رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أيعقل أن ينفق السعوديون أموالهم بهذه الطريقة؟!

تجري مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات كل خمسة أعوام مسحا ميدانيا، يسمى ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'', يعود تاريخ أول مسح إلى عام 1971. توالت الإصدارات بعد ذلك كل خمسة أعوام كان آخرها الإصدار السادس عام 2007.
تشير المصلحة إلى خمسة أهداف رئيسة من إجراء المسح في مقدمتها معرفة التوزيع النسبي للإنفاق على السلع والخدمات لاستخدامها في تركيب الرقم القياسي لتكاليف المعيشة. الثاني: قياس المرونة الدخلية للإنفاق الاستهلاكي للتعرف على مقدار التغير النسبي في الإنفاق على السلع والخدمات المصاحب لكل تغير نسبي في الدخل، والاستفادة من ذلك لأغراض التخطيط لمواجهة الطلب المتوقع على هذه السلع والخدمات مستقبلاً. الثالث: دراسة العلاقة بين الخصائص السكانية والسكنية للأسر ودخلها، وكذلك دراسة العلاقة بين إنفاق الأسر ودخلها. الرابع: الحصول على تقديرات عن الإنفاق العائلي للمساهمة في تركيب الحسابات القومية. وأخيراً الخامس: التعرف على حجم التحويلات الجارية الخاصة بالقطاع العائلي.
يعتمد ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' على زيارات ميدانية تقوم بها مجموعة من الباحثين إلى مجموعة من الأسر في جميع مناطق المملكة. تسعى هذه الزيارات إلى استقاء مرئيات الأسر حول أوجه الدخل والإنفاق الأسري، من خلال استبانة معلومات تتكون من سبعة أقسام رئيسة.
يشتمل القسم الأول على بيانات جغرافية للمنطقة التي تسكن فيها الأسرة، وبياناتها الشخصية. والقسم الثاني على بيانات الخصائص الأساسية للمسكن الذي تسكنه الأسرة. والقسم الثالث على بيانات ديموجرافية، واجتماعية، واقتصادية لأفراد الأسرة.
وتشتمل الأقسام الثلاثة اللاحقة على مجموعة أسئلة تتعلق بطبيعة إنفاق الأسر على السلع والخدمات ذات الطابع الاستهلاكي اليومي (القسم الرابع)، والشهري (القسم الخامس)، والسنوي (القسم السادس) للأسرة.
أما القسم الأخير فيشمل التعرف على مصادر ذوي الدخل المالي في الأسرة, حيث صنفت أقسامه إلى أربعة مصادر رئيسة, الأول الرواتب، والأجور النقدية والعينية, الثاني صافي الدخل من المشاريع الاستثمارية. الثالث، دخول الملكية, والأخير دخول مالية من مصادر أخرى.
استخدم ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' عند تصنيف أوجه إنفاق الأسرة الرئيسة، وبنود السلع والخدمات تصنيف ''الاستهلاك الفردي حسب الغرض'' الصادر من شعبة الإحصاء في الأمم المتحدة. حيث تصنف أوجه إنفاق الأسرة إلى 12 صنفا: السلع والخدمات الشخصية المتنوعة، الأغذية والمشروبات، السكن والمياه والكهرباء والغاز ووقود أخرى، النقل، تأثيث وتجهيزات المنزل، الأقمشة والملابس والأحذية، الاتصالات، خدمات المطاعم والفنادق، الترفيه والثقافة، التعليم، خدمات الرعاية الصحية، وأخيراً التبغ. تندرج تحت هذه الأوجه الـ 12 مجموعة من أوجه إنفاق ثانوية يفوق تعدادها 150 صنفا.
أشارت نتائج ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' السعودية لعام 2007 إلى أن عدد الأسر المقيمة في السعودية يبلغ 24.169.595 أسرة، بواقع نسبة سعودة بمقدار 73 في المائة، وموزعة على 13 منطقة إدارية. تنفق الأسرة الواحدة على أوجه الإنفاق الـ 12 أعلاه ما معدله 10.280 ريالا سعوديا شهرياً، لجميع الأسر، وما معدله 13.251 ريالا سعوديا للأسر السعودية.
استأثرت ثلاثة أوجه إنفاق رئيسة من أصل 12 على نصيب الأسد من الدخل الشهري للأسر في السعودية, حيث استحوذ بند ''السلع والخدمات الشخصية المتنوعة'' على 24.46 في المائة من الدخل الشهري، وبند ''الأغذية والمشروبات'' على 17.36 في المائة من الدخل الشهري، وبند ''السكن والمياه والكهرباء والغاز ووقود أخرى'' على 17.00 في المائة من الدخل الشهري.
يعطي النظر إلى أوجه الإنفاق الثانوية تفصيلاً أكثر عن طبيعة إنفاق الأسر السعودية. أشارت النتائج إلى أن بند ''الخدمات المالية'' يستهلك معظم دخل الأسرة السعودية الشهري باستحواذه على نسبة 21.34 في المائة. بعبارة أخرى، أن الأسرة السعودية تنفق ما مقداره 2309 ريالات شهرياً على سداد التسهيلات التمويلية، كالقروض الشخصية والخدمات الائتمانية. أتى في المرتبة الثانية بند ''إيجار المسكن الشهري'' باستحواذه على نسبة 12.47 في المائة. بعبارة أخرى، الأسرة السعودية تنفق ما مقداره 1349 ريالا شهرياً على سداد إيجار مقر سكنها. وأتى في المرتبة الثالثة بند ''اللحوم والدواجن'' باستحواذه على نسبة 4.84 في المائة, بعبارة أخرى، أن الأسرة السعودية تنفق ما مقداره 524 ريالا شهرياً لشراء احتياجاتها من اللحوم والدواجن.
من أهم ما يلاحظ من النظر إلى نتائج ''مسح إنفاق ودخل الأسرة'' ما تنفقه الأسرة السعودية على الصحة، والتعليم، والثقافة. حيث احتل بند ''خدمات الرعاية الصحية'' ذيل قائمة أوجه إنفاق الأسرة الرئيسة الـ 12 بنسبة 2.05 في المائة من الدخل الشهري (قرابة 211 ريالا). وسبق هذا البند بند ''التعليم'' بنسبة 2.39 في المائة من الدخل الشهري (قرابة 246 ريالا)، ثم بند ''الترفيه والثقافة'' بنسبة 2.88 في المائة من الدخل الشهري (قرابة 296 ريالا).
نخلص مما تقدم إلى أن أنماط إنفاق الأسر السعودية على السلع والخدمات، ومستويات دخولها المالية وتطوراتها تحمل في طياتها تحديات جساما تنذر بخلل في الثقافة التنموية للأسر السعودية. فكون معظم دخل الأسرة السعودية ينفق في احتياجات استهلاكية يومية تنتهي بانتهاء اليوم، دون أن يكون للبنود الاستراتيجية الرئيسة، وهي: الصحة والتعليم، نصيب رئيس من هذا الدخل، فهذا أمر يستلزم الوقوف عنده كثيرا. وعلى الرغم من أن الخدمات الصحية والتعليمية تقدم بالمجان لمعظم الأسر، إلا أن هذا مبرر غير كاف لترك مسؤولية تقديم هذه الخدمات الاستراتيجية للدولة فقط دون وجود دور رئيس للأسرة السعودية, دور رئيس يهدف إلى تنمية دور الأسرة السعودية في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية بتحويلها من قنوات استهلاك يومية إلى قنوات استثمارية استراتيجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي