومحال التسوق المركزية التي تفوق مثيلاتها نوعاً وعدداً في أي مدينة عالمية، إن المشكلة التي تعرضت لها دبي تكمن في تعثر إحدى شركاتها الحكومية مجموعة دبي العالمية عن تسديد جزء من مديونيتها المستحقة وطلبها تأجيل ذلك ليتم إعادة جدولة وهيكلة الشركة وديونها وتضافر ذلك مع ما ذكرته دبي بطريقة مباشرة وغير مباشره من أنها غير كافلة لديون دبي العالمية، وأن إقراض هذه الشركة جاء جزءاً من إقراض الشركة وليس الدولة ولا يوجد أي ضمانات حكومية لهذا القرض الذي أعطته البنوك آخذا في الحسبان مكانة دبي وملكية الشركة من قبل الدولة ونجاحها في إقامة أكبر وأضخم مشروع إسكاني علي البحر ـ إن الدربكة المالية للشركات والدول ليس حالة فريدة وتختص بها دبي وحدها، وقد رأينا في الماضي أن البرازيل والأرجنتين كانت على حافة إفلاس الدولة وبعض دول أمريكا الجنوبية، وقد ذكر الرئيس المناضل للبرازيل أنه كان يتوقع أن يعينه الله أن يكون في جيب الدولة احتياطي لا يقل عن 100 مليار دولار، فإذا خزائنه تمتلئ في الوقت الحاضر بأكثر من 300 مليار احتياطي، وعندما كان يزور البنك الدولي في واشنطن في العام الماضي اضطرب الصندوق خوفاً من طلبات للقروض إلا أن الرئيس البرازيلي أسعدهم بأن البرازيل سددت جميع القروض، وأنها في غير حاجة، كما أنها على استعداد لوضع ما يزيد على عشرة مليارات دولار في خزانة البنك الدولي، فسبحان مغير الأحوال ـ كما أن الأرجنتين استعادت مكانتها العالمية وسددت الكثير من ديونها بعد أن انهار اقتصادها وكسدت عملتها واضطربت أسواقها، وها هي اليونان الدولة الأوروبية العضو في المجموعة الأوروبية تعاني مشكلات مالية كبيرة بعد أن قدمت لها المجموعة الكثير من العون في الماضي لرفع مستوى التنمية وكذلك مشاريع البني التحتية والمطارات والطرق وغيرها ـ إنني أسوق هذه الأمثلة مستنداً بها إلى أن الحكومات مثل دبي قادرة - بإذن الله - على تجاوز محنتها المالية والوقوف مرة أخرى على قدميها وأن إعانة أبوظبي والهيكلة، وهو ما كنت أشرت إليه في المقال السابق في ضوء انخفاض أسعار الفوائد والعوائد على السندات سيكون وقتاً مناسباً لإعادة الجدولة ـ أن دبي تقدم لنا سابقا ولاحقا مثالاً حياً للحركة الديناميكية والنمو وتخطي العقبات وليس ذلك ببعيد عن جدارة ومهنية وقيادة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ـ إلا أن المطلوب مهنياً الآن هو الحفاظ علي هذا الإنجاز الباهر وكذلك مواصلة الحوار مع المقرضين وهم كثر وفيها بنوك أجنبية لسانها طويل وصحافتها الدولية مثل ''الفاينناشيال تايمز''، ''وول استريت جنرال'' و''الإيكونمست'' مع عظمة هذه المطبوعات إلا أنها لا ترحم ـ وأن توفر المعلومات والشفافية ونقل المعلومات الصحيحة إلى هذه الأسواق هي رأس المال الحقيقي ـ وتعتمد هذه المؤسسات على بناء الثقة مع المقترضين.
وقد أسعدني أن أسمع أثناء مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي الذي عقدت في الكويت على لسان الشيخ محمد الصباح عن استعداد الكويت لمد يد العون لدبي قبل أن تقوم العاصمة أبوظبي بمد حبل المساعدة ـ إن اقتصاد الإمارات يحتل أهمية كبيرة خليجياً وعربياً وعالمياً، فهو الاقتصاد الثاني بعد السعودية وبحجم ناتج إجمالي مقداره 258 مليار دولار في عام 2008م ـ ومقارنة بإجمالي ناتج محلي في العام نفسه للمملكة 468 مليار دولار. يذكر أن إجمالي الناتج المحلي في الإمارات يفوق شقيقيه البحرين وعمان ''مجتمعين'' لكن الحبيبة دبي يثقلها حجم ديون تصل ربما إلى 181 مليار دولار مقابل حجم اقتصاد مقداره 82 مليار دولار، أي أن الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي يصل إلى 120 في المائة وهي نسبة مرتفعة بكل المقاييس.
والله الموفق

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي