تحذيرات من استغلال «البيروقراطيين» أزمة دبي في التأثير على الانفتاح الاقتصادي
حذرت ندوة نظمها مجلس الغرف السعودية، البارحة الأولى، حول آثار أزمة دبي في الاقتصاد السعودي من استغلال بعض البيروقراطيين في الدوائر التجارية أو الاستثمارية الأزمة في التأثير على المناخ الاستثماري في البلاد والتطور الاقتصادي المحلي دون سبب واقعي، في الوقت الذي اتفق فيها خبيران حاضرا في الندوة على أن تهاون البنوك العالمية في الحصول على ضمانات كافية أحد أهم أسباب الأزمة التي عصفت بشركات دبي العالمية.
وقال الدكتور عبد العزيز الدخيل وهو رئيس مجلس إدارة مجموعة الدخيل المالية، إن بعض البيروقراطيين ربما يجدون فرصة للتأثير على التطور الاقتصادي والانفتاح الحالي، بسبب ما حدث في دبي، لافتا إلى أن وقوع شركاتها في أخطاء تمويلية لا يعني أن مشروعها الاقتصادي الكبير فاشل بالكامل، بل يدل على أنها تملك طموحات كبيرة اصطدمت بالإمكانات المتواضعة مع وجود ''أخطاء مفصلية'' في التمويل تحديدا – كما قال الخبير.
ولفت الدخيل إلى أن دبي خلقت روحا جديدة في الاقتصاد والمجتمع، وصنعت حراكا نادرا يُحسب لها لا عليها لولا الظروف الحالية.
من جانبه قال الدكتور جون إسفكياناكيس وهو كبير الاقتصاديين في البنك الفرنسي، إنه مع وجود مخاوف استثمارية على الصناديق التي استثمرت في دبي، فإن هناك فرصا استثمارية على الرغم من الحالة الضبابية التي تسود حاليا، لافتا إلى أن المبالغة في التمويل والافتقار إلى ضمانات حقيقية من الأسباب الرئيسية للأزمة، وضاعفها إعلان حكومة دبي أن الشركات تجارية لا علاقة للحكومة بها.
#2#
وعاد الدخيل للإشارة إلى أنه حتى الآن، فإن الشفافية غائبة في قضية دبي حيث لا يعرف بشكل صريح المبالغ الحقيقية للديون التي تكبدتها شركات دبي العالمية، لافتا إلى أن الاعتقاد الذي كان سائدا بين المؤسسات المالية أن هذه الشركات ملكية لحكومة دبي في السابق، لكن تبين أن هذا مجرد افتراض غير صحيح كشفه إعلان الحكومة أن الديون تجارية وليست سيادية.
وحمّل الدخيل البنوك العالمية والمؤسسات المالية مسؤولية تضخم الديون لأنها تركت عملية التقييم الحقيقي للأصول وأهملته على الرغم من أنه الضمانة الوحيدة للدين.
وقال الخبير السعودي إن المهمة شاقة بالنسبة لشركات دبي خلال الأشهر المقبلة لأنها في حال نجاحها في الهيكلة فإن ذلك يعني أنها ستكون أقوى من السابق، لكنه لم يتجاهل أن الاقتراض في الوقت الحالي من السوق العالمية أصبح في غاية الصعوبة، وقال من الممكن أن يتم بيع جزء من الأصول للحصول على السيولة أو إلغاء بعض المشاريع والحد من المصروفات، خاصة أن شركات دبي العالمية لديها أكثر من 50 ألف موظف في 100 مدينة حول العالم.
وقال إن الأسباب الحقيقية للأزمة أن دبي كان لها حلم كبير مقابل إمكانات محدودة، وأن هذا الحلم تجاوز الطموحات وتم بناء على قاعدة ''شيّد ولا تأبه بالطلب'' على اعتبار أن الطلب سيأتي في النهاية – على حد وصفه.
وقال إن غياب المجالس النقدية التي تستطيع تقييم الأوضاع وقياس قدرة التوجه أسهم في ضبط الأمور، فضلا عن التوجه للتمويل بالدين، وانخفاض مستوى الشفافية والإفصاح، والتركيز على المشاريع العقارية.
وحول الآثار المتوقعة على الاقتصاد السعودي، قال الدخيل إن من الواضح أن الديون لمصلحة المؤسسات المالية في دبي ضعيفة وفق تأكيدات مؤسسة النقد، بيد أنه قال إن ديون الشركات السعودية العاملة في دبي لا تزال غير واضحة.
ولم يستبعد تأثر ثلاثة مشاريع لشركات دبي العالمية في السعودية بالأزمة، مثل مشروع شركت ليمتلس المسمّى الوصيل في الرياض، الذي تبلغ تكاليفه 12 مليار ريال، ومشروع بحيرات الخبر، وبوابة جدة.
وفيما يتعلق بسوق التمويل السعودية، قال الدخيل إنه يتوقع آثار على هذا القطاع الذي سيكون متحفظا، في حين ستتأثر سوق الصكوك الإسلامية سلبا قياسا على أن أكبر صكوك مصدرة في العالم هي من دبي.
وقال إن الشركات المملوكة جزئيا للحكومة يمكن أن تعاني التمويل، مطالبا بموقف واضح من الحكومة فيما يتعلق بحصتها في هذه الشركات عند التمويل وتحديد ما إذا كانت تكفل الدين أم لا.
وبيّن أنه من الممكن أن تتحرك أموال سعودية لاستثمار الفرصة في دبي، لكن ذلك يحتاج إلى فترة من الوقت لمعرفة مدى نجاح الهيكلة المعلنة من قبل شركات دبي.
وقال إن من الدروس المستفادة من الأزمة أن احتكار سلطة القرار وغياب النقد الحقيقي يمكن أن يتسببا في أضرار بالغة، تماما كما يفعل ذلك الانحراف الكبير في الاستدانة، مشددا على أن الأزمة يجب ألا تكون مجالاً للبيروقراطيين للتأثير على الانفتاح الاقتصادي الحالي، بل إن هذا يدفع إلى مزيد من العمل على التوازن في التنمية القطاعية، في إشارة للمبالغة في المشاريع العقارية في الخليج.