رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


من أجل التصدي لتضخم كبير محتمل

عندما وقعت الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من عام 2008م هب العالم جميعا لمعالجتها بعلاجات طوارئ متعددة من المحتمل أن يكون لها آثار جانبية مؤلمة ولكن لا خيار فإما موت المريض أو إنقاذه أولا ليبقى على قيد الحياة ومن ثم معالجة الأعراض الجانبية حتى مرحلة الشفاء الكامل.
يعلم المختصون أن إحدى أدوات العلاج لدى الدول الكبرى ذات الاقتصاديات الحقيقية القائمة على الإنتاج الرأسمالي كانت في زيادة النقد حيث عملت على زيادة النقد المطروح بطريقة علمية مدروسة رغم علم تلك الدول أن التضخم سيكون الأثر الجانبي الأكيد لاستخدام هذه الأداة حتى أن البعض يقول إنه سيكون تضخما غير مسموع به من قبل، ولكن كما قلنا الإنقاذ أولا ثم معالجة الآثار الجانبية ثانيا.
يقول المحللون إن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بأدوات للسيطرة على التضخم أكثر من تلك المتوافرة لدى بقية دول العالم بما في ذلك الدول الأوروبية الكبرى والصين واليابان منها العمق الاقتصادي في مكان واحد (50 ولاية)، والتنوع في القطاعات الاقتصادية، والقدرة الإبداعية المستندة إلى محركات التنافسية العملاقة (حوالي 90% من الابتكارات والاختراعات مصدرها أمريكا)، إلى غير ذلك من الأدوات، وكل ذلك يجعل الولايات المتحدة الأمريكية الأقدر على اجتياز أزمة التضخم الذي لا شك فيه وصولا للشفاء الكامل قبل غيرها ما يجعل الفجوة الاقتصادية لمصلحتها على حساب بقية العالم وهو أمر قد لا يعنينا بشكل كبير على اعتبار أننا دول خارج سباق الإنتاج الرأسمالي الحقيقي الذي تتنافس في ساحته الدول الصناعية الكبرى وبالتالي فهو أمر يعني دول الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وغيرها من الدول الصناعية.
ما يعنينا حقيقة أن التضخم قادم وأنه قد يكون تضخما كبيرا جدا وهذه حقيقة والاختلاف على طرق المعالجة وسرعتها الأمر الذي يستدعي إعداد خطة طوارئ عاجلة من خلال حوارات عالية المستوى للتعامل مع التضخم مهما كانت درجته والحد من آثاره في المواطن الذي قد يجتاحه التضخم مخلفا في واقعه كثيرا من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يصعب علاجها إذا لم يتم إعداد أدوات الوقاية من وقوعها.
بوادر التضخم المحتمل رأيناها في ارتفاع أسعار المعادن مثل الذهب والبلاتين والفضة والنحاس والألمونيوم وبعض المواد الغذائية والإيجارات وغيرها عام 2009م والمرشحة جميعا للزيادة كما تقول التقارير بما في ذلك الحديد الذي قالت أحد التقارير إنه المعدن الذي يتأخر عن بقية المعادن في الارتفاع إلا أنه يلحقها على كل حال، أما الرز والشعير فهناك حديث يدور عن ارتفاعهما مستقبلا وكل ذلك ينبئ بتضخم قادم لا محالة من وجهة نظري.
بلادنا والحمد لله تنعم باحتياطيات مالية جيدة كما تنعم بسيولة مالية كبيرة في بنوكها تصل لحوالي تريليون ريال سعودي، كما تنعم بعوائد جيدة من تصدير النفط الذي حافظ على نطاق سعري جيد (70-80 دولارا) من المتوقع أن يزيد حال دخول الاقتصادات العالمية مرحلة التضخم التي أشرنا لها وبالتالي فإن لدينا أدوات جيدة يمكن توظيفها للحد من التضخم وآثاره إذا وظفنا تلك الأدوات في هذا الاتجاه مبكرا وإلا فإنه من المتوقع أن يتم توظيف بعض هذه الإمكانات بطريقة عشوائية ومن مجاميع مالية كبرى في بعض الأسواق الضحلة كأموال ساخنة ترفع أصولها وتجذب المواطنين للتورط فيها بأسعار عالية ومن ثم تخرج مثقلة بالمليارات على حساب الأغلبية مخلفة وراءها مشاكل مزمنة لا تعد ولا تحصى يعانيها الوطن والمواطن لآجال طويلة، لا قدر الله.
حكومتنا الرشيدة اتخذت حزمة من القرارات لمواجهة آثار التضخم عندما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني عامي 2007، 2008م طُبقت بعضها لتخفيف المعاناة وجاءت الأزمة المالية وساهمت في تعزيز نجاح هذه الحزمة رغم تأخر تطبيق بعض القرارات، خصوصا تلك المتعلقة بالأمن الغذائي التي مازالت تدور في حلقة مفرغة نتيجة التراخي الذي ساد الأجواء بعد انحسار موجة التضخم السابقة، خصوصا في بعض المواد الغذائية الرئيسية، وأقترح التعجيل في تطبيق الحلول كافة لنكون جاهزين لموجة التضخم القادمة والمقرونة كما يعلم الجميع بالتباطؤ الاقتصادي، وهي خلاف التضخم المقرون بالانتعاش الذي أصابنا سابقا وهو أمر يعقد الأمور أكثر وأكثر.
لا أستطيع طرح حلول ولكني أدعو الجهات المعنية إلى التصدي لمشكلة التضخم بإعداد خطة طوارئ لمواجهته، خصوصا في المجالات التي تمس أساسيات حياة المواطن مثل المسكن والمأكل والمشرب والتعليم والصحة والتنقل، وأعتقد أنه من المناسب الاستفادة من الدراسات السابقة وإجراء دراسات حديثة وعقد ورش عمل ومنتديات لتحليل الموقف وتشخيصه التشخيص الدقيق وطرح الحلول الابتكارية الناجعة بالاستفادة من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين وكلي ثقة بأننا قادرون على إيجاد حلول علاجية ناجعة بإذن الله بقيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على تجاوز أزمة التضخم المحتملة بأدنى الآثار كما تجاوزنا الأزمة المالية القائمة حاليا بأقل أثر سلبي ممكن بفضل السياسات المالية الحكيمة التي طبقتها حكومتنا الرشيدة وخففت وطأة الأزمة المالية علينا جميعا إلى أقل درجة ممكنة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي