رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قفز الإنفاق الحكومي فوق الأزمة.. فهل يقفز القطاع الخاص معه؟!

## المشهد العام

الميزانية التي أعلنت بالأمس هي ميزانية الأرقام القياس، إذ تحوي أعلى إنفاق تقديري وأعلى إيراد تقديري وأعلى عجز تقديرة في تاريخ الموازنة العامة السعودية، كما بينت تراجعاً لمؤشر الأسعار وتراجع النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة.

ورغم أن عام 2009 سينتهي بعجز طبقاً لبيان وزارة المالية، إلا أن التوجه الاستراتيجي لحكومة خادم الحرمين الشريفين بأن يكون الإنفاق العام أداة لتحقيق النمو والازدهار دفع بإعلان أكبر إنفاق في تاريخ المملكة، وهذا أمر يحدث للسنة السابعة على التوالي ودونما انقطاع.

وهكذا نجد أن التوجه الحكومي يتأكد بأن المراهنة على توسيع الاقتصاد السعودي وقبل ذلك تحسين مستوى معيشة المواطن غدا أمراً محسوماً.

عالمياً، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنحو 1.1 في المائة في العام الجاري (2009) وأن ينمو بمقدار 3.1 في المائة في العام المقبل (2010).

وعلى الرغم من أن العام سيودعنا قريباً، إلا أن تداعيات الأزمة المالية ستستمر, لكن بحدة أقل، فعلى سبيل المثال من المتوقع أن يخرج اقتصاد الولايات المتحدة من انكماشه في عام 2010.

#2#

ومع ذلك، يبدو أن التوجه هو أن عام 2010 سيكون بمثابة مقدمة لخروج العام من تداعيات الأزمة المالية العالمية.

ومحلياً، نطوي صفحة العام المالي 2009 بالاطمئنان إلى تجاوز سعر النفط هواجس الانهيار التي أرعبتنا في الربع الأخير من العام الماضي 2008 واستمرت في تشويه المشهد الاقتصادي حتى بعد انقضاء الربع الأول من عام 2009.

والمخاوف كانت في محلها، فاقتصادنا منكشف انكشافا هائلاً على النفط وإيراداته, لكن الليلة لا تشبه البارحة فيما يتعلق بسعر النفط، فقد كانت أسعاره تكابد في بحر الـ 30 دولاراً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أما الآن فقد تجاوز ضعف ذلك.. وفوق ذلك، فمتوسط سعر النفط للعام الحالي يقدر بنحو 61.5 دولار أمريكي، وهو مرشح ليكون خلال العام المقبل (2010) أعلى من ذلك بنحو 25 في المائة.

وهكذا، يمكننا القول إن السعودية تستقبل العام الجديد بقدر أعلى من الاطمئنان، فقد أقدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين العام الماضي على اتخاذ قرار جريء عندما تعاملت مع الأزمة بروح عالية من المبادرة من خلال استراتيجية زيادة الإنفاق، وأدى ذلك التعامل المبادر إلى تجنيب اقتصادنا المحلي مخاطر الانكماش للحفاظ على الطلب وبالتالي على النمو الاقتصادي المستهدف، وبذلك تمكن الناتج المحلي الإجمالي من نموه (بالأسعار الثابتة) المتواصل دونما انقطاع منذ عام 2000.

#3#

ومحل الجرأة هنا أنه لم يكن معروفاً آنئذ من سيمول الإنفاق المتزايد: هل إيرادات النفط أم الاحتياطيات المالية للدولة؟ إذ لم يك بوسع أحد التنبؤ في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي إلى أين ستتجه أسعار النفط.

إذا، ونحن نودع عام 2009 نشعر بمستوى أعلى من الاطمئنان على استقرار إيرادات النفط, بل ميلها إلى الارتفاع، أو هكذا يبدو المشهد أمامنا.

وهذا يعني، أننا في وضع يبرر قدراً أعلى من التفاؤل بالعام المقبل 2010 مقارنة بالعام الماضي 2009، فقد يغلق العام المقبل بإيرادات نفطية تتجاوز 800 مليار ريال سعودي.

