رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«فاجعة جدة»: تسجيل مسمى للكوارث بداية للتناول العلمي للأحداث

لقد أمطرت السماء بغزارة في المشاعر المقدسة كلها ولم يشاهد أحد قصورا في أي خدمة أو خللا في أي موقع في المنطقة على مدى ( 4 إلى 5 أيام)، وقد كان فيها ما يقارب الـ (3000.0000 نسمة) من ضيوف الرحمن ومقدمي الخدمات في الموسم. على النقيض في مساحة تزيد على الـ (400 كلم2) وبسكان لا يزيدون على (1000,000) نسمة يعيشون في أبنية أسمنتية وطرق دائمة، تحدث مأساة بمجرد سقوط أمطار غير كارثية تكون نتائجها مأساوية. إن أمر خادم الحرمين ـ يحفظه الله، بالاستعجال في تحديد المسؤولين عن حدوث «فاجعة جدة»، ورفع واقع نتائج الأمطار التي تسببت في طمر مساحات واسعة جدا ودمار كبير بشري وفي الممتلكات عن طريق لجنة رفيعة المستوى خاصة تفرغ لهذه المهمة، يجعلنا ندعو الله لملك الإنسانية أن يمن عليه بدوام الصحة والعافية. من ناحية أخرى نتساءل: متى تنقشع الغمامة فتعود الحياة إلى طبيعتها بعد أيام من بداية الفاجعة؟
إن تشكيل اللجان الفرعية سيكون عملا شاقا لشموليته لكل الأجهزة المسؤولة التي ستكون في الميادين المختلفة ترفع كل منها ما تشاهده وتعده وتحسبه في تسلسل هرمي منظم. فمنها لجان ستراجع صور المنطقة المتضررة الملتقطة بالأقمار الصناعية قبل الحدث بتلك التي التقطت أخيرا للمقارنة العلمية والخروج بتوصيات أيضا تهم اللجنة الرئيسة بعد حصر الخسائر المادية والبشرية. كما ستكون هناك لجان تحصر عدد مواقع الإيواء الجاهزة والبعيدة عن موقع الكارثة لنقل المنكوبين إليها. المتوقع أن تكون هناك أيضا لجان لتقدير الأضرار مزودة بأدوات وتجهيزات تستخدم تقنيات متقدمة لقياس أعماق أو أطوال أو أبعاد أو حتى أوزان الأجرام التي يبحث فيها ويراد تقدير حجم الخسارة وحجم المتطلبات لتعويضها بشكل مباشر ودقيق. بجانب هذه اللجان لجنة مخصصة لحصر الأضرار الصحية والطبية والمتضررين من الوفيات أو الأفراد على قيد الحياة ستقوم بربط عدد من تم إنقاذهم بمدى سوء أحوال الجو وظروف عملية الإنقاذ لكل حالة لحساب كثافة التواجد في المواقع المختلفة من مساحة المنطقة المتضررة. كما ستكون هناك مكاتب لإعداد التصاريح اليومية أو الدورية، حيث تبعث الاطمئنان في نفوس الناس وتجيب على كل ما يدور في خلد المعنيين بالمشكلة عبر وسائل الإعلام المختلفة. ولكن هل سيكون هناك فرق أو لجان للتخطيط المستقبلي القريب أو البعيد في خضم هذه المشكلة أو الفاجعة، إن تم تسميتها كذلك للتأريخ والتسجيل والعبرة؟ هذا ما ستؤكده الأيام المقبلة من عمر الكارثة وتأثيرها.
واقعيا فقد وجدت محافظة جدة نفسها أمام كمية أمطار غير مسبوقة بلغت 96 مليمتر، بعد مرور نحو 24 عاما من تسجيل أعلى كمية أمطار تهطل على جدة وهي 55 مليمتر، (حسب إفادة الأمانة لقناة «الإخبارية» يوم الأحد 29/11/2009م). أعتقد أن تحليل الواقع بأن هناك تعديات وعشوائيات تسببت في المشكلة صحيح تماما، ولكن في العادة هناك اشتراطات عامة بألا تكون المشاريع المرخصة سببا في أي تأثير سلبي محتمل على البيئة. كما لا يصح إصدار تصريح بالبناء ما لم يكن الموقع مناسبا للبناء والسكن. لذلك فالسؤال هنا هل ما حدث لبيئة الوادي أو الأودية في شرق وجنوب جدة سلبي أم غير ذلك؟ ثم كيف يسمح بتدهور بيئة المنطقة بهذا الشكل بيئيا؟ «تدهور البيئة» في اللائحة التنفيذية للنظام العام للبيئة في السعودية مصطلح عرف بأنه: (التأثير السلبي على البيئة بما يغير من طبيعتها أو خصائصها العامة أو يؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي بين عناصرها، أو فقد الخصائص الجمالية أو البصرية لها). لذلك فما حصل من بناء واستغلال للمنطقة للسكن، إضافة إلى تخصيص جزء من المنطقة لـ «بحيرة المسك»، يقع تحت «تدهور البيئة» في مساحة تقدر بمساحة إحدى المحميات في المملكة. فهل كانت المنطقة «محمية» فتسور وتحاط بجميع اللوحات الإرشادية بحظر السكن أو البناء فيها ومراقبة ذلك بإيجاد مراكز للشرطة تضمن تطبيق قواعد السلامة وحماية البيئة. أم أنها رضخت لتحديث اشتراطات البناء والتسرع في عمل الدراسات التحليلية لها ولجميع المشاريع الصغيرة فيها والكبيرة ومن ضمنها مصارف السيول ومجاري الصرف الصحي؟
إن مجرد فرض التعديلات على الارتدادات والمناسيب والارتفاعات، ثم تبني معايير لتنفيذ قنوات تصريف السيول والصرف الصحي وغير ذلك من مشاريع البنى التحتية المهمة، ليس كل شيء، لأن المشكلة لو كانت هزة أرضية لاختلفت المعطيات والنتائج ولكان الضرر أقل لأنه كارثة طبيعية. لذلك ليتنا نتفاعل بأسلوب حديث فنتمكن من الاستفادة من المبرمجين من الشباب السعودي لإنشاء نموذج رياضي وحركي للكارثة بالكامل، يوضح لنا بالضبط كيف يمكن تقدير ما حصل، وما هي أولوياتنا لإدارة الكوارث في المستقبل؟ هذا سيجعلنا نتبع الأسس العلمية في معالجة هذه الكارثة ابتداء من إدراك ماهية المخاطر، وإحكام عملية التحكم فيها، ثم التركيز على بناء الكفاءات أو الموارد البشرية، ومن ثم إصدار خطط لمواجهة الكوارث في المستقبل. وبالتالي سنصيب قلب الإدارة المنهجية المتميزة للكوارث، وحتما سنحمي عشرات الآلاف من الناس من الموت أو التشرد أو التخلف عن الدراسة والعمل. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي