رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كارثة جدة.. مَن المسؤول ومَن المحاسب؟

رحم الله شهداء وشهيدات مدينة جدة، وجبر مصاب كل مكلوم في هذه الظروف. الوطن كله يئن لهذا المصاب الجلل، فلم يكن يدور بخلد أي شخص أن تكون بنيتنا التحتية بهذه الهشاشة التي لم تسمح لها بالصمود أمام أمطار استمرت سويعات، فكيف سيكون الحال لو استمرت الأمطار لأيام أو أسابيع؟ حدث ما حدث وستظهر لنا الأيام القادمة الكثير من الحكايا المأساوية وما يقابلها من ضعف في المسؤولية.
قريبا ستعلن موازنة الدولة العامة للعام القادم، والتي تحمل أرقاما فلكية كل عام ينظر على أنها قادرة على الارتقاء بالبنى الأساسية لتحقيق الرخاء والسعادة اللذين ينشدهما قادة هذه البلاد لأبنائهم. موازنة الإنفاق على المشاريع تعتمد في احتسابها على طرق حسابية لا تهتم بالجودة بشكل أساسي في تنفيذ المشاريع. بل إن المعروف أن المسؤولين في الإدارات الحكومية يعيشون في حالة أشبه ما تكون بالعراك الشديد للحصول على الاعتمادات المالية للخطط والبرامج المستقبلية، وهذا مطلوب أحيانا حتى لا يكون هناك خلل في الصرف، ولكن يجب أن يقرن ذلك بدراسات جدوى تؤكد على الكفاءة والفعالية للمشاريع المراد تنفيذها. فهل نستطيع القول إن وزارة المالية لعبت دوراً في محدودية أو رداءة المشاريع الأساسية في بعض مناطق المملكة؟
في حوار جرى على قناة دليل الفضائية مع بعض مسؤولي جدة السابقين. أشار وكيل سابق لأمانة جدة إلى وجود خلل بين مستوى المسؤولية والصلاحية، وأشار إلى أن المسؤولية الملاقاة على عاتقهم أكبر من الصلاحيات الممنوحة لهم، وهذه مشكلة غالبا ما نعاني منها، فعندما نطالب بمساءلة المسؤول ومحاسبته عن أداء إدارته، فهل نسائله على قدر المسؤولية أم على قدر الصلاحية؟. وهنا تضيع المعادلة فيخرج كل مسؤولينا سالمين برمي الحمل على محدودية الصلاحيات الممنوحة. والمتضرر الوحيد هو المواطن الذي يتوقع أن كل شيء يسير على ما يرام. وهنا نقول: لماذا يقبل المسؤول بصلاحيات أقل من مسؤوليته، ألأنه أمن العقوبة؟
كثيرا ما نسمع عن العمل المؤسسي والخطط الاستراتيجية التي لا تتأثر بوجود الأشخاص في مناصبهم. فخروج شخص من كرسي المسؤولية وإحلال بديل عنه لا يعني تجاهل كل الخطط السابقة والبدء من الصفر. هذا الأمر ملاحظ على أغلب من يتولى منصبا قياديا، فالبعض يبحث عن تحقيق نجاحات شخصية تنسب لأسمائهم ولا يراعون أن من قبلهم صرف المبالغ الطائلة على الدراسات والخطط. وهذا يحدث في اعتقادي بسبب عدم وجود مجالس استشارية مستقلة ودائمة تستفيد من الخبرات السابقة والحالية وبمشاركة من ممثلي الأحياء والمناطق السكنية. وهذا الدور يفترض أن يقوم به المجلس البلدي والذي يجب أن يتحمل جزءا من مسؤولية الكارثة.
كارثة جدة من المسؤول ومن المحاسب؟ معادلة صعبة قد يستحيل تفكيك رموزها، لكن الأهم هو الانتقال من مرحلة التنظير والبحث عن الحلقة الأضعف لمرحلة البدء في الإصلاح والتنفيذ على أسس علمية مدروسة بمسؤوليات واضحة وصلاحيات مطلقة ومساءلة فاعلة للمحافظة على هذا الوطن من العبث والإهمال. وأملنا كبير في سمو أمير منطقة مكة المكرمة وما يعرف عنه من الرغبة الدائمة للارتقاء بالعمل والوصول إلى أعلى درجات الكمال وهو قادر - بإذن الله - على ذلك.
ختاماً: كان للوقفة الإنسانية من لدن والدنا خادم الحرمين الشريفين الدور الكبير في امتصاص أثر الصدمة أو أنه مهما يكتشف من إهمال أو تقصير فإن لنا سنداً بعد الله لن يتخلى عن أبنائه وبناته، وسيكون خير منقذ قادر على إصلاح الحال ومسح دمعة المكلومين وتعويضهم عن المأساة بالحب والعناية، فحفظ الله لنا قادتنا وأمدهم بعونه ورعى الله بلادنا من كل شر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي