الدور المستقبلي في الاقتصاد الدولي.. آسيا تغيّر العالم
يتناول الكتاب آسيا كقوة عالمية محتملة حيث يؤدي النمو الاقتصادي غير المتوقع وغير المسبوق في آسيا على مدى العقود القليلة الماضية إلى إثارة الخوف في القوى العالمية الأخرى، مثل أوروبا والولايات المتحدة؛ والخوف هنا من خسارة الدول المتقدمة قدرتها على المنافسة أمام التكلفة الرخيصة للإنتاج في آسيا والخوف من فقدان الموارد الطبيعية في القارة الآسيوية المتاحة للدول الغربية والخوف من فقان السلطة والنفوذ أمام هذا العملاق الآسيوي.
على الرغم من أن آسيا تتألف من مجموعة كبيرة من البلدان المتنوعة (ثقافيا وجغرافيا واجتماعيا وسياسيا)، إلا أن التكامل الاقتصادي المتنامي بين دولها يسمح للمراقبين بإلقاء نظرة شمولية على آسيا وتناول القارة باعتباره كيانا واحدا.
يؤكد الكتاب أن التحدي الذي تواجهه آسيا في المرحلة المقبلة هو الحفاظ على معدلات نموها الحالية، في الوقت الذي يشغل فيه بال علماء الاقتصاد تأثير تحولها الاقتصادي في أوروبا وبقية العالم. وإليكم أهم الموضوعات التي يفكر فيه كبار الخبراء في الشؤون الآسيوية الاقتصادية المعاصرة في هذا الصدد:
* الديناميكية الديموغرافية في آسيا، فالديموغرافيا هي التي تحكم مستقبل آسيا، كما يؤكد عالم الاجتماع الفرنسي أوجست كونت. إذا كان ذلك صحيحا، فإن الدور المستقبلي لآسيا في الاقتصاد العالمي يحمل إمكانات هائلة: فآسيا هي موطن 60 في المائة من سكان العالم. وهو ما يعني أنها تضم غالبية المستهلكين والمصنعين في العالم، كما أن نسبة العائل إلى المعيل فيها في صالحها. ومع ذلك، فآسيا تشهد تحولا ديموغرافيا؛ حيث يتباطأ معدل المواليد ويشيخ السكان بسرعة. تتفاوت هذه الإحصاءات بين البلدان: ففي الهند معظم السكان صغار السن نسبيا؛ في حيث سيمثل كبار السن نحو 7 في المائة من سكانها في 2020.
أما الصين، فعلى النقيض من ذلك، يتزايد عدد السكان كبار السن فيها بطريقة مماثلة لما يحدث في البلدان المتقدمة في أوروبا، وذلك بسبب سياسة «الطفل الواحد» لضبط النمو السكاني. وهو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المعالين للعمال، والتي تتسبب في تباطؤ النمو.
* التوقعات الاقتصادية والتكنولوجية لآسيا: النظم الاقتصادية المفتوحة في آسيا ومعدلات الادخار المرتفعة وتدفق الاستثمارات الأجنبية أمدتها بوفرة من الرساميل لتمويل التنمية. كما أن متوسط الدخل للنمور الآسيوية الأربعة (هونج كونج، تايوان، سنغافورة، وكوريا الجنوبية) تصل إلى المستويات المتوسطة كما حددتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. إلا أن أزمة العملة عام 1997 ضربت النمور الآسيوية بشدة وجعلتها غير قادرن على على استئناف النمو الحثيث الذي شهدته في السنوات السابقة.
* آسيا وأوروبا وموازين القوى العالمية: في الصين الآن أكبر مجموعة للرساميل في العالم، وسيتجاوز الناتج المحلي الإجمالي فيها الولايات المتحدة عما قريب. كما سيزيد نصيب آسيا من الكعكة الاقتصادية العالمية. ومن الناحية العسكرية تتزايد قوة آسيا، والولايات المتحدة وحدها دون باقي القوى الغربية ستستمر في تحمل هذا العبء الأمني.