عدنان يوسف: نتوقع نموا للاقتصاد البحريني والاقتصادات الخليجية خلال 2010
بدأت مجموعة البركة المصرفية تنفيذ خطتها الخمسية الجديدة للفترة بين 2010 و2014، حيث تتضمن الخطة مجموعة من المعالم البارزة فيما يتعلق باستراتيجيتها الهادفة لتأسيس سياسة مصرفية قائمة على حرفية عالية معتمدة على ركائز متطلبات اتفاقية بازل 2، وتلبي كافة متطلبات المعايير الدولية الخاصة بالصناعة المصرفية الإسلامية، في تأكيد على عزمها المضي قدما لحصول عدد من وحداتها التابعة على تصنيفات من مؤسسات تصنيف عالمية كانت قد منحت المجموعة وعددا من الوحدات التابعة لها تصنيفات جيدة خلال الخطة الخمسية المنتهية مطلع العام الجاري.
أكد ذلك الرئيس التنفيذي للمجموعة عدنان بن أحمد يوسف، وقال: تعكف المجموعة على الاستمرار في النمو بما يتضمنه هذا النمو على صعيد الربحية، وحقوق المساهمين والأصول، حيث من المخطط رفع أصول المجموعة البالغة 2.12 مليار دولار خلال الخطة الحالية بنسبة %50، كما تنفذ المجموعة خلال فترة الخطة استراتيجية زيادة عدد فروعها بواقع 80 فرعا في مجموعة من البلدان التي لها فيها وحدات تابعة.
ويبلغ حقوق المساهمين فيها 6.1 مليار ويعمل فيها 6400 موظف، وتصل نسبة البحرنة في الوحدات التابعة للمجموعة في البحرين %90. وتعمل المجموعة حاليا على تنفيذ برنامج تدريبي خاص مع بعض الجامعات، يهدف إلى تدريب المخرجات الجامعية وتخريجهم متدربين تنفيذيين، إضافة إلى إيجاد كوادر من الموظفين الدوليين، تعتزم المجموعة الاعتماد عليهم في وحداتها العاملة خارج البحرين. ويستمر تدريب الطلبة المستهدفين لمدة سنتين، يتلقون خلالها تدريبات مكثفة في عدد من التخصصات غير المتوافرة في بعض البلدان التي توجد فيها وحدات المجموعة، كمجال المحاسبة القانونية، المحاسبة القانونية الإسلامية، وتخصصات في الشريعة.
إضافة إلى ذلك، فإن المجموعة تدرس حاليا إمكانات التوسع على مستوى الأسواق الأوروبية والآسيوية، ولا سيما في سوقي فرنسا وإندونيسيا، وعدد من الدول في هاتين القارتين.
#2#
اكتتابات بالجملة
لقد أنجزت المجموعة جميع أهداف الخطة الخمسية المنتهية 2005/2010 بنجاح باهر، حيث نفذت مجموعة من الاكتتابات الأولية، وكانت كبرى هذه العمليات الاكتتاب الذي أجري بقيمة 830 مليون دولار في ما اعتبرت أكبر عملية اكتتاب عام وخاص في المنطقة لعام 2009، كما طرحت المجموعة اكتتابا بقيمة 47 مليون دولار في تركيا، وتجاوز مبلغ الاكتتاب القيمة المطلوبة بـ 32 مرة، إضافة إلى عملية الاكتتاب التي تم تنفيذها في سوريا بقيمة 35 مليون دولار، وفاق حجم الاكتتاب المبلغ المطلوب بأربع مرات.
ومن الأهداف البارزة التي نجحت المجموعة في تنفيذها في إطار الخطة الخمسية المذكورة، زيادة فروع الوحدات التابعة للمجموعة بـ 120 فرعا، ليصل مجموع الفروع التابعة لها في دول وجودها العشر 300 فرع، كما أطلقت المجموعة شعارها الجديد، بما يتواكب مع نظامها المصرفي الجديد الذي يتوافق مع المعايير الدولية، وتم بالفعل العمل بالنظم المصرفية العالمية الجديدة في الوحدات التابعة لنا في كل من البحرين ولبنان وسوريا وجنوب أفريقيا، ويجري حاليا إدخال هذه النظم في وحداتنا في مصر والجزائر.
وتوقع يوسف، أن تشهد البحرين ودول الخليج العربية نموا اقتصاديا كبيرا خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن دول الخليج حققت نموا بنسبة تراوح بين 5.3 و4 % في اقتصاداتها بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، وقال: إن المتانة الاقتصادية التي أبدتها دول الخليج إزاء الأزمة المالية العالمية وتبعاتها لفتت أنظار العالم إلى الاقتصاد الخليجي، وهو ما سيعزز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المنطقة التي تتمتع باستقرار أمني كبير.
وقال: إن محافظ البنوك العربية انخفضت بسبب الأزمة المالية العالمية، فيما لم يتجاوز هذا الانخفاض %1, بسبب عزوف هذه البنوك عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فيما لعبت البنوك الإسلامية دوراً رئيساً في تطوير البنى التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأعوام الماضية، وذلك من خلال توسيع نطاق استثماراتها التي كانت محصورة في قطاع التجزئة بالكاد، إلى القطاع الاستثماري والمشاركة في البناء والمشاريع الاستثمارية والعقارية، وتقبل اليوم بقوة على التمويل والاستثمار في الصناعة والزراعة. أما عن موقف المصارف العاملة في المنطقة، فقد قال السيد عدنان: إن المصارف العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، استفادت من التجارب التي مرت بها إبان احتدام الأزمة، وأصبحت قادرة على التمييز بشكل كبير بين الاستثمارات الجيدة والاستثمارات التي تنطوي على مخاطر عالية، الأمر الذي سوف يرسم لها خريطة طريق واضحة نحو الاستثمار الآمن.
وتتوزع فروع المجموعة التي تعتبر المجموعة الأكبر من حيث الموجودات والفروع على مستوى المصارف الإسلامية في العالم، كما يلي: 105 فروع في تركيا، و64 فرعا في الأردن، و30 في باكستان، و25 في الجزائر, و8 في تونس ، و25 في مصر، و25 في السودان، و8 في جنوب أفريقيا ، و8 في لبنان ، و5 في البحرين، أما في سوريا التي دخلتها المجموعة حديثا، فإن من المقرر أن يبدأ العمل بخمسة فروع خلال العام الجاري، ثم تأتي الزيادة في الخطة الخمسية الحديثة.
تعزيز نظم السياسات المصرفية
وفي هذا الإطار، فإن المجموعة الأم التي تتخذ من البحرين مقرا لها، تعمل على تقوية وتعزيز نظم السياسات المصرفية المتبعة في جميع الوحدات التابعة، بما يتلاءم مع متطلبات اتفاقية بازل 2، حيث تعتمد المجموعة في ذلك، مجموعة من السياسات الخاصة لنظم إدارة المخاطر والمخصصات بمهنية عالية تراعي وتلبي كافة البنود التي تتضمنها معايير العمل الدولية في هذا الصدد، وهو ما عزز قدراتنا نحو تحقيق أهدافنا كمؤسسة مالية مصنفة من قبل مؤسسات التصنيف العالمية، كما عزز قدرات عدد من وحداتنا التابعة في أكثر من موقع جغرافي حول العالم، للحصول على تصنيفات عالمية، حيث تم تصنيف وحدات المجموعة في كل من تركيا والأردن، فيما تعمل مجموعة من الوحدات الأخرى على الحصول على تصنيفات مماثلة.
وكانت المجموعة قد تعاقدت مع وكالة انترماركتس بهدف تصميم وإطلاق الهوية الموحدة التي تمثل المجموعة بوصفها أكبر مجموعة مصرفية إسلامية حول العالم، كما تعكس حرص المجموعة على مواكبة التغيرات التي يشهدها الاقتصادان العربي والعالمي على حد سواء، حيث اعتبر إطلاق الهوية الجديدة دخولا في عهد جديد للمجموعة التي تتمتع بتاريخ مليء بالإنجازات على مدار أكثر من ثلاثة عقود.
#3#
وأكد عدنان عدم تأثر المجموعة بالأزمة الأخيرة التي حدثت في دبي، وقال: إن المجموعة لم تتعامل مع سوق دبي بشكل مباشر يعرض تمويلاتها إلى المخاطر التي ربما طالت عددا من المصارف التي اضطلعت بتمويلات مباشرة في عدد من المشروعات التي واجهت تعثرات مالية، ولكن على الرغم من ذلك، فإن على الجميع أن يعترف بأن ما أنجزته حكومة دبي بقيادة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال السنوات العشر الماضية من إنجازات، لم تحققها دول كثيرة في نصف قرن من الزمن، حيث وضعت دبي ركيزة متينة من البنى التحتية خلال هذه الفترة الوجيزة، ونتوقع أن تجتاز دبي هذه العثرات خلال العام الجاري وتعاود مسلسل نموها القوي، وذلك بفضل القوة التي تتمتع بها المصارف الإماراتية.
انتعاش النفط يعزز اقتصاد الخليج
على مستوى المصارف الخليجية، أكد عدنان: إن عودة أسعار النفط إلى التحسن من جديد (70 دولارا للبرميل في المتوسط)، سوف يعطي مزيدا من المؤشرات الإيجابية للاقتصاد الخليجي، حيث من المتوقع أن تشهد المكونات الأساسية لاقتصاد السوق الخليجية انتعاشا تدريجيا ابتداء من الربع الرابع من 2009 الذي بدأ لتوه.
لقد حققت المصارف الخليجية بشقيها التقليدي والإسلامي نتائج إيجابية في الربع الثالث، قياسا بالنتائج التي أعلنتها بنهاية الربع الثاني من العام الماضي، ويتوقع أن تحرز هذه المصارف نتائج أكثر إيجابية في الربع الأخير من هذا العام الماضي والعودة إلى مربع الأرباح المتواترة مع حلول العام الجاري، حيث رفع كثير من المؤسسات المصرفية رؤوس أموالها في المنطقتين العربية والخليجية أخيرا، وهو ما سوف يعزز موقفها لتنويع استثماراتها والدخول في استثمارات مدروسة بشكل جيد.
وأضاف: إن تبعات الأزمة المالية الأخيرة على الرغم من أنها أرهقت مؤسسات مالية وصناعية واستثمارية عالمية عملاقة كثيرة في قطاعات المصارف والتأمين والسيارات، إلا أن وقعها على الاقتصاد الخليجي كان أقل بكثير قياسا بأزمة سوق المناخ عام 1983 على سبيل المثال لا الحصر, وهي أزمة نتجت عن انكماش اقتصادي عالمي، حيث بلغت نسبة الفائدة خلال أزمة سوق المناخ %21 والبطالة %12، والتضخم %15. وقال يوسف إن البنوك والمؤسسات المصرفية العربية لم تمسها تبعات الأزمة المالية العالمية إلا لماما باستثناء بضعة مصارف لها ارتباطات وتمويلات مباشرة بالمناطق الجغرافية التي اندلعت فيها الأزمة وأثرت فيها، وهو الأمر الذي قلص من المخاطر التي تعرضت لها المصارف العربية بشكل عام، وبالنتيجة، فإننا نتوقع أن تستمر هذه البنوك في تحقيق عوائد وأرباح قد تقل عن الأرباح والعوائد المحققة في السنوات السابقة، غير أنها سوف تتوج نتائجها بأداء إيجابي خلال الفصول الأربعة المقبلة من هذا العام.
وعليه، فإننا نتوقع أن تحقق الميزانية المجمعة للبنوك العربية نموا بنسبة لا تقل عن %8 لعام 2009، وصولا إلى 8.2 تريليون دولار، كما نتوقع نموا في أرباح هذه المصارف بنسب تراوح بين 8 و%10.
وقال: لقد حققت البنوك العربية أرباحا وعوائد استثنائية خلال السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية، بسبب النشاط الكبير الذي وجدته المشاريع الحكومية في البلدان العربية، حيث حفل قطاع البنى التحتية بنشاط غير مسبوق في تاريخ المنطقة، ونعتقد أن الأعوام الثلاثة المقبلة لن تحظى بوتيرة النشاط نفسها، لأن معظم الدول أكملت تقريبا إنشاء البنى التحتية اللازمة للخطط التنموية للمستقبل المنظور، أو تكاد تنتهي من إنجازها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقلل اعتماد الحكومات على التمويلات البنكية، وبالتالي، تراجع أداء هذه المؤسسات المصرفية عن أدائها في السنوات الماضية. ويصنف عدنان البنوك العربية إلى ثلاثة أنواع؛ الأول تشكله حزمة المصارف الموجودة في كل من السودان والعراق والصومال واليمن وجيبوتي، حيث لا تسمح مصارفها المركزية للبنوك التجارية والاستثمارية بالاستثمار خارج نطاق الدولة، وعليها قيود كبيرة بالنسبة إلى العمل بالعملة الصعبة.
أما الفئة الثانية فهي المصارف الموجودة فى كل من مصر وتونس والمغرب والأردن ولبنان، حيث تسمح بنوكها المركزية للمصارف بالاستثمار في الخارج بنسبة مقيدة ومحددة، فيما تدفعها لاستثمار الحصة الكبرى من أموالها داخل نطاقاتها الحدودية. أما الفئة الثالثة، فهي البنوك الواقعة في منطقة الخليج ودول التعاون، وهي مصارف تتمتع بشفافية كبيرة وحرية مطلقة في انتقال الأموال المحلية والعملة الصعبة.
إلى ذلك، دعا عدنان المستثمرين العرب إلى توجيه أموالهم إلى الأسواق العربية واستثمارها في مشاريع استثمارية مجدية، وقال: لقد آن الأوان لأن نعمل على تحصين مصارفنا، وذلك من خلال الدخول في عمليات اندماج جريئة وقوية، فالأزمة المالية العالمية التي تستمر تداعياتها حتى اليوم، ما هي إلا جرس إنذار للمصارف والحكومات العربية، مما قد تجنيه في ظل التفكك الاقتصادي الذي تعايشه المنطقة العربية. وأضاف: إننا لا ننطلق هنا من أسس عاطفية لاستدرار الأموال العربية المهاجرة وجلبها إلى الداخل، بل لأن الأسواق العربية ما زالت أسواقا واعدة، تحتفظ بفرص نمو كبيرة جدا في أكثر من قطاع من القطاعات الحيوية. وقال عدنان: لقد أبلت المصارف الإسلامية بلاء حسنا، وأثبتت للعالم أن الأسلوب الذي تتعامل وفقه هذه المصارف هو أسلوب فلسفي متفرد قادر على التصدي لمثل أسباب التداعيات المالية الكبيرة والانهيارات المصرفية غير المسبوقة في تاريخنا الحديث التي نتجت عن الأزمة المالية العالمية، ولذلك، فإن من المتوقع أن تعمل مجموعة من المصارف التقليدية العالمية على فتح نوافذ للعمل المصرفي الإسلامي.