«بورصة للنفط» في مركز الملك عبد الله المالي
يراودني حلم جميل وبراق.. وممكن التحقيق .. كلما مررت بجوار مركز الملك عبد الله المالي شمالي العاصمة الرياض، الذي بدأت عمليات الإنشاء فيه على قدم وساق، وبات وهو لايزال مكانا للرافعات العملاقة علامة بارزة في عاصمة المملكة، ينتظر أن تحتضن أروقته البنوك المحلية والعالمية ومكاتب ودوائر مؤسسات أسواق المال السعودية والجهات المرتبطة بها.
الحلم.. أو المقترح إن شئتم أن يدشن هذا المركز بأول بورصة للنفط في المملكة والشرق الأوسط، تمكن أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم (بحصة لا تقل عن 25 في المائة من الإنتاج العالمي) أن يمارس نوعا من إدارة أسعار هذه السلعة عالميا.. بعد أن كانت سنوات طويلة تنقل للخارج ثم تسعر في أسواق أخرى من بورصة نيويورك إلى بورصة غرب تكساس الوسيطة (West Texas Intermediate WTI).. أو بورصة البترول الدولية (International Petroleum Exchange IPE) في لندن.. وبورصات أخرى لا علاقة لبعضها بالسلعة.
لقد ظل النفط السعودي سنوات طويلة يُباع دولياً حسب اتفاقيات ثنائية تعقدها المملكة مع الدولة الراغبة في الاستيراد، ثم يسعر وفقاً لقوى العرض والطلب والزمن أو التاريخ الذي ستنفذ فيه هذه التعاقدات، وهذه القوى يتحكم فيها في المقام الأول عدد محدود جدا من البورصات النفطية العالمية..ولكني أعتقد أن الوقت حان لتغيير ذلك.
بنظرة عامة على أسواق السلع تبين لي أن النفط وحده «الشاذ» عن قاعدة أن بورصة أي سلعة تنتج في العالم هي في منطقة إنتاجها أولا ثم في الأسواق المستهلكة لاحقا.. فكل المنتجين في العالم لديهم بورصاتهم الخاصة..فالهنود لديهم بورصة للأرز والبرازيل لديها بورصة للكاكاو والخشب..وإفريقيا لديها بورصة للألماس..وهكذا.
ما أريد قوله ..رغم أنني غير متخصص في الطاقة، إلا أنه وفقا لتقارير متخصصة سابقة، ومنها توصية لمنتدى الرياض الاقتصادي الثالث تقول إن معظم الشروط لإقامة بورصة نفطية على أراضي المملكة متوافرة،
من هنا أود التأكيد أن تأسيس أكبر منتج ( المملكة ) لأكثر السلع مبيعا في العالم (النفط) .. بورصة في مركز الملك عبد الله المالي، سيكون « فاتحة خير «كبيرة وستساعد هذه البورصة على تحقيق «العالمية» لهذا المركز «الفتي»، إذ ستكون البورصة جاذبة لمئات الشركات العالمية المتاجرة بالنفط ولشركات وبنوك الاستثمار العالمية، وللمتعاملين مع هذه السلعة بأشكالهم كافة، كما أنها ستنتج حراكا تجاريا واقتصاديا غير مسبوق ليس في المركز وحده بل في المدينة والمنطقة ككل..وهي فرصة علينا انتهازها إذا كانت لدينا رغبة في تحرير النفط من «قبضة المضاربين».. وهي المشكلة التي أحدثت تذبذبا وعدم استقرار في أسعار النفط في السنوات الأخيرة.. فهل يتحقق «الحلم»؟!