شركة لإدارة مشاريع تنمية بأكثر من 260 مليار ريال في عام

جاءت ميزانية المملكة غير مفاجئة من خلال مكوناتها وتوجهاتها التي تعبر عن توجهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - نحن نتحدث عن ميزانية تتعاظم عاماً بعد آخر. وفي هذه الجزئية أود التحدث اليوم عن رقم واحد فقط ورد في هذه الميزانية المليئة بالأرقام في كل زاوية من زوايا حياتنا، ولله الحمد.
في هذه الميزانية سيتم التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، وتحقيقاً لهذا الهدف فقد تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لعدد من المشاريع التي سبق اعتمادها تزيد تكاليفها الإجمالية على (260) مليار ريال مقارنة بنحو (225) مليار ريال بميزانية العام المالي الحالي بزيادة 15.5 في المائة. ما يعني أننا في عامين (العام الماضي والعام الحالي) تم وسوف يتم إنفاق 485 مليار ريال على مشاريع جديدة كلها تقريبا تصب في هدف التنمية البشرية والبنية التحية والخدمات الاجتماعية، رقم ضخم بكل المقاييس.
وهنا نقول إنه لا يختلف اثنان على أن ما تمر به المملكة اليوم ومنذ سنوات قليلة، وتحديدا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في المملكة، يعد بلا شك مفصلا مهما من مفاصل عمر المملكة الفتية، كيف ذلك؟ من خلال الرؤية التي ذكرت بشكل مباشر وهي إصلاح الهيكل الاقتصادي بما يضمن بعد الله تحقيق أهداف التنمية، ولكن... هناك مشاكل أعتقد أننا بحاجة إلى أن نفكر فيها بأسلوب خارج النطاق المألوف، حيث لا يمكن معالجتها من خلال الهيكل الحالي، بمعنى أن الهيكل الحالي لا يمكن أن يصلح نفسه بنفسه!! هذا أولاً. وبنفس أسلوب التفكير.
ميزانية المملكة والموازنة المعلنة اليوم تؤكد أن لدينا «خيرا» كثيراً ولله الحمد والمنة. ونريده أن يستمر، وكذلك أن يعم هذا الخير بشكل منهجي اقتصادي يؤدي إلى تحقيق الفائدة المرجوة من هذا الإنفاق الضخم الذي تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين، 485 مليار ريال عبارة عن برامج مشاريع محددة الهدف والنتيجة هذا بالأصل من إيجادها.
يبقى القول أن لدينا مشكلة واضحة في إدارة تنفيذ هذه المشاريع على أرض الواقع. ولدينا مشكلة في عملية إدارة الصرف على تلك المشاريع من ناحية طريقة الموافقات على الصرف، حيث إن كل جهة مسؤولة عن برامج هي التي عليها إدارة تلك المشاريع ومتابعة تنفيذها حسب الخطة. وكذلك الموافقة على تسلم تلك المشاريع لدفع المخصصات لكل مشروع. لدينا مشكلة في ارتفاع تكاليف تنفيذ تلك المشاريع، ما الذي يجعل تكلفة الكيلومتر رصف لطريق ما لدينا تتجاوز ثلاثة أو أربعة أضعاف بلد جار مثل الأردن مثلا؟ ما الذي يجعل تكلفة بناء مدرسة تتجاوز نفس المدرسة في بلد من...؟ وبمعايير أفضل منا!!! هذا هو واقع الحال اليوم، أين المشكلة؟
المشكلة أن إدارات المشاريع في معظم الجهات الحكومية غير قادرة على إدارة هذا الكم الضخم من المشاريع إدارة حكيمة دون إبطاء، دون فساد، دون خلل، دون مبالغة في التكاليف، ودون انحرافات عن الأهداف. ويكفي الإشارة إلى ما أثير حول مدينة جدة بعد أحداثها المأساوية لإثبات كل ما ذكر أعلاه وأكثر. والنتيجة الإنفاق تم، لكن المستفيد خسر والكاسب الوحيد هم منفذو تلك المشاريع على الواقع وعلى الورق!!!
والحل من وجهة نظري يكون وبشكل عملي بحت عبر تأسيس شركة لإدارة مشاريع الدولة (Projects Managing Company) تكون قائمة على أسس تجارية بحتة. يكون هدفها الأساسي أمام الجهات صاحبة المشروع كجهات حكومية، إدارة المشروع من مرحلة كونه فكرة معتمدة إلى مرحلة التسليم. ومن ثم يتم من خلال مخالصة كاملة تقدمها الشركة لوزارة المالية لدفع المستحقات حسب الجدول الزمني وبرامج التنفيذ على أرض الواقع. تكون تلك الشركة لديها معايير جودة عالية في كل نواحي المشاريع المالية والإدارة والفنية، بحيث يكون هناك إدارة وإشراف قوي من قبل الدولة على أعمالها وتطبيق كامل لإرشادات حوكمة الشركات. وتأتي إيرادات تلك الشركة عبر استقطاع نسبة من تكاليف تلك المشاريع. ويتم تأسيس تلك الشركة على شكل إدارات متعددة للمشاريع حسب التخصصات المطلوبة، سواء في قطاع الإنشاء والتطوير أو في النقل والمواصلات أو في المشاريع ذات الطابع التقني. وأعتقد أن من أهم النقاط التي سوف يتم الاستفادة منها من خلال تلك الشركة استقطاب التقنيات الحديثة في إدارة المشاريع بما في ذلك المشاريع ذات التقنية العالية من النانو تكنولوجي. وفي الختام أعتقد، إذا ما أسست تلك الشركة، أن تكاليف مشاريعنا سوف تتراجع بشكل كبير، وتنفذ بشكل صحيح، وتقلل من فرص التسرب. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي