على أعتاب الميزانية ..أمل النتائج
بعد غد ستعلن - إن شاء الله - الميزانية العامة للدولة حيث يتوقع أن تأتي بأرقام قياسية غير مسبوقة على الرغم مما تعرضت له اقتصادات العالم من أزمات وتأثر اقتصاد المملكة بها. ولقد شهد الاقتصاد السعودي عاماً تلو الآخر نمواً مطرداً بكل المقاييس الاقتصادية شاملاً كل القطاعات البنيوية كنتيجة مباشرة للإنفاق الحكومي الهائل. ومثلما هو متوقع من توجه صادق ستكون ميزانية هذا العام امتداداً لدعم هذا النمو وتمكين الاقتصاد السعودي من جعله يحافظ على مكانته التنافسية عالمياً والتي لم يصل إليها إلا بفضل من الله ثم بفضل ذلك الدعم السخي لكل القطاعات سواء كان ذلك دعماً مالياً مباشراً متمثلاً في الإنفاق الحكومي أو معنوياً في تهيئة البيئة التشريعية والقانونية والنظم الإدارية والمحاسبية وغيرها ومراجعتها لهدف تحديثها لجعلها تتناغم والتسارع في أداء القطاعات بشكل عام. وبلا شك أن مع مثل هذا الزخم الكبير في الإنفاق الحكومي والتوجه نحو سرعة وتيرة الإنجاز لن يكون مثلما هو مؤمل له من نتائج إذا دخل محور الفساد في آلية تنفيذه إذا سيؤدي ذلك الفساد إلى نتائج عكسية بل تحميل المستقبل تكلفة أكبر لإصلاح ما أفسد.
وإن كان الأمر غير واضح إلى الآن غير أني أسوق مثلما حدث في جدة كواحد من الأمثلة على أن الإصلاح لشيء ما قد يكون أكبر من تكلفة البدء من الصفر بشيء جديد . فالمعروف ولهذه الحالة أن موازنات رصدت وأموال اعتمدت لمشاريع تلك المدينة عبر عدد من السنين وقد كانت نسبياً مبالغ ضخمة غير أن الإصلاح الآن لنتائج تلك الاعتمادات أصبح أكبر مما لو كان لا يوجد شيء في الأصل.
بالطبع لا أجزم أن سبب المشكلة هو فساد فهذا ما سيطلعنا عليه نتائج أمر خادم الحرمين الشريفين - أدام الله توفيقه - بالتحقيق وتكليف اللجنة الخاصة بتقصي ذلك الأمر ولا أتحدث هنا عما حصل على وجه التحديد والسبب لتلك الفاجعة الإنسانية والاقتصادية، بل إنني فقط أنحو بالحديث إلى القول إن هذا الدعم لكل القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية يجب أن يكون مقروناً بآلية محاسبة وتدقيق فاعلة وألا تكلف المستقبل بأكبر من الواقع. وفي هذا السياق أتمنى ألا تكون آلية المحاسبة تلك زيادة في بيروقراطية العمل وبالتالي خلق عقبة في مسيرة النمو. إن المنتظر هو زيادة الكفاءة المحاسبية آخذين بجل الاهتمام تحديث أطرها بما يتسق وسرعة النمو وتغير المعطيات محلياً ودولياً لتؤتي ثمار هذا الدعم والتوجه الصادق بما تؤمله قيادتنا الرشيدة وتحقيق الريادة المستحقة.