توقعات بارتفاع تدفقات الاستثمار العالمي المباشر إلى 1.4 تريليون دولار في 2009
توقع تقرير حديث صادر عن «الأونكتاد» التدفقات الاستثمارية العالمية أن تصل مع نهاية 2009 الجاري إلى 1.4 تريليون دولار بعد أن كان مقدر لها 1.2 تريليون دولار بداية العام وذلك بالمقارنة بنحو 1,7 تريليون دولار عام 2008.
يأتي ذلك بعد تعديل «الأونكتاد» توقعاتها لحجم الاستثمار العالمي المباشر خلال عام 2009 الذي أصدرته خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، حيث أظهر المؤشر الفصلي للاستثمار العالمي المباشر الخاص بالمنظمة ارتفاعا من 70 نقطة خلال الربع الأول من عام 2009 إلى 115 نقطة خلال الربع الثاني من عام 2009، إلا أنه لا يزال أقل مما كان عليه خلال الربع الثاني من عام 2008 والبالغ 160 نقطة.
وبحسب «الأونكتاد»، فإن حجم التدفقات على الأرجح سيظل في مستوياته الحالية نفسها، مع ملاحظة أن قسما رئيسيا من الزيادة الحالية في الاستثمارات العالمية يعود لقيام الشركات العالمية بإعادة استثمار إيراداتها في البلدان التي توجد فيها، بينما حركة الاستثمار في رؤوس الأموال الخاصة ظلت تقريبا دون تغيير، مما يشير إلى الحذر الذي لا يزال مسيطرا على خطط الشركات العالمية في التوسع. ويضيف التقرير أن بلدان الدول الصناعية كانت هي المستفيدة الرئيسية من تلك الزيادة ولكن ليس كلها، بل بشكل خاص فرنسا وألمانيا والسويد وإيرلندا وإسبانيا، ومن الدول النامية البرازيل والهند، بينما ظل الاستثمار المتوجه للصين شبه مستقر.
وبحسب التقرير، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي أصدرته المنظمة في أيلول (سبتمبر) الماضي، أن الأزمة العالمية غيرت صورة الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث سجل ارتفاعا شديدا في نصيب اقتصادات البلدان النامية والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية من التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى 43 في المائة في عام 2008 . وهذا التغير في نمط التدفقات الوافدة يعزى جزئياً إلى الانخفاض الكبير في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان المتقدمة التي تقلصت في عام 2008 بنسبة 29 في المائة لتصل إلى 962 مليار دولار أمريكي، مقارنة بالمستوى الذي وصلت إليه في العام السابق . ومع ذلك، ظلت الولايات المتحدة أكبر البلدان المتلقية للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، تليها فرنسا فالصين والمملكة المتحدة والاتحاد الروسي، ويدل ظهور الصين والاتحاد الروسي بين أكبر خمسة بلدان متلقية على تغير صورة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى الاقتصادات النامية بنسبة 17 في المائة فبلغت 621 مليار دولار كان نصيب مناطق جنوب وشرق وجنوب - شرق آسيا وأوقيانيا منها النصف تقريباً، وسجلت إفريقيا أكبر زيادة بالنسبة المئوية (27 في المائة) . وواصلت التدفقات إلى منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي ارتفاعها (بنسبة 13 في المائة) شأنها في ذلك شأن التدفقات إلى غرب آسيا (زيادة نسبتها 16 في المائة) . وجذبت أقل البلدان نمواً تدفقات قياسية بلغت ما قيمته 33 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد في عام 2008 . كما سجلت الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية في جنوب شرق أوروبا وكومنولث الدول المستقلة رقماً قياسياً عالياً جديداً، حيث بلغت التدفقات الوافدة إليها 114 مليار دولار أمريكي، لكن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى جميع المناطق ستشهد هبوطاً في عام 2009 .
ويشير التقرير إلى أنه في أعقاب الأزمة، حالما يشق الاقتصاد العالمي طريقه نحو الانتعاش، يمكن لسحب الأموال الحكومية من الصناعات المعتلة أن يشكل محفزاً لموجة جديدة من عمليات اندماج وشراء الشركات عبر الحدود. ويفيد التقرير أن الشركات غير الوطنية التي تعمل في صناعات أقل تأثراً بدورة الأعمال التجارية، والتي تشهد طلباً ثابتاً إلى حد ما (مثل الأعمال التجارية الزراعية وبعض الخدمات)، فضلاً عن تلك التي يحتمل أن تشهد نمواً إيجابياً طويل الأجل (مثل المستحضرات الصيدلانية) هي التي تبدو آفاقها الأكثر اشراقاً فيما يخص الاستثمار الأجنبي المباشر، وبالتالي من المحتمل أن تدفع عجلة الرواج المقبل للاستثمار الأجنبي المباشر .
وتفيد «الأونكتاد» أن بإمكان الاستثمار الأجنبي المباشر أن يوفر تمويلاً وخبرة فنية تمس الحاجة إليهما من أجل الزراعة في البلدان النامية، الأمر الذي يشكل حافزاً حاسم الأهمية من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية والإنتاج في وقت يسوده قلق عالمي متواصل بشأن الإنتاج الزراعي في البلدان الأفقر، إلا أن ما لهذه الاستثمارات الوافدة من إمكانات هو أمر لم يدرك إلى حد كبير. وجاء في التقرير أن الشركات عبر الوطنية ما برحت تؤدي دوراً في إضفاء طابع تجاري على الزراعة وفي تحديثها في كثير من البلدان النامية، وإن لم تكن تلك الشركات العوامل الوحيدة المحركة لهذه العملية وهي نادراً ما تكون العوامل الرئيسية المحركة لها، ولم تنهض الشركات عبر الوطنية بهذا الدور من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر فحسب «بإنشائها مزارع مثلا» بل أيضاً من خلال الزراعة التعاقدية، وهي شكل من الانخراط لا يقوم على المساهمة في رأس المال، حيث يقوم مثلاً أحد المتاجر الكبرى أو إحدى شركات تجهيز الأغذية بشراء المحاصيل من خلال ترتيب يتم بموجبه تحديد السعر والكمية والجودة وتبين الدراسة الاستقصائية السنوية لـ «الاونكتاد» المتعلقة باتجاهات الاستثمار أن المشاركة الأجنبية في الزراعة آخذة في التزايد ويمكن أن تؤدي دوراً مهماً في الإنتاج الزراعي للبلدان النامية التي هي بحاجة ماسة إلى الاستثمار الخاص والعام لرفع مستوى الإنتاجية ودعم قطاعاتها الزراعية.ويبين التقرير أن المشاركة الأجنبية في الزراعة يمكن أن تأخذ أشكالاً عدة أهمها الاستثمار الأجنبي المباشر، والزراعة التعاقدية، وتتمثل المحفزات الرئيسية للاستثمار الزراعي في توافر الأراضي والمياه في المواقع المستهدفة وتسارع نمو الطلب في البلدان التي هي مصدر الاستثمار الأجنبي المباشر، وقد يشهد عدد من هذه البلدان ارتفاعاً في واردات المحاصيل الغذائية.