سوق النفط تختبر التوازن السعري وترقب قوة العملة الأمريكية
يبدو أن الأسواق ستتجه خلال هذا الأسبوع والأسابيع المقبلة إلى متابعة إمكانية استمرار حالة التوازن السعري السائدة حاليا التي أعلنت منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) رضاها عنها، وفي الوقت ذاته متابعة تداخل العوامل الأخرى التي تؤثر في سعر البرميل ارتفاعا وانخفاضا من يوم إلى آخر مثل قوة العملة الأمريكية وتحسن الوضع الاقتصادي العام وخروجه من حالة الانكماش بصورة أفضل.
ففي الأسبوع الماضي عبّر وزراء «أوبك» بصورة عامة عن رضاهم على المستوى السعري الحالي لبرميل النفط بين 75-80 دولارا، على أن الأسبوع ذاته شهد قفزة كبيرة في حجم المخزونات الأمريكية جاءت بأكبر مما كان يتوقعه المحللون في وول ستريت، وفي الوقت نفسه أعلن عن تراجع في نسبة البطالة لأول مرة منذ عامين مما عزز من الانطباع أن سوق التوظيف بدأت تنتعش، وهي قد تجر معها انتعاشا في ميدان الطلب على النفط.
الأخبار الخاصة بالنمو في حجم المخزون التي جاءت في التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تمكنت من لجم التصاعد في سعر برميل النفط وكان في طريقه ليصل إلى 80 دولارا. وانتهى الأسبوع بعد عدة تراجعات ليخسر سعر البرميل من خام ويست تكساس الخفيف الحلو يوم الجمعة 99 سنتا بالنسبة لشحنات كانون الثاني (يناير) وليستقر سعر البرميل عند 75.47 دولار في نيويورك، وليخسر خام برنت المماثل في لندن 84 سنتا ليباع بمبلغ 77.52 دولار للبرميل. وأسهم تحسن موقف الدولار، وهو عملة تجارة النفط العالمية في تراجع سعر البرميل، وتحسنه جاء على خلفية التقرير الخاص بالبطالة في الولايات المتحدة.
ووفقا لوزارة العمل فإن فقدان الوظائف في الشهر الماضي جاء أقل عن رقم 130 ألفا كانت تتوقعه وول ستريت، الأمر الذي يهبط بنسبة العاطلين عن العمل إلى نحو 10 في المائة، وهي أقل نسبة منذ كانون الأول (ديسمبر) 2007.
لكن يبقى التساؤل إذا كان يمكن ترجمة هذا التحسن في المناخ الاقتصادي إلى تجذير لعملية الانتعاش التي انطلقت إلى نمو في الطلب على النفط ومشتقاته. فالأرقام المتاحة لا تزال تتحدث عن ضعف شديد في هذا الجانب. فحجم الإمدادات المتوافرة في السوق الأمريكية يزيد بنسبة 6 في المائة عمّا كانت عليه قبل عام، وترتفع النسبة إلى 23 في المائة بالنسبة للبنزين والمقطرات وزيوت التدفئة.
وساعد على دعم هذا التوجه أن التقرير الأسبوعي لتحركات المخزون الأمريكي جاء معززاً للإحساس السائد بوجود ضعف على الطلب. فالمخزون من النفط شهد زيادة تجاوزت مليوني برميل إلى 339.9 مليون، وذلك في الوقت الذي كانت فيه السوق تتوقع زيادة لا تتجاوز 400 ألف برميل. من جانب آخر، زاد حجم مخزون البنزين بنحو أربع ملايين برميل إلى 214.1 مليون، وهي زيادة ضخمة تماثل أربعة مرات ما كانت تتوقعه السوق. أما المقطرات الوسيطة بما فيها زيت التدفئة والديزل فقد تراجعت بنحو 1.2 مليون برميل إلى 165.7 مليون، علما أن التوقع الذي كان قبل ذلك يشير إلى احتمال تراجع لا يتجاوز 300 ألف برميل. وجاءت أقوى إشارة على ضعف الطلب من المصافي المحلية التي أوضحت أن الطلب على النفط الخام لعملياتها تراجع بنحو 127 ألف برميل يوميا إلى 13.8 مليون برميل يوميا، مما يضع الطاقة التشغيلية للمصافي عند 79.7 في المائة متجاوزة بذلك الحاجز النفسي للتشغيل وهو 80 في المائة من طاقة المصافي.