1000 شاب ينظفون المساجد
نشط المتطوعون - جزاهم الله خيرا - في كارثة جدة وتنوعت المهام التي يقومون بها، ولعل ما لفت نظري ذلك العدد الذي يتزايد من المتطوعين الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم فريق «تكاتف» التطوعي, هذا الفريق الذي وصل عدد أفراده إلى أكثر من ألف متطوع, هو في الحقيقة من المكاسب التي نفخر بها في مجتمعنا المسلم، وما يقومون به من جهد يسعد ويثلج الصدر، وقد نشط هؤلاء المتطوعون في القيام بكثير من الأعمال التي خلفتها آثار السيول, منها تنظيف المساجد التي أصبحت في حالة يرثى لها بعد سيول جدة, ومنها الذي تضرر كثيرا ومنها ما كان تضررها أقل من غيرها، ونجح فريق تكاتف في تنظيف بعض مساجد الجمعة في حي قـويزة, أكثر الأحياء تضررا من السيول, وجهزوا أكثــر من ثلاثة مساجد لأداء صلاة الجمعة والصلوات المفروضة, وهم يواصلون عملهم, رفع الله قدرهم وكتب لهم الأجر الجزيل, في تنظيف بقية المساجد وغيرها. هذا العمل الذي يقومون به هو من أنبل الأعمال التي حث عليها المولى ـ عز وجل ـ يقول تعالى «ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم» البقرة /158. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز», هذا عن العمل التطوعي وفضله, أما عن فضل تنظيف المسجد فمما ورد عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يقمّ المسجد فمات فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم ـ عنه فقالوا مات, قال أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلوني على قبره أو قال قبرها فأتى قبرها فصلى عليها» رواه البخاري ومسلم. وعن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها قالت: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المساجد في الدُّور وأن تنظف وتطيب». صححه الألباني في صحيح الترمذي، وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أزال ذلك بنفسه كما في الصحيحين من حديث عائشة قالت «رأى في جدار القبلة مخاطا أو بصاقا أو نخامة فحكها» رواه البخاري ومسلم، هذه الأحاديث العظيمة تدل على أهمية تنظيف المساجد، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة في ذلك.
والحقيقة أن الشباب هم عماد المستقبل وإذا صلحوا كان خيرهم كبيرا على أنفسهم ومجتمعهم، وإذا سلمت أفكارهم من الانحراف الفكري والضال فإنهم يصبحون لبنة صالحة في مجتمعهم يشعرون بهمومه ومعاناته، وما يحدث منهم في هذه الكارثة وغيرها دليل على نضج فكرهم وانسيابية عطائهم، وتدفق عاطفتهم وحماسهم للعمل الخيري، وهم قدوة حسنة لغيرهم من الشباب لينضموا إليهم في المساهمة معهم في هذا العمل التطوعي والإنساني الذي هو من محاسن الدين الإسلامي العظيم, الذي جاء ليحث عليه ويأمر بالسير عليه. فما أحوجنا إلى مثل هؤلاء الشباب جيل المستقبل الذين يبادرون إلى ما فيه نفع للدين والوطن. نسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء, إنه جواد كريم.