إطلاق سوق السندات .. والتصويت إلكترونيا .. والرياض مقر للبنك المركزي الخليجي
أكد التقرير السنوي لمركز ''معلومات مباشر'' أن كثيرا من الأحداث المحلية والخليجية دفعت بنظيرتها العالمية إلى الوراء خلال عام 2009 من حيث الأكثر تأثيرا في الاقتصاد والسوق السعودية، وجاء عام 2009 مختلفاً تماماً عن 2008 من ناحية أولوية الأحداث الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية، حيث برزت الأحداث المحلية في السعودية ''سعد والقصيبي'' والخليجية ''أزمة دبي'' أكثر أهمية وتأثيرا في المملكة من الأحداث العالمية على عكس ما كان عليه الحال خلال العام المنصرم ''2008'' والذي استحوذت خلاله أحداث الأزمة العالمية على مجريات الأمور، إضافة إلى بداية سوق الصكوك في المملكة إلى جانب استحواذ شركة المراعي على هادكو بينما كانت قنبلة الأخبار متمثلة في إعلان (سابك) توزيع 4.5 مليار ريال على مساهميها أرباحاً عن 2009 .
مفاجآت سابك
اعتادت (سابك) خلال عام 2009 على المفاجآت وكانت أولى هذه المفاجآت نتائج الربع الأول التي جاءت مخيبة للآمال بشكل كبير ''حيث حققت الشركة خسائر صافية بمقدار 974 مليون ريال'' حتى أن البعض طالب بتجزئة الشركة إلى مجموعة من الشركات فيما حدد آخر قيمتها العادلة حينها بين 22 إلى 28 ريالا سعوديا ، وكانت هذه الخسائر نتيجة لإطفاء الشركة لجزء من شهرة شركتها التابعة ''سابك للبلاستيكات المبتكرة'' في الولايات المتحدة ''قدرت الشركة هذه الشهرة بـ11 مليار ريال فيما قدرها آخرون بأرقام مختلفة''، ثم يأتي الربع الثاني ليستمر مسلسل مفاجآت (سابك)، حيث أعلنت عن عدم شطبها لجزء آخر من الشهرة كما فعلت بالربع الأول، أما الربع الثالث فكانت المفاجأة في الاتجاه المعاكس حيث نمت الأرباح الصافية للشركة بنسبة 100 في المائة عن الربع الثاني من العام نفسه، لكن بالنسبة للربع الرابع فما زال الجدل مستمرا والمفاجآت متوقعة نتيجة لعدم معرفة إذا ما كانت (سابك) ستشطب جزءا من شهرتها أم لا وتأثير ذلك في نتائجها السنوية المدققة إذا ما قامت به، وتأثيره فيها مستقبلا إذا لم تقم.
وقبل نهاية العام بأيام قليلة ''21 كانون الأول (ديسمبر)'' قرر مجلس إدارة (سابك) التوصية إلى الجمعية العامة للشركة بالموافقة على صرف 4.5 مليار ريال أرباحا نقدية على المساهمين عن عام 2009م بواقع 1,5 ريال للسهم الواحد لتكون بذلك قد وزعت ما يعادل أرباحها الصافية للأشهر التسعة الأولى من العام في حال إقرار الجمعية العمومية لها.
سوق الصكوك والسندات:
في الـ 13 من حزيران (يونيو) 2009 بدأ تداول سوق الصكوك والسندات السعودية ومنذ ذلك التاريخ يتم تداولها يوميا من الساعة 11:30 صباحاً وحتى الساعة 3:00 بعد الظهر، وخلال هذه الفترة يتم قبول وتنفيذ الأوامر على الصكوك والسندات المدرجة، وتتم تسوية العمليات بعد يومين من تاريخ التنفيذ T+2، وبدأ تداول السوق وسط توقعات بأن يكون الإقبال عليه ضعيفا من قبل الأفراد واقتصاره فقط على المؤسسات في البداية ''وهو ما حدث بالفعل''، في ذلك الوقت اعتبر خبراء أن سوق السندات مصدر تمويل أفضل من البنوك خاصة بعد رفعها لأسعار الفائدة على الإقراض وإحجامها عن التمويل إلا في حدود ضيقه وبشروط متحفظة جراء الأزمة المالية العالمية، وتوقع الخبراء ألا تؤثر في سوق الأسهم أو تسحب السيولة منها، كما توقعوا أن تكون أداة جيدة لإدارة السيولة في المملكة.
في النهاية تحققت التوقعات فيما يخص ضعف تداولات سوق الصكوك والسندات حيث جاءت تداولاته متدنية خلال عام 2009 إجمالا كونها اقتصرت على أربعة إصدارات فقط إصدارين لشركة سابك ومثلهما لشركة الكهرباء السعودية، فيما تنتظر السوق السعودية إصدار خامس للبنك السعودي الهولندي.
''سعد'' و''القصيبي'' العنوان الأبرز
استحوذت قضية مجموعتي سعد ''معن الصانع'' و''القصيبي'' العائليتين على الجانب الأكبر من الجدل والنقاش الاقتصادي على المستوى المحلي السعودي خلال عام 2009، من المؤكد أن القضية لها جذور قديمة لكنها طفت إلى السطح مع تصريح أحد البنوك المشتركة في تقديم قروض لمجموعة سعد ''التي يملكها معن الصانع'' ولشركة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، يشير إلى أن أكبر البنوك المتعثرة بسبب تقديم القروض إلى هاتين الشركتين هم (BNP باريبا الفرنسى) و(سيتى جروب الأمريكي) و(مجموعة سامبا المالية السعودية) و(البنك العربي الأردني)، وأنهم قدموا نحو 16 في المائة من الـ6.3 مليار دولار (القروض المقدمة للشركتين)، كما جاء في التصريح أن مجموعة سامبا المالية -التي يرأس مجلس إدارتها سعود القصيبي ويمتلك معن الصانع فيها حصة تبلغ 7.8 في المائة قدمت قروضا بنحو 300 مليون دولار للمجموعتين، ومنذ هذه اللحظة بدأ الجدل يحتدم حول تعثر المجموعتين وحجم هذا التعثر ومدى تأثيره في القطاع البنكي السعودي من جهة واقتصاد المملكة إجمالاً من جهة أخرى، وفي هذا السياق، قدرت بلومبرج ديون المجموعتين بـ15.7 مليار دولار فيما قدر بنك ستاندرد ستارترد أن البنوك السعودية أقرضت المجموعتين نحو خمسة مليارات دولار. وخلقت هذه الأحداث حالة من القلق حول وضع البنوك المحلية ومدى انكشافها على المجموعتين ومن ثم البنوك الخليجية والتي أعلن عدد كبير منها تعرضه للمجموعتين في دول الإمارات والكويت وسلطنة عمان وغيرها، فيما لم تعلن البنوك السعودية مدى انكشافها على المجموعتين في وقتها ''والى الآن'' مما فتح المجال للتكهنات والتوقعات وضغط على القطاع البنكي السعودي بشكل خاص والسوق المالية السعودية وأسواق الخليج بشكل عام في ذلك الوقت.
وللحد من تأثير الأزمة لجأت البنوك المحلية إلى زيادة مخصصاتها بالربعين الثاني والثالث لمقابلة الديون المشكوك في تحصيلها من المجموعتين إلى أن وصلت المخصصات بنهاية الربع الثالث إلى ما بين سبعة إلى ثمانية مليار ريال ''وكذلك فعلت البنوك الخليجية'' وذلك على عكس الربع الأول الذي اتجهت فيه بنوك المملكة إلى زيادة المخصصات أيضا ولكنها كانت لمقابلة استثمارات دولية وكان أبزرها بنك الرياض.