إذاً، تستقبل الحكومة العام المالي الجديد ومقدرتها أكبر للاستمرار في سياسة الحفز الاقتصادي.. أكبر مما كانت عليه قبل عام من الآن، لكن السؤال يبقى: هل ستتعدد عناصر سياسة الحفز الاقتصادي؟ أي هل ستواصل الحكومة زيادة الإنفاق على المشاريع العائدة لها التي تنفذ من خلال القطاع الخاص عبر مقاولين وعقود؟ أم أنها ستواصل في الرفع من زخم دعم المشاريع الصغيرة والناشئة في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وستتوسع في ذلك توسعاً يرتكز إلى تشجيع توظيف الذات والحد من الهجرة من الهجر والمراكز والمحافظات النائية إلى المدن الكبيرة المكتظة؟ أم أنها ستزاوج كل ذلك مع الانكباب على تنفيذ استراتيجية التخصيص باعتبار أن أحد المرتكزات الأساسية للخطط التنموية منذ الخطة الخمسية الرابعة هو توسيع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي؟ وبالتأكيد، فالتخصيص المقصود هنا هو التوسع في استخدام صيغة «الشراكة الحكومية والخاصة» PPP لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والفوقية.

والقصد هنا، أن الإنفاق الحكومي هو قاطرة الاقتصاد السعودي، وبالتأكيد فإن كل شخص يتطلع ويتوقع، ويكون حماسه وفتوره بالقدر الذي سيعود عليه الإنفاق بصورة مباشرة وغير مباشرة.

ولعل من المفيد الإشارة إلى أن طرح هذه الأسئلة ضمن حياض الاقتصاد السعودي ينطلق من واقع يقول إن للإنفاق والمبادرة الحكومية دوراً ريادياً محورياً في الاقتصاد السعودي.. هكذا كان الأمر على مدى الـ 40 عاماً الماضية وسيستمر لسنوات ما دامت مفاتيح الاقتصاد السعودي مودعة في الخزانة العامة، أي طالما بقيت مساهمة القطاعات الحكومية (وعلى رأسها النفط) تشكل مرتكز الاقتصاد السعودي والآلة الأهم لتوليد القيمة المضافة.

وبالتأكيد، فقد حققت أجندة التنويع مكاسب عدة أخيرا، ليس أقلها البدء في إعادة هيكلة البنك الزراعي ليكون صندوقاً تنموياً ورفع رأسماله، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بنك التسليف والادخار.

#4#

أما المكاسب التي تبرر قدراً إضافياً من التفاؤل فهي أن معالجة الفساد أخذت منعطفاً سيأخذنا إلى مسار أكثر صرامة من حيث المساءلة، التي بقيت ـ إلى الحد البعيد - رقابة لاحقة من خلال ديوان المراقبة العامة, ولعل الأحداث المؤسفة التي نتجت عن سيول جدة ستكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير.. رغم أن ما حدث ليس شعرة بكل تأكيد.

أما النقلة النوعية فتكمن في الانطلاقة الصارمة التي خطتها توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وهذا أمر سيكون له ما بعده دون شك.

وهكذا، فإن المرتكز سيكون نحو مزيد من الشفافية والمساءلة. وهذا بدوره سيعني, إضافة إلى كل المعاني الكبيرة, مزيداً من التحسن في مناخ الاستثمار، وبالتالي تحول ذلك إلى فرص عمل واستثمار.

## الموازنة والدور المتجدد

رغم أن إعلان الموازنة يبين ما ستنفقه الحكومة على أنشطتها وبرامجها ومشاريعها لعام مقبل، لكن من المناسب طرح السؤال التالي: ما الدور الذي على القطاع الخاص ممارسته وسط التغييرات المحلية من إنفاق متزايد من قبل الحكومة ووسط الإقبال غير المسبوق من قبل الشركات الأجنبية للاستثمار في المملكة؟ ومناسبة طرح هذا السؤال هي أن التغييرات المستجدة تتطلب أدوات ومهارات وبرامج ليس بوسع أحد منافسة القطاع الخاص فيها.

بمعنى أنه في حال عدم قيام قطاعنا الخاص بأخذ المبادرة فلن يكون بوسع أحد أن يحل محله. وليس بوسع أحد الإقلال من تأثير وأهمية أو عمق هذه المتغيرات: إنفاق حكومي عال يهيئ مناخاً استثمارياً إيجابياً للقطاع الخاص، ومن جهة أخرى «فيضان» من الشركات الأجنبية تأتي بخبرتها وخبرائها وتقنياتها وتمد اليد لتعمل في كنف قطاعنا الخاص.

في المقابل ما الخطوات الاستراتيجية أو غير الاستراتيجية التي اتخذها قطاعنا الخاص للاستفادة من هذه المستجدات؟ ندرك أن العالم عايش أزمة مالية وتداعياتها، فهل نمر نحن بالأزمة ذاتها؟! يمكن الجدل أن مبادرة الحكومة لضخ مزيد من المال مبكراً باعد بين الاقتصاد السعودي والوقوع في أتون الأزمة، لكن القطاع الخاص إجمالاً قرر ـ فيما يبدو- أن يماهي الأزمة العالمية، فوجدنا حتى سوق الأسهم السعودية, وهي سوق محلية محدودة الانكشاف على الخارج، وجدنا أحجام التداول فيها ضعيفة ووجدناها تتأثر سلباً بما يحدث في الأسواق العالمية، بل تراجعت قيمة الاكتتابات الأولية فيها بنحو 90 في المائة عن العام الذي سبق.

بل حتى عندما تراجعت سوق دبي أخيرا تراجعاً كبيراً قررت سوقنا مجاراة دبي في ذلك!
الحديث هنا لا يقتصر أن يعقد القطاع الخاص ورشات العمل للحديث عن الأزمة المالية وتداعياتها، ولكن السعي إلى إعادة ترتيب الصفوف حتى يستفيد اقتصادنا السعودي استفادة نوعية كبيرة من الفرص المواتية، فالاقتصاد في أحسن حالاته رغم ما يدور في العالم من حولنا ورغم الضغوط بداية هذا العام على أسعار صادراتنا النفطية وغير النفطية.

كما أن الساحة الاقتصادية متاحة للقليل من اللاعبين ممن يملكون المال والرؤية والطموح وخطة العمل.

بناء على ما تقدم، فلعل من المناسب أن تضع وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية استراتيجية لقطاع الأعمال لتكمل بذلك الجهد الكبير الذي قامت به لإكمال الاستراتيجية الصناعية للمملكة، والهدف هنا هو : وضع استراتيجية لقطاع الأعمال السعودي للاستفادة من الواقع الجديد للاقتصاد العالمي والإقليمي.

## الإيرادات

شهدت 20 سنة الماضية تذبذبا واضحا في إيرادات الخزانة العامة السعودية, فنجد مثلا عام 1985 أن الإيرادات الفعلية للخزانة تدنت لتصل إلى 76.5 مليار ريال وحققت الخزانة العامة في ذلك العام عجزا قدره 61 مليار ريال، لكن ذلك العام لم يكن الأسوأ من حيث العجز في الخزانة العامة، إذ تبعته أعوام كانت عصيبة بالفعل، منها على سبيل المثال الفترة من 1990 إلى 1991 عندما تجاوز العجز فيها 141 مليار ريال.

واستمرت الخزانة العامة في تحقيق عجز في إيراداتها مقابل مصروفاتها حتى عام 2000 عندما حققت الخزانة فائضا قدره 22.8 مليار ريال بعد فترة امتدت نحو عقدين كاملين من تحقيق عجز متصل سنة بعد سنة، لكن الخزانة عاودت عام 2001 لتسجل عجزا تجاوز 25 مليار ريال, وتواصل ذلك عام 2002 بعجز قدره 20.5 مليار ريال.

ولم تسجل الخزانة العامة عجزاً منذ ذلك التاريخ، بل كانت الفترة منذ عام 2003 من أفضل السنوات من حيث فوائض الميزانية، خصوصاً عام 2008 عندما بلغت الإيرادات الفعلية 1100 مليار ريال.

وفيما يتعلق بالعام المقبل 2010، فقد قدر الإنفاق عند 540 مليار ريال، وهو أعلى إنفاق تقديري ورد في أي ميزانية عامة سعودية حتى الآن، إذ من المفيد الإشارة إلى أن الإنفاق التقديري لعام 2006 كان 335 مليارا، وكان قياسيا عند صدوره.

