بنوك الإمارات لا تتعجل اللجوء إلى القضاء للاستحواذ على أصول لمتعثرين
أفاد محللون ومسؤولون في بنوك أن البنوك الإماراتية التي لها تعرض كبير لسوق العقارات المتداعي في المنطقة يمكنها اللجوء إلى قانون محلي يتيح لها الاستحواذ على أصول لمقترضين متعثرين لكنهم استبعدوا زيادة كبيرة في اللجوء إلى القانون في الوقت الحالي.
وأصبح بنك باركليز هذا الأسبوع أول بنك في دبي يحصل على أمر قضائي بالاستحواذ على عقارات مملوكة لمقترضين متعثرين إلا أن بنوكا أخرى ليست في عجلة من أمرها كي تحذو حذوه فيما تسعى لتجنب المزيد من الضغوط على سوق العقارات، وسمح قرار محكمة لباركليز بالحجز على عدة عقارات. ورفضت متحدثة باسم البنك الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وعانى القطاع العقاري في دبي تباطؤا حادا تحت وطأة الأزمة المالية العالمية ويقدر محللون أن الأسعار انخفضت بأكثر من 50 في المائة من الذروة التي بلغتها وقت الطفرة العقارية. وتأثرت بشدة أسهم أملاك وتمويل أكبر بنكين للتمويل العقاري في الإمارة من الأزمة واللذين يعتزمان الاندماج. وعلق تداول أسهم البنكين في 2008. ويسمح الحجز للبنك بالاستحواذ على العقارات التي يتعثر أصحابها عن سداد قرض التمويل العقاري. وتسبب التباطؤ الاقتصادي في المنطقة الذي تزامن مع انفجار فقاعة العقارات في دبي في أواخر 2008 في زيادة كبيرة في مخاطر التعثر في السداد.
ومع ذلك تقول بعض البنوك إنها لن تلجأ إلى القانون الجديد إلا كخيار أخير لأن انخفاض قيمة الأصول العقارية يعني تكبدها خسائر.
وقالت آمنة سليم مسؤولة التمويل العقاري في ستاندر تشارترد وهو لاعب رئيس في سوق التمويل العقاري في الإمارات ويواصل تقديم القروض رغم التباطؤ «لا يستحوذ البنك حاليا على أي عقارات تعثر أصحابها في السداد أو يطالب باسترداد (أصول)».
وتابعت تقول «قيم العقارات منخفضة حاليا وبالتالي ستتكبد البنوك خسائر فادحة من بيعها، «بدلا من ذلك يقدم البنك برنامج إنقاذ من الديون لإعادة تقييم الوضع المالي للعملاء الذين لم يقوموا بالسداد لمدة شهرين أو نحو ذلك. يطلب منهم البنك أن يسددوا الفوائد فقط».
وقال رئيس وحدة قروض الأفراد في بنك عالمي كبير في المنطقة إن البنوك ستنتظر أيضا المزيد من الوضوح حول القانون قبل أن تنقل الأمور إلى ساحات المحاكم.
وأضاف المسؤول التنفيذي الذي طلب عدم نشر اسمه «من السابق لأوانه الحديث عن مدى وضوح القانون.. يتوقف ذلك على شكل العملية وزمنها».
وتابع «كما يعتمد أيضا على القيمة الأساسية للأصول .. انخفضت أسعار العقارات في المنطقة بصورة كبيرة. ربما ترغب البنوك في متابعة العمل مع العملاء بدلا من المطالبة باسترداد العقار.
كما يتوخى المحللون الحذر من تفسير قضية باركليز على أنها مؤشر على أن البنوك ستبدأ على نطاق واسع إجراءات الاستحواذ على الأصول التي تعثر أصحابها في السداد.
وقال علي خان العضو المنتدب ورئيس وحدة السمسرة في أرقام كابيتال «لا أعتقد بالضرورة أن (الأمر القضائي الخاص ببنك باركليز) سيكون مقدمة لموجة استحواذات واسعة على أصول تعثر أصحابها في السداد».
وأشار خبراء آخرون إلى أن الحكم خطوة مهمة في سبيل تطور سوق العقارات في دبي التي تشتهر بمشاريعها الضخمة مثل أطول برج في العالم وجزر صناعية على شكل نخيل.
وقال ماثيو جرين رئيس وحدة الأبحاث والاستشارات في سي. بي ريتشارد اليس ميدل أيست «لا نتوقع أن تستخدم هذه العملية في كل نزاع».
«إنها عملية أخرى مهمة تساعد سوق العقارات في طريقها إلى النضج».
وقبل أيام، حصل بنك باركليز على حكم في أول قضية تسمح بالاستحواذ على منازل مقترضين متعثرين في دبي. وحسمت المحاكم المختصة قضية تعثر بعض ملاك العقارات من سداد دفعاتهم المالية لبنك باركليز الإمارات لصالح الأخير، ما يمكن البنك من التصرف بعقارات أولئك الملاك الذين تنوعت أسباب عدم سدادهم للقروض المستحقة بذمتهم للبنك. ونمت قيمة المخصصات للديون المتعثرة في الإمارات في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بـ 68 في المائة إلى 32 مليار درهم مقارنة بالفترة ذاتها من 2008. وأوضح اقتصادي أن الحكم يمثل بداية لنضوج قطاع الرهن العقاري في الإمارات، خاصة أنه سيفعل قانون الرهن رقم 14 لسنة 2008. وأضاف أن الحكم له انعكاسات سلبية على القطاع العقاري وأخرى إيجابية، ومن شأنه أن يزيد من تملك البنوك للعقارات التي تعثر أصحابها في سداد ديونهم، وبالتالي ستقوم البنوك بتأجيرها أو بيعها وهو ما سيؤثر في الإيجارات وأسعار البيع.
ويعطي الحكم مؤشر ثقة للبنوك والعقارات، لأنه يمهد الطريق باتجاه نضج الرهن العقاري، ما يدفع البنوك مع ضمان الحصول على مستحقاتها، إلى زيادة القروض العقارية، والقانون يمنح الممولين ممارسة حقهم القانوني بعد ستة أشهر من تعثر المشتري.
وبلغ حجم الرهن العقاري في الإمارات 137.6 مليار درهم خلال 2009، بحسب بيانات مصرف الإمارات المركزي، وقد تم أخذ ما بين 25 و30 ألف رهن عقاري، تستحوذ دبي على 95 في المائة، منها. ويقول المصرف المركزي إن القطاع العقاري يستحوذ على 13 في المائة، من إجمالي القروض في الدولة.
وتتم آلية التمويل العقاري بموجب شيكات يوقعها المقترض، وفي الدول الأخرى تتم عبر عقود رهن عقاري فقط، وهو ما يعطي الحق في تملك العقار في حال التعثر، وبالتالي ينتهي الخلاف القانوني.
ويتوقع تزايد أعداد القضايا والأحكام التي تسمح للبنوك بالاستحواذ على منازل متعثرين خلال الفترة المقبلة، مع تشدد البنوك في التعامل مع المقترضين المتعثرين، وكان من المتوقع أن يصدر في الربع الثاني أو الثالث من 2008، حيث بدأت الأزمة في تشرين الأول (أكتوبر) من 2008، وكان هذا التاريخ بداية لظهور حالات تعثر في سداد القروض، ووفقاً للقانون لا يحق للبنك رفع قضايا إلا بعد تعثر العميل في سداد ستة أقساط متتالية، والقضايا تستغرق بين ثلاثة وستة أشهر، وبالتالي يعتبر توقيت ظهورها في كانون الثاني (يناير) الجاري متأخراً.