رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سيول جدة: هل هي مثال للهدر الاقتصادي؟

بذلت الدولة ومازالت تبذل الأموال الطائلة في سبيل تهيئة البنية الأساسية وتأهيلها وإعادة تأهيلها بشكل غير مسبوق شاملة بذلك كل القطاعات الاقتصادية. ومع كل دورة اقتصادية ونمو كبير في هذه القطاعات من جراء اكتمال بنيتها، بلا شك هناك ضريبة لهذه الإنجازات من واقع التكاليف تتمثل في مسابقة الزمن لترجمة هذه المشاريع الضخمة إلى واقع ملموس. هذه التكاليف ليست فقط في المغالاة بقيمة التنفيذ فلربما سرعة الإنجاز وعامل الوقت يكونان سببا لذلك، غير أن هناك عاملا آخر مسببا للهدر الاقتصادي وهو ما يسمى بالفساد المالي حيث يُخلق عادة من جراء النمو الكبير في سبيل سرعة التنفيذ. وهذا الهدر الاقتصادي ليس جديدا في أي اقتصاد سواء في فترات النمو أو غيرها، لكنه عادة في الدول النامية أكبر بكثير، وهو أضخم عادة في فترات النمو الكبير، وخصوصا ما يسمى بالطفرة.
ولذا فمن واقع الحال في الاقتصاد السعودي المتوقع وجود هدر اقتصادي بلا شك في كثير من المشاريع، وهذا ليس مستغربا، فمهما يكن من ضوابط فلابد أن يقع ذلك الهدر، خصوصا أننا ذوو اقتصاد ناشئ من طبيعته أن يوجد فيه مثل ذلك. ولعل هذا الواقع غير المستغرب يكون أشد استغرابا حين نعلم أننا شعب مسلم يحرم بكل قوة ويجرّم التطاول على بيت المال، لذلك فمن الواجب أن نكون أقل هدرا مما هو في النظرية الاقتصادية.
إننا بكل أسف حين ينكشف الأمر نتيجة كارثة أو حدث كبير نبدأ بالتفسيرات ومتابعة التاريخ، في محاولة للكشف عن المتسبب وإلقاء اللوم على جهة أو مسؤول، وهذا في ظني خطأ لن يقدم ولا يؤخر في ذلك.
إنني لا أقول عن أحداث السيول في جدة إن هناك هدرا اقتصاديا، فهذه الكارثة الطبيعية يمكن أن تحصل في أي اقتصاد وبأحجام أكبر، لكن ما أتمناه أن تكون مناسبة لمراجعة مفهوم الهدر الاقتصادي في اقتصادنا المحلي بخصوصياته التي على رأسها النمو الكبير ومسابقة الزمن، إضافة إلى ما يحكمه من شريعة إسلامية اتسمت بالتشديد على قضية الأموال العامة وتجريم العابث به.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي