رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


حقوق الإنسان والتأمين

الحديث عن العلاقة بين التأمين وحقوق الإنسان هو مسألة قد لا يتصور البعض وجودها على الرغم من بساطة هذه العلاقة واندراجها ضمن أساسيات حقوق الإنسان.
وقبل التعرض إلى هذه العلاقة فإنه من المناسب تحديد مفهوم حقوق الإنسان، الذي يمكن تصوره من خلال المعايير المتفق عليها بين المجتمعات على اختلاف أعراقها وثقافاتها والأنظمة الحاكمة لها.
فمن خلال هذه المعايير يمكن الوصول إلى مفاهيم ثابتة لا يختلف عليها أحد ولا تتغير بتغير الزمن وتحفظ كيان الإنسان المادي والمعنوي وتحفظ كرامته.
وعلى الرغم من اتفاق المجتمع الدولي على المعايير الرئيسة التي تحكم مفاهيم حقوق الإنسان إلا أن الاختلاف بين المجتمعات كان في المجالات التي يتم فيها إعمال مفهوم حقوق الإنسان ووسائل حفظها طبقاً لثقافة وفلسفة كل مجتمع على حدة، فمثلاً وإن اتفقت جميع الثقافات والنظم على حفظ حق الإنسان في الحياة إلا أن هناك اختلافاً بخصوص وسائل حفظ هذا الحق، فمثلاً ترى بعض المجتمعات أن عقوبة الإعدام هي ضد حق الإنسان في الحياة بينما يُنظر في المجتمعات التي تحكمها الشريعة الإسلامية إلى هذه العقوبة على أنها وسيلة لحفظ حياة الإنسان مصداقاً لقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).
وأيا كان الأمر فإن المرجعية الرئيسة في تحديد حقوق الإنسان في المملكة هي ما تقرره الشريعة الإسلامية وما ينص عليه النظام الأساسي للحكم، فهذا الأخير يُعد الضمانة الرئيسة التي تلي الشريعة الإسلامية وتؤكد على أحكامها، ولهذا فالمادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للحكم تنص على أن تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية. ويمكن إجمال الحقوق التي تحميها الدولة في حق الإنسان في الحياة والأمن والعمل والتعليم والعيش في مستوى اقتصادي لائق، وحقه في المأكل والمأوى والرعاية الصحية اللائقة، وكذلك حقه في أن يعيش في بيئة صحية وثقافية نظيفة.
وحينما نص عليه النظام الأساسي للحكم على كل هذه الحقوق فإنه اعتبرها من المكونات الأساسية لمفهوم حقوق الإنسان، وهذا يعني كذلك أن هذه الحقوق يقوم عليها عمل الدولة، وهو ما يعني أيضاً أن جميع الأنظمة التي تصدر لتنظيم شئون الوطن والمواطنين وكذا المقيمين يجب أن تكون منسجمة مع ما نص النظام الأساسي للحكم ومحققة لأهدافه.
وفيما يخص التأمين فإنه يمكن القول إجمالاً إن التأمين هو وسيلة فعالة وناجعة لحفظ حقوق الإنسان، فلو أخذنا على سبيل المثال التأمين الإلزامي على المركبات فالدولة سعت من خلال إقراره إلى حماية الممتلكات وتعويض ذوي ضحايا حوادث السير وأصبح السجن وتقييد حرية الإنسان في الحقوق الخاصة المتولدة عن حوادث السير جزءا من الماضي.
وهذه بلا شك أحد العناوين الرئيسة في مجال حفظ حقوق الإنسان. وإذا أخذنا كذلك مسئولية الدولة عن توفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطن نجد مثالا لذلك المادة 31 من النظام الأساسي للحكم، التي تنص على أن تُعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن. ومن دون أدنى شك فإن التأمين سيكون الوسيلة المُثلى التي تعين الدولة على توفير الرعاية الصحية خصوصاً في حال عدم إمكانية الحصول على الخدمات الصحية التي يوفرها القطاع الصحي العام وفق النظام الصحي المعمول به، أو تردي وعدم جودة تلك الخدمات.
ولنا خير مثال في نظام الضمان الصحي التعاوني الذي وفر أكبر ضمانة صحية للمقيمين والعاملين السعوديين في القطاع الخاص فهو يعد أجمل إضافة لحقوق العامل الأساسية التي تندرج ضمن حقوق الإنسان، وأصبحت المملكة بذلك من أفضل الدول في حماية حقوق العامل الصحية فماذا لو وفرت الدولة التأمين الصحي للمواطنين، الذين لا يستطيعون الحصول على الخدمات الصحية اللائقة من مستشفياتها فسيكون ذلك إضافة جميلة تُشكر عليها الدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي