دافوس 2010: حضور كبير للأزمة المالية وإفريقيا.. والسياسة لا تغيب

دافوس 2010: حضور كبير للأزمة المالية وإفريقيا.. والسياسة لا تغيب

يلتقي اليوم في منتجع دافوس (سويسرا) جمع من ساسة العالم واقتصادييها ومستثمريها ضمن المنتدى العالمي المعروف، وفي الوقت الذي تحضر السياسة بقوة كما جرت العادة في هذا المنتدى، إلا أن الاقتصاد سيكون صاحب حظوة كبيرة بالنظر إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية وما أحدثته من تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، ويشارك في المنتدى 2500 مسؤول من 90 دولة.
ويتوقع أن يحتل الاستثمار في إفريقيا هذا العام دورا كبيرا في مناقشات الجلسات، خاصة مع البحث عن الفرص في ظل الأزمة المالية. وفي الوقت الذي تنتقل فيه إفريقيا من قارة ترزح تحت وطأة عجز مالي كبير يجري تمويله بدرجة كبيرة من أموال المساعدات إلى قارة تتمتع بفائض مالي، يجري البحث عن إطار عمل لإدارة ثروات البلاد من مواردها الطبيعية.
وتدرس بعض الدول ــ مثل نيجيريا وأنجولا وتونس ــ إطلاق صناديق استثمار ثروات سيادية وهو ما من شأنه تسريع النمو المتسارع بالفعل في قطاع صناديق الثروات السيادية الذي يبلغ حجمه نحو ثلاثة تريليونات دولار. لكن التحديات في إفريقيا جنوب الصحراء التي تمثلها مثل هذه الخطط كبيرة.. فمن ناحية هناك الحاجة لكيان لاستثمار الفوائض الاستثنائية للأجيال المقبلة وحماية الثروات من جشع الزعماء.
ومن ناحية أخرى، فإن الاستثمار في الخارج - كما تفعل الصناديق السيادية في الدول المتقدمة والناشئة الكبرى - سيكون مثار قلق سياسي في إفريقيا. ففي كثير من الدول الإفريقية حيث هناك حاجة كبيرة لتطوير البنية الأساسية والحد من الفقر سيكون من المرجح بدرجة كبيرة أن تستثمر الأموال داخل البلاد.
وقال افرايم تشالاميش خبير الصناديق السيادية والزميل في كلية الحقوق في جامعة نيويورك «مع الانتقال من العجز إلى الفائض وازدهار السلع الذي أثر على عديد من الدول في إفريقيا فإنهم يواجهون واقعا جديدا يملكون فيه موارد يتعين حفظها للأجيال المقبلة».
ومن المهم بشكل خاص بالنسبة لإفريقيا الافتراض أن الاستقرار السياسي في مثل هذه الدول سيستمر. وأضاف «يتعين التأكد من وجود آليات مختلفة للحكومة التالية وأن الأموال ستحفظ للأجيال المقبلة وتدفع معاشات التقاعد والالتزامات الوطنية.. وغيرها».
وتحسن ميزان المعاملات الجارية في إفريقيا في السنوات القليلة الماضية بحيث بلغ الفائض الإجمالي 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 1.3 في المائة في 2004 حسب بيانات البنك الإفريقي للتنمية. وتحول العجز المالي إلى فائض بلغ 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من عجز بنسبة 0.1 في المائة في عام 2000. ويترك ذلك مجالا لتوجيه المزيد من رؤوس الأموال لصناديق الثروات.
ومع اكتشاف بعض الدول الإفريقية ثروات نفطية جديدة بدأت الحكومات دراسة طرح نظام لإدارة فوائضها الجديدة بكفاءة. ويبحث مجلس الشيوخ في نيجيريا تشريعا لإقامة صندوق سيادي لتخفيف أي أثر قد يحدثه تراجع أسعار النفط على اقتصاد الدولة العضو في منظمة أوبك. وتبلغ احتياطيات نيجيريا - ثاني أكبر اقتصاد في منطقة جنوب الصحراء - بالعملة الأجنبية نحو 41.6 مليار دولار.
وتدرس أنجولا التي تتوقع إيرادات نفطية هذا العام تبلغ 16.6 مليار دولار إنشاء صندوق على غرار الصندوق النرويجي. وفي تونس التي تبلغ احتياطياتها بالعملة الأجنبية نحو عشرة مليارات دولار يدعو مشرعون لإقامة صندوق وطني لمساعدة العاطلين حسب تقرير على موقع مغاربية على الإنترنت الذي ترعاه القيادة الأمريكية في إفريقيا.
وتكون غانا كذلك مرشحة لتأسيس صندوق، إذ يبدو أنها ستجني باكورة الإنتاج النفطي في أواخر عام 2010. لكن تشالاميش قال إنه نصح إحدى الحكومات التي لجأت إليه في الفترة الأخيرة طالبة توجيهات بشأن إدارة صناديق الثروة السيادية بالانتظار والتفكير مليا في الأمر.
وقال «حقيقة أن الكثير من الدول في آسيا والخليج قامت بذلك لا تعني أنه يتعين عليكم القيام به»، وأضاف «إنه مثل ناد. أنت تريد حقا الانضمام إليه لأنه يظهر قوة اقتصادك... حتى الحكومات الضعيفة تشعر أن هذا هو السبيل لتحقيق توسع اقتصادي عالمي ولأن يكون لها تأثير عالمي».
وفي الدول المتقدمة والنامية الكبرى تعتبر الصناديق السيادية الاستثمار في الداخل من المحرمات إلا في حالات التراجع الاقتصادي الكبير لأن إعادة تدوير الفوائض محليا يهدد بزيادة التضخم.
وتستثمر الصناديق الآسيوية والشرق أوسطية في حافظة متنوعة تشمل الأسهم والأصول البديلة وشراء حصص في شركات. أما الصناديق السيادية في النرويج وأذربيجان فلا يسمح لها بالاستثمار محليا. وصندوق ليبيا الذي يبلغ حجمه 65 مليار دولار والذي تأسس عام 2006 هو الأكبر في إفريقيا ويستثمر أساسا في الدول الأوروبية وبخاصة إيطاليا.
والاستثمار المحلي يزيد التضخم. وبالنسبة لإفريقيا حيث تتسارع معدلات النمو ـ حيث لا تتمتع جميع الدول ببنوك مركزية قوية وآلية نقدية يعتد بها- فإن خروج التضخم عن السيطرة قد يبعد المستثمرين الأجانب.
لكن قد لا يكون أمام الحكومات مفر من الاستثمار في الداخل باستخدام أموال الصناديق السيادية لتكملة الإنفاق الحكومي على تحسين البنية الأساسية وزيادة الطاقة الإنتاجية وتعزيز مكانتها كمنطقة جذب استثماري بين الأسواق المجاورة. ويقول البنك الدولي إن القارة تحتاج إلى نحو 93 مليار دولار سنويا لمعالجة احتياجات البنية الأساسية. ويجري إنفاق نصف هذا المبلغ حاليا.

الأكثر قراءة