ويحمل هذا الإنفاق سمات واضحة: زيادة الإنفاق على التنمية البشرية بما يتجاوز 105 مليارات ريال، الصحة والتنمية الاجتماعية ارتفع الإنفاق عليها إلى 44.5 مليار. وتجدر الإشارة إلى أن الإنفاق على التعليم العام والعالي والتقني شهد زيادة كبيرة في العام الماضي وتواصل ذلك النهج لهذا العام بإنشاء آلاف المدارس وعدد من الجامعات.

## الميزانية التقديرية والفعلية

أما فيما يتعلق بالميزانية العامة للدولة فنجد أن هناك وتيرة متصاعدة في الإنفاق منذ عام 2002, حيث كانت المصروفات الفعلية تقارب 234 مليار ريال, ثم ارتفعت في 2003 إلى 250 مليار ريال، وإلى 285 مليار ريال في عام 2004، وإلى 346 مليار ريال في عام 2005، وإلى 390 مليارا في عام 2006، وإلى 443 مليار ريال في عام 2007، وارتفعت مجددا في عام 2008 إلى 492، وبلغت 550 مليارا عام 2009.

وبمتابعة الفارق بين الإنفاق التقديري والإنفاق الفعلي يتضح أن هناك فارقا قد يصل متوسطه (تبعاً للفترة التي يشملها التحليل) إلى نحو 20 في المائة، وهو إجمالا فارق بالزيادة منذ عام 1987 فيما عدا أعوام قليلة، كما يلاحظ أن هناك فارقا كبيرا بين الإيرادات التقديرية والإيرادات الفعلية، ما يبرر القول إن الميزانية العامة تبنى على تقديرات شديدة التحفظ ، ولبيان هذه النقطة يمكن بيان الأمثلة التالية:

* إن الإيرادات التقديرية في عام 2003 كانت 170 مليار ريال في حين أن الإيرادات الفعلية بلغت 293 مليار ريال، أي أن الفارق بين التقديري والفعلي بلغ نحو 72 في المائة.

* في عام 2004 قدرت الإيرادات بـ 200 مليار ريال, بينما بلغت الإيرادات الفعلية 392 مليار ريال، أي أن الفارق بين التقديري والفعلي بلغ نحو 96 في المائة.

* في عام 2005 قدرت الإيرادات بـ 280 مليار ريال في حين بلغت الإيرادات الفعلية 564 مليار ريال, أي أن الفارق بين التقديري والفعلي بلغ نحو 101 في المائة.

* في عام 2006 قدرت الإيرادات بـ 390 مليار ريال في حين بلغت الإيرادات الفعلية 655 مليار ريال، أي أن الفارق بين التقديري والفعلي بلغ نحو 68 في المائة.

* وفي عام 2007 قدرت الإيرادات بمبلغ 400 مليار، في حين وصلت الإيرادات الفعلية إلى 621.5 مليار ريال، أي بزيادة قدرها نحو 55.4 في المائة على ما كان مقدرا.

* حتى في الفترة التي عاناها العالم من تبعات الأزمة المالية، نجد أن الإنفاق الفعلي في عام 2008 تجاوز التقديري بنحو 100 مليار ريال، وفي عام 2009 زاد الإنفاق الفعلي على التقديري بنحو75 مليار ريال.

## المصروفات

في جانب المصروفات يلاحظ إجمالا أن المصروفات الفعلية تتجاوز المصروفات التقديرية.

وفي هذا السياق, نلاحظ أن الإنفاق التقديري في عام 2005 قدر الإنفاق بـ 280 مليار ريال, وبلغ الفعلي 346.5 مليار ريال, أي بزيادة تقارب 24 في المائة على ما كان متوقعا.

وقدر الإنفاق لعام 2006 عند 335 مليار ريال وارتفع فعليا إلى 390 مليار ريال، أي بزيادة قدرها نحو 16.4 في المائة.

أما في العام المالي 2007 فقد قدر الإنفاق عند 380 مليارا وارتفع فعليا إلى 443 مليارا، أي بزيادة قدرها 16.6 في المائة تقريبا على ما كان مقدراَ. وتواصلت الوتيرة في عام 2008, حيث تجاوز الفعلي الإنفاق التقديري بنحو 100 مليار ريال.

وفيما يتعلق بالعام المالي 2009 فقد حدد الإنفاق التقديري عند 475 مليار ريال في حين بلغ الإنفاق الفعلي 550 مليار ريال، لتحقق بذلك الموازنة أول عجز منذ عام 2002.

## الإنفاق الاستثماري

تميزت السنوات الخمس الماضية (2005 ــ 2009), وهي سنوات الخطة الخمسية الثامنة بارتفاع المخصص للإنفاق الاستثماري بصورة متسقة، إذ بلغ ما رصد في السنوات الخمس للإنفاق الاستثماري ما قدره 732 مليار ريال.

وهذا تطور نوعي بعد سنوات من تركز الإنفاق العام على المصروفات الجارية. وما مكن الحكومة الموقرة من القيام بذلك ليس فقط توافر المال نتيجة الفوائض النفطية فحسب ولكن وجود رؤية واضحة لتوظيف تلك الفوائض توظيفاً اتخذ من إنجاز الأجندة المتوثبة للملك عبد الله أساساً، وذلك عبر تخصيص اعتمادات متصاعدة للمشاريع من جهة والسعي الحثيث إلى أن يشمل الإنفاق الاستثماري ومشاريعه جميع جنبات البلاد.

وبالتأكيد، فإن نتيجة ذلك الإنفاق هو تحسين فرص النمو الاقتصادي والتنمية الحضرية والاجتماعية ومستوى أعلى من رعاية الفرد والأسرة.

وليس من شك أن ملفات صعبة ما زالت تبحث عن حل منها على سبيل المثال لا الحصر قضية الإسكان، التي لن تحسم فقط من خلال منظومة أنظمة الرهن العقاري, التي من المؤمل أن تقر قريباً، بل كذلك من خلال مبادرة حكومية ذات صلة تتعلق بتكلفة التمويل.. ويمكن الجزم بأن هذا الأمر سيشهد انفراجاً مهماً خلال عام 2010 ـ بإذن الله.

من الملامح الأساسية لميزانية عام 2010 زيادة الإنفاق الاستثماري على مستواه في عام 2009، حيث بلغ 260 مليار ريال أي ما يعادل 48.2 في المائة، في حين خصص لباب المشاريع في عام 2009 الماضي 225 مليار ريال, أي ما يعادل 48 في المائة من إجمالي الإنفاق المقدر، متجاوزاً ما حدد لعام 2008 ( 165 مليار ريال) بنحو 37 في المائة، وبزيادة قدرها 17.9 تقريبا على عام 2007 الذي قدر عند 140 مليار ريال، أي نحو 40.2 في المائة تقريبا من إجمالي الإنفاق لعام 2008.

تجدر الإشارة إلى أن ما خصص للمشاريع لعام 2006 (126 مليار ريال) مثل 37.6 في المائة من الإنفاق التقديري لذلك العام، صعوداً من 27.3 في المائة في عام 2005. وهكذا، نجد أن الإنفاق الاستثماري تصاعد بوتيرة واضحة من نحو 27.3 في المائة في عام 2005 إلى ما يزيد على 48 في المائة في عام 2009، أي من نحو 76 مليار ريال في عام 2005 إلى 225 مليارا في عام 2009، بزيادة قدرها نحو 196 في المائة خلال الفترة 2005 ـــ 2009.

وتجدر الإشارة إلى أن الزيادة في الإنفاق الاستثماري ينسجم مع رغبة الحكومة في تنفيذ برنامج الخطة الخمسية الثامنة التي تسعى إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي متوسطه السنوي 4.6 في المائة، ويبدو أن تحقيق معدل النمو المستهدف للاقتصاد هو تحد حقيقي، إذ قدرت الجهات الرسمية النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2007 بنحو 3.5 في المائة وهو أقل من المستهدف (4.6 في المائة) بفارق كبير يتجاوز الخمس.

وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي حقق نموا حقيقيا في سنوات خطة التنمية الثامنة بدأ من 6.1 في المائة في عام 2005، و4.3 في المائة لعام 2006، و3.5 في المائة في عام 2007، و4.2 في المائة لعام 2008، و0.15 في المائة في عام 2009, حسب بيان وزارة المالية.