وفي منتصف أيلول (سبتمبر) من العام تطورت الأحداث باستقالة سعود القصيبي من مجلس إدارة سامبا وهو ما فسره البعض بأن اللجنة الخاصة بتسوية قضية سعد والقصيبي هي المسؤولة عن إقالته وبعدها ظهرت أنباء عن تسوية ديون معن الصانع مع البنوك المحلية وباع معن الصانع حصته في سامبا البالغة 7.8 في المائة للبنوك المحلية والتي تم تفسيرها على أنها كانت رهونات مقابل القروض التي اقترضها من البنوك المحلية ومنذ هذا التاريخ دخلت أسهم البنوك السعودية في ماراثون طويل من الارتفاعات المتوالية إلى أن ظهرت في الأفق أزمة دبي لتعكس البنوك اتجاهها مرة أخرى.
استحواذ ''المراعي'' على ''هادكو'' والتصويت إلكترونيا
أعلنت شركة المراعي في 17 تشرين الأول (أكتوبر) إكمال عملية الاستحواذ على 100 في المائة من أسهم شركة حائل الزراعية (هادكو) وذلك بعد موافقة الجمعية العامة غير العادية لشركة هادكو وتم الاستحواذ من خلال أول عملية تصويت إلكتروني في السوق السعودية بل هي المرة الأولى على مستوى العالم التي يتم فيها التصويت بهذه الطريقة.
وعن مستقل مثل هذه الاستحواذات والاندماجات في السعودية، توقـــــع خبــراء مصرفيون واقتصاديون أن تشهد السوق السعودية العام المقبل 2010 عمليات استحواذ واندماج جديدة، على غرار استحواذ ''المراعي'' على ''حائل الزراعية'' خاصة بقطاعي الزراعة والتأمين.
أزمة دبي تكمل مسيرة ''سعد'' و''القصيبي''
بعد أن امتد تأثير قضية مجموعتي سعد والقصيبي السعوديتين من الاقتصاد والسوق السعودية إلى أسواق منطقة الخليج والعالم خلال عام 2009 ''وما صاحب ذلك من تناوب بنوك المنطقة بإعلان حجم انكشافها على المجموعتين'' تأتي بعد ذلك أزمة دبي لتخيم على الأجواء وتجتذب الأنظار بعيداً ''ولو جزئيا'' عن قضية سعد والقصيبي لتلعب الدور نفسه في التأثير في أسواق المنطقة ومنها السوق السعودية لكن الاختلاف الوحيد هذه المرة يكمن في منبع الأزمة حيث كانت السعودية في سعد والقصيبي بينما هي الإمارات في أزمة دبي لكن تبقى التأثيرات في السوق السعودية والأسواق الخليجية متشابهة إلى حداً بعيد، بهذا جاءت أزمة دبي لتؤكد من جديد طغيان تأثير الأحداث المحلية والخليجية في نظيرتها العالمية خلال عام 2009، وإضافة إلى أزمة دبي، برز اختيار الرياض مقرا للاتحاد النقدي الخليجي وبدء تفعيل اتفاقية الوحدة النقدية الخليجية كأهم أحداث العام خليجياً.
اختيار المملكة مقراً للاتحاد النقدي الخليجي
اختار قادة دول مجلس التعاون ''خلال القمة التشاورية التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قصر الدرعية في 5 أيار (مايو)'' الرياض مقراً للمجلس النقدي الخليجي والبنك المركزي لدول مجلس التعاون وهو ما ترتب عليه انسحاب الإمارات العربية من الاتحاد النقدي الخليجي لعدم اختيار الإمارات مقرا له وجرت محاولات مكثفة لإعادتها إلى الاتحاد النقدي الخليجي لكنها في النهاية باءت بالفشل. وفي قمة الكويت 15 كانون الأول (ديسمبر) قامت دول الخليج العربية بتفعيل اتفاقية الوحدة النقدية رغم غياب لاعبين رئيسين هما الإمارات وعمان، ومن المنتظر أن محافظي البنوك المركزية في الدول الأربع الاتحاد النقدي الخليجي وهي: السعودية والكويت وقطر والبحرين ستضع جدولا زمنيا لإقامة بنك مركزي مشترك.