رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


دويلات الطوائف الفلسطينية

ألم يأن لإخواننا في فلسطين أن يصحوا من نومهم العميق ويدركوا أنهم ضائعون، وأن وضع ما يُسمى بالقضية الفلسطينية يتحول من سيء إلى أسوأ؟ وهل من المعقول أن هذه العقول الفلسطينية الجبارة لا تعلم أن أوضاعهم الاجتماعية والسياسية منذ الاحتلال الصهيوني لأرضهم في تدهور مستمر. لقد سمحوا لأنفسهم بأن يتفرقوا شيعاً وأقطاباً وهم لا يزالون في بداية نضالهم لتحرير الأرض، وأصبح لديهم فصائل ومنظمات وحركات وإمارات، وسمها ما شئت، تتنافس وتتناحر فيما بينها على كعكة لا يملكون منها إلا الجزء اليسير، بينما عدوهم الشرس يُسيطر على النصيب الأكبر منها ويقول هل من مزيد؟!
نحن نعلم أن الكل قد ملَّ سماع و قراءة كل ما له علاقة بالقضية الفلسطينية، التي أول منْ خذلها أهلها. ونحن أيضا ''طفشنا'' من الكتابة عنها. ولكن ما الحيلة والكل يُشاهد ما يحدث يوميا لإخواننا في غزة وفي القدس وللعرب داخل فلسطين، من اعتداءات غير إنسانية تُحرق أصحاب الضمائر الحية. ولا نعتقد أن تلك الأعمال والممارسات الإجرامية من قبل العصابات الصهيونية الشريرة بحق المواطنين الفلسطينيين العُزل تُحرك شعرة من قيادات الفصائل والحركات والمنظمات المُنعَّمين في قصورهم. ونقول لهم، لا ضير، تمتعوا بما أنتم غارقين فيه ولكم رؤوس أموالكم، ولكن حِلوا منظماتكم ودعوا الشعب الفلسطيني يُكوِّنُ زعامة واحدة تحت قيادة رجل واحد، فهل من مُجيب؟
بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة قائم على قدم وساق وبمباركة من وسيط السلام، الولايات المتحدة، وهو ما سيُمثل حقائق على أرض الواقع من المستحيل للمفاوض الفلسطيني عدم قبولها في المستقبل. وأنتم يا ''ملوك الطوائف'' لاهون فيما بينكم، كل بما لديهم فرحