استثمارات البنوك السعودية في الخارج تصعد إلى 108 مليارات ريال
كشفت بيانات حديثة من مؤسسة النقد أن البنوك السعودية واصلت رفع استثماراتها في الخارج مع تدني الفائدة محليا، حيث بلغت المطلوبات الأجنبية للبنوك المحلية 108.4 مليار ريال في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مقابل 94.3 مليار ريال في تشرين الأول (أكتوبر) و98.2 مليار ريال في أيلول (سبتمبر) الماضي و94.5 مليار ريال في آب (أغسطس) و90 مليار ريال في تموز (يوليو) من العام الجاري، محققة بذلك أعلى مستوى لها منذ تسعة أشهر. ومعلوم أن استثمارات البنوك السعودية في الخارج وصلت إلى أدنى مستوى في آذار (مارس) 2008 وسجلت 2.6 مليار ريال وهو الأدنى منذ 1975.
وتعززت السيولة لدى المصارف المحلية مع اتخاذ مؤسسة النقد عدة خطوات إيجابية مع اندلاع الأزمة المالية في العالم حيث خفضت الاحتياطي الإلزامي من 13 في المائة إلى 7 في المائة لتوفير السيولة في النظام المصرفي، صاحب ذلك خفض متوال في سعر الفائدة لتحفيز البنوك على ضخ سيولتها في الاقتصاد بدل إيداعها لدى المؤسسة. ويحدث توجيه سيولة البنوك إلى الخارج في الوقت الذي يعيش فيه سوق الدين المحلي جمودا كبيرا، فضلا عن رفع البنوك الفائدة على القروض الاستهلاكية وقصيرة الأجل إلى مستويات عالية تقارب 9 في المائة، رغم تدني سعر الفائدة الأساسي إلى مستويات تاريخية.
وأظهرت بيانات «ساما» تراجع صافي موجودات البنوك السعودية في المصارف الأجنبية من 97.1 مليار ريال في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) من العام الجاري إلى 95.3 مليار ريال في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) أي بنسبة تراجع بلغت 1.8 في المائة. فيما ارتفعت الودائع البنكية بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) لتسجل 929.9 مليار ريال مقارنة بنحو 915.8 مليار ريال بنهاية تشرين الأول (أكتوبر).
وعن النشاط الائتماني والاستثماري للمصارف التجارية ارتفع إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص - وهو مؤشر رئيسي على ثقة البنوك بالاقتصاد - مع نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الجاري إلى 748.7 مليار ريال مقارنة بـ 747.1 مليار ريال خلال تشرين الأول (أكتوبر) لتسجل بذلك أعلى مستوياتها منذ عشرة أشهر، كما سجل إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الحكومي وشبه الحكومي (ائتمان مصرفي واستثمارات) نموا خلال الشهر نفسه بلغ 180.3 مليار ريال مقارنة بـ 172.7 مليار ريال في تشرين الأول (أكتوبر).
بينما نما حساب رأس المال في المصارف التجارية (وهو رأس المال والاحتياطيات مضافا إليها ربحية البنوك) من 189 مليار ريال في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) إلى 191 مليار ريال في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) أي بنسبة نمو بلغت 1.05 في المائة.
أمام ذلك، أشار تركي بن عبد العزيز الحقيل المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي إلى أن أرباح معظم البنوك في السعودية تعرضت لضغوط خلال هذا العام نتيجة انخفاض في أسعار الفائدة وانخفاض في صافي الإقراض للقطاع الخاص حتى تموز (يوليو) الماضي، حيث بقيت المصارف حذرة جدا من التعامل مع الشركات بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وتخفيض ديون القطاع الخاص، كما اضطرت البنوك إلى أن تأخذ مخصصات إضافية نتيجة لارتفاع القروض المتعثرة.
ولفت الحقيل، إلى أن بيانات مؤسسة النقد أظهرت أن الأرباح التراكمية للبنوك السعودية كانت أفضل في النصف الأول من هذا العام عما كانت عليه في النصف الثاني، حيث بلغ مجموع الأرباح 8.25 مليار ريال في الربع الأول من 2009 و7.92 مليار في الربع الثاني و7.05 مليار ريال خلال الربع الثالث من العام نفسه، مرجحا أن انخفاض أرباح البنوك جاء متزامنا مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد، الذي شهد تراجعا كبيرا في النصف الثاني من هذا العام عما كان عليه في النصف الأول. وقال «لا تزال البنوك والمصارف مربحة، حتى وإن كانت هذه الأرباح قد انخفضت هذا العام. فمن المرجح أن تظهر أرباح الربع الرابع من هذا العام أكثر هدوءا من النتائج السابقة، ولكن نعتقد أن تنمو الأرباح في عام 2010 مع نمو الاقتصاد المحلي».
ووصف الحقيل بيانات عرض النقود بأنها مستقرة، والإقراض المصرفي والبنكي للقطاع الخاص يظهر علامات من الانتعاش، مؤكدا أن توقف هبوط الائتمان المصرفي الممنوح لشركات القطاع الخاص دليل إيجابي وخطوة إيجابية للغاية لتحقيق انتعاش صحي في عام 2010. وأضاف «لكن الإقراض المصرفي هو العنصر الأكثر أهمية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وأنا الآن أكثر تفاؤلا حول وتيرة الإقراض المصرفي مما كنت عليه من قبل بضعة أشهر».
وأبدى المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي عدم الانزعاج أو التخوف من تراجع إجمالي الأصول الأجنبية الخارجية لدى مؤسسة النقد مع نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بنحو 12 مليار ريال لتستقر عند 1.504 تريليون ريال مقارنة بنحو 1.515 تريليون ريال بنهاية تشرين الأول (أكتوبر)، متوقعا في هذا الصدد أن تنمو وتزداد الأصول الأجنبية في الأشهر القليلة المقبلة نظرا إلى أن أسعار النفط لا تزال مرتفعة وفي نمو.
وحول معدلات التضخم، قال إن التضخم قد انخفض خلال عام 2008 وسيصل إلى نحو 5 في المائة لعام 2009 ولكن الارتفاع في الأسعار قد يشير أيضا إلى أن الاقتصاد السعودي بدأ ينمو من جديد، على أن يكون هناك مزيد من الطلب المحلي. مشيرا إلى أن الاقتصاد المحلي سيواجه ضغوطا تضخمية في عام 2010 بسبب ضغوط الأسعار المحلية والخارجية، وأنه من المتوقع أن يبلغ مستوى التضخم خلال العام المقبل نحو 4.6 في المائة.