يضاف إلى ما تقدم أن تكوين رأس المال الثابت كان في الخطة الخمسية السابعة أقل من المستهدف للقطاعين الحكومي والخاص، فقد كانت مساهمة القطاع الحكومي 3 في المائة في حين كان المستهدف 5.8 في المائة, ولعل من المناسب بيان أن تكوين رأس المال الثابت لعام 2005 بلغ نحو196 مليار ريال تقريبا، كان نصيب الخاص منها نحو 60 في المائة، وفي عام 2006 (آخر عام متوافر عنه البيانات الرسمية) ارتفع إلى 223 مليار ريال تقريبا بما نسبته 58 في المائة تقريبا من إجمال تكوين رأس المال الثابت، وكان واضحا أن مساهمة الحكومة آخذة في النمو، إذ ارتفعت من 54.9 مليار في عام 2005 إلى 67.5 مليار في عام 2006، أي بزيادة قدرها 23 في المائة تقريبا. ويبدو أن وتيرة مساهمة الحكومة في الاستثمار في الأصول الثابتة إلى ارتفاع كنتيجة طبيعية لزيادة الإنفاق الاستثماري.

إذ نلاحظ أن مساهمة الحكومة ارتفعت بمقدار 36.5 مليار ريال في عام 2007 لتبلغ 95.2 مليار ريال من مجموع قدره نحو 292 مليار ريال لذلك العام.

ورغم أن الأنظار ـــ تقليدياً - تتركز على قطاع النفط عند الحديث عن الاقتصاد السعودي إجمالاً والميزانية العامة للدولة تحديداً، إلا أن القطاع الذي لا يزال واعدا على المدى الطويل هو القطاع الخاص لاعتبارات عدة ليس أقلها أنه القطاع «المستقر» النمو للعقود الثلاثة الماضية، حيث قدر نمو عام 2009 بنحو 2.54 في المائة بالأسعار الثابتة، وقد قدرت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009 بالأسعار الثابتة بنحو 47.8 في المائة.

وفي حين أن من المتوقع أن يواصل القطاع الخاص نموه في العام المالي 2010، لاعتبارات عديدة منها بدء تشغيل عديد من المشاريع, وكذلك استقطاب مزيد من الاستثمارات تتجاوز ما تحقق في عام 2009 رغم الاستقطاب الملموس للاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الخمس الماضية, وكذلك بروز مؤشرات بأن أداء السوق المالية سيكون أفضل في عام 2010 من خلال استقطابه مزيدا من السيولة نتيجة العودة المنتظرة للطروحات الأولية وعودة الحياة لنشاط «الملكية الخاصة» وانطلاق مؤسسات متخصصة في «رأس المال الجريء».

## الختام

وفي الختام، أرفع - بكل تواضع- عقالي تقديراً لمبادرة الحكومة زيادة الإنفاق, خصوصاً الاستثماري للتحوط ضد تداعيات الأزمة المالية العالمية ولحفز النمو الاقتصادي، وبالفعل فقد تواصلت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي حتى إبان الأزمة المالية العالمية.

لعل من المفيد بيان أن برنامج الإنفاق للحكومة سيواصل تحركه ليبني على ما أنجزه خلال سنوات الخطة الخمسية الثامنة، إذ شهد الاقتصاد السعودي تطوراً نوعياً لافتاً خلال فترة الخطة الثامنة مقارنة بسابقتها (الخطة السابعة).

وليس من شك أن الخطة التاسعة ستكون بمثابة التحدي الحقيقي لتؤكد السعودية تنافسيتها وقدرتها على تنويع اقتصادها، فانكشاف اقتصادنا المحلي الهائل على النفط وإيراداته لا بد أن يعالج من خلال تتبع حثيث لتحقيق إنجازات متسارعة لاستراتيجية التنويع الاقتصادي التي ولدت مع أول خطة خمسية أقرتها البلاد، بل إن السعي لتنفيذ استراتيجية التنويع تحت ضوء جديد ستكون بمثابة الضمانة لإتاحة دور ارتكازي لقطاعنا الخاص يكسب اقتصادنا المحلي من خلاله استقلالية عن اعتماده الهيكلي على النفط.

المصدر: مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال
ملاحظة: الجدول من إعداد الباحث،الإيرادات والنفقات الفعلية للعام 2010 تمثل توقعات أولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي