بفعل أزمة السندات.. تداعيات سلبية متوقعة على نمو اقتصاد الإمارات عام 2010
ينتظر أن يكون النمو الاقتصادي في الإمارات مخيبا للآمال العام المقبل حيث من المتوقع أن ترفع متاعب ديون دبي تكاليف الائتمان في وقت لم يعد بمقدور المستثمرين الاعتماد على الدعم الضمني من الدولة للشركات المملوكة حكوميا.
وكانت أزمة الائتمان العالمية قد دفعت أكبر اقتصادين خليجيين ، السعودية والإمارات، إلى التباطؤ هذا العام لكن الإنفاق الحكومي المرتفع وتحسن أسعار النفط يساعدان فيما يبدو أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم على النهوض مجددا. غير أن فرص الإمارات تضاءلت بعدما طلبت دبي التي تمتعت ذات يوم بنمو مذهل يغذيه قطاع العقارات تجميد سداد ديون بمليارات الدولارات على شركات بناء رئيسية مملوكة لحكومة الإمارة.
وقال أحمد أكارلي كبير الاقتصاديين لتركيا والشرق الأوسط لدى جولدمان ساكس في لندن «رغم أن أبوظبي قد تقود النمو من الآن فصاعدا فإن من المستبعد أن يكون بمقدور (الإمارات) تكرار النمو المثير للإعجاب الذي حققته على مدى الأعوام العشرة الأخيرة».وقال عن توقعات 2010 «أميل حاليا إلى التفكير في أن نمو الإمارات سيكون قريبا جدا من الصفر». وقبل تفجر أزمة الديون في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) كان أكارلي يتوقع نموا نسبته 3.5 في المائة.
وفي مسح أجرته وكالة «رويترز» قبل طلب تجميد سداد ديون دبي توقع المحللون نمو اقتصاد الإمارات 2.9 في المائة العام المقبل بعد انكماشه 1.1 في المائة في 2009 وهو مستوى أقل بكثير من متوسط بلغ 8 في المائة على مدى الأعوام الثلاثة السابقة.
وقال مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي أمس الأول: إنه قد يراجع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للإمارات إلى «أقل بكثير» من 3 في المائة التي تكهن بها في تشرين الأول (أكتوبر). لكن المسؤولين الإماراتيين يواصلون إبداء الثقة بأن الاقتصاد سيتجاوز كل الصعوبات.
وكان وزير الاقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري قد أكد في العيد الوطني للإمارات أمس الأول «قوة وسلامة الاقتصاد الوطني وقدرته على تجاوز المرحلة الاصعب من الأزمة المالية العالمية».
وفي الشهر الماضي قال المنصوري إن الناتج المحلي الاجمالي للإمارات سينمو بما يصل إلى 3 في المائة العام المقبل بعد نموه 1.3 في المائة هذا العام. ويستبعد خبراء الاقتصاد أن تؤثر مشكلات الإمارات سلبا في النمو في سائر منطقة الخليج نظرا لأن مديونية دول مثل السعودية التي تعتمد على النفط أقل بكثير من دبي رغم تعرض بنوك كثيرة في المنطقة.
وقالت سيلك إنفست ليمتد في مذكرة إن اقتصاد دبي يسهم بما لا يزيد على 8 في المائة من الناتج الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست، وقال إلياس القصير مدير قسم السندات لدى كاليون كريدي أجريكول في البحرين «لا أتوقع تأثر الاقتصاد الكلي في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى نظرا لأن معاييرها الاستثمارية واحتياجاتها للبنية التحتية والمديونية تختلف تماما عن دبي».
وكانت دبي العالمية المملوكة لحكومة الإمارة قد قالت هذا الأسبوع: إنها بدأت مفاوضات مع مقرضيها بشأن ديون قيمتها 26 مليار دولار على شركتيها العقاريتين الرئيستين وقال محللون إن عامل الضغط الرئيسي على نمو اقتصاد الإمارات سيأتي من خسائر فادحة محتملة للبنوك وارتفاع تكاليف الإقراض.
وقال اقتصادي مقيم في الإمارات - طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر - «توافر الائتمان سيصبح مشكلة الآن. الائتمان شريان حياة للنشاط الاقتصادي». وسيساعد رفض حكومة دبي المعلن ضمان ديون شركاتها العقارية في إبقاء تكاليف الائتمان مرتفعة بعدما كانت البنوك تفترض أن الحكومة ستتدخل لإنقاذ شركاتها المتعثرة.
وقال أكارلي «أعتقد أن الشركات المدرجة والقوية ماليا في الشرق الأوسط ستكون في وضع أفضل للوصول إلى أسواق المال العالمية في المستقبل. لكن البقية ستواجه تحديات .. أعتقد أن الشفافية أو بالأحرى الافتقار إليها هو المشكلة الكبيرة هنا».
وكانت أسعار الفائدة بين البنوك «إيبور» تراجعت في معاملات الثلاثاء بعد تحرك البنك المركزي لإتاحة سيولة طارئة جديدة. كما تراجعت تكلفة التأمين على ديون دبي من المستويات المرتفعة التي سجلتها الأسبوع الماضي لكنها استمرت فوق مستويات ما قبل الأزمة. إلى ذلك، قال مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي إن الصندوق يتوقع خفض توقعاته للنمو في الإمارات العربية في 2010 بسبب تأثير أزمة ديون دبي. وأبلغ مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الصحافيين، أن الصندوق يبحث تعديل توقعاته بالخفض لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الإمارات إلى «أقل بكثير» من 3 في المائة التي تضمنتها توقعاته في تشرين الأول (أكتوبر).
وقال أحمد إن المخاوف بشأن ديون مجموعة دبي العالمية المملوكة للحكومة أضرت بالثقة بالإمارة ويمكن أن تؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض كما قد تؤثر في دول مجاورة في الوقت الذي تؤجل فيه المجموعة مشاريع دولية.
وتابع قائلا: عقب تقييم أولي للأزمة «توقعاتنا هي أنه سيكون هناك خفض كبير لمعدل النمو.. من 3 في المائة .. ربما إلى معدل في نطاق من 1 إلى 3 في المائة» وتلقت إمارة دبي ضربة من أزمة دبي العالمية التي أعلنت مساء يوم الإثنين أنها ستجتمع مع دائنين لبحث تأجيل مدفوعات مرتبطة بديون قدرها 26 مليار دولار. وقال أحمد إن إعلان دبي العالمية بشأن مبلغ الدين الذي تسعى لإعادة هيكلته «ساعد في وضع حدود لحجم ونطاق إعادة الهيكلة»، وأضاف أن صندوق النقد الدولي شعر بارتياح إزاء إعلان دبي العالمية أنها ستسعى جديا لمعاملة عادلة للدائنين في محادثات الديون لكنه أكد أن هناك حاجة إلى عمل المزيد.
وقال «نعتقد أن استمرار الانخراط والاتصالات مع الدائنين والمستثمرين سيكون ضروريا لضمان التوصل إلى حل منظم وفي الوقت المناسب»، وتابع أحمد يقول: إن من المتوقع أن يكون بالإمكان احتواء ومعالجة الآثار المالية المباشرة في البنوك الدولية التي أقرضت «دبي العالمية» أموالا.