رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل ما نعانيه بسبب الفساد .. أم الفشل الإداري؟

كلمة ''الفساد'' في هذه الأيام أصبحت من أكثر الكلمات تداولاً على صفحات الصحف الورقية والإلكترونية، وحتى على المستوى الحواري الشخصي. وأصبح مصطلح الفساد هو الشماعة التي نحملها كل همومنا، وإخفاقاتنا وأحيانا هو العذر الذي نسلي به أنفسنا، وأصبح التجاوز أكثر حتى أصبح الفساد صفة تلازم بعض الأشخاص، وكأن الفساد صفة ملازمة لكثير من العاملين في القطاعات الحكومية. وهذا فيه افتراء ولا شك. والعذر أننا بطبيعتنا التي امتزنا بها، ننتظر الأحداث، لنبدأ في خلق ردات الفعل المناسبة لها، ولذلك يكون التشخيص خاطئاً والحكم قاسياً في أغلبية الأحيان.
وعلى النقيض تماما، نرى القطاع الخاص، يعيش فترة من الازدهار والتطور، تقوده الكفاءات الناجحة من أبناء الوطن. فهذه الشركات التي تسهم في جزء منها الدولة والتي تعكس الصورة الجميلة لطاقتنا الوطنية. تعد من أفضل بيئات الأعمال. وتلك الشركات المساهمة والشركات المتوسطة والمؤسسات الصغيرة، وكلها تسير في طريق تحقيق النجاح بفضل ما يسر لها، وبفضل الطاقات البشرية المتمكنة، التي تبغض البيروقراطية، وتؤمن بأن كل ثانية تبذل في سبيل العمل، ستعود بالنفع الخاص والعام.
هنا نريد أن نسأل إذن، هل الفساد هو السبب في قصور أداء القطاعات الحكومية، أم أن الفشل الإداري هو عدو النجاح، وقاتل الطموح؟ عندما نرى الطاقات البشرية المؤهلة وهي تقود دفة القطاع الخاص بكل اقتدار، يحق لنا أن نتساءل عن دور وأهلية الطاقات العاملة في الجزء الآخر من الدفة التي يفترض منها أن تكون مكملة لمعادلة النجاح. وهنا يظهر لنا تساؤل آخر وهو، ما الذي نحتاج إليه لتطوير العمل الإداري في القطاع العام؟ ولمثل هذا السؤال، يستطيع الشخص أن يبحر في اتجاهات متعددة بحثا عن الجواب الشافي. ولكن نختصر بعضا منها فيما يلي:
يجب أن يتخلى القطاع العام عن البيروقراطية، والجمود، ويبدأ في مجاراة القطاع الخاص في التطوير المعتمد على رفع المهارات والقدرات البشرية، وتطوير نظام عادل للتقييم والحوافز. وأعتقد أن الرفع من كفاءات القدرات البشرية العاملة لا يتم إلا بتوفير البرامج التدريبية المتطورة، وربط ذلك بنظام مكافآت وحوافز فاعلة.
أيضا في سبيل التطوير المأمول للقطاع العام، يجب التعجيل بتنفيذ الحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها، فكثير من البيروقراطية والمماطلة سيتم القضاء عليها من خلال ميكنة الأعمال الروتينية.
رفع مستوى الشفافية بين القطاع العام وشرائح المجتمع كافة، سيؤدي إلى تحسين بيئة الأعمال، وسيجعل العاملين في هذه القطاعات في دائرة الضوء دائما، وأي قصور أو تخاذل سيسهل كشفه ومعالجته في وقت مبكر.
وجود هيئة أو وزارة لتطوير العمل الإداري، موضوع طالبت به سابقا، وطالب به كثير من الكتاب في صور مختلفة. فوجود هذه المؤسسة المستقلة سيوفر لنا جهة رقابية تسعى لتحسين وتطوير بيئة الأعمال في القطاع العام. وقد يكون من بين إنجازاتها قائمة سنوية لتقييم أفضل بيئة عمل حكومية وكذلك كشف أسوأ أو أقل جهة من ناحية مواكبة التطور والإنتاجية.
من ضمن النقاط المهمة التي يفترض أن تسهم في تطوير القطاع العام، هو تدوير المسؤولية، من خلال الاعتماد على الطاقات البشرية الشابة والمؤهلة. ومن خلال إيجاد برنامج حكومي ذي أهداف مرحلية لتأهيل صف ثان وثالث ورابع من القياديين المؤهلين للمساهمة في مواصلة العمل والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لتتواءم مع مستوى الإنفاق السنوي على هذه القطاعات.
تفعيل دور المجالس المحلية، ومجلس الشورى في الرقابة والمساءلة على أداء القطاعات الحكومية، بناء على ما سبق، سيرفع من فاعلية الأداء الحكومي على المستويين الشخصي والعام.
تطوير الأنظمة المالية، والرقابة عليها في مؤسسات القطاع العام سيوفر على الدولة مبالغ كبيرة في المستقبل وسيضمن رفع جودة وأداء المشاريع الحكومية.
ختاما: يجب أن نرى خطوات مفعلة في سبيل تطوير أداء القطاعات الحكومية، حتى لا ينطبق علينا القول إن كل أفعالنا هي ردات فعل لأحداث تصيبنا، وبقدر الصدمة تكون ردة الفعل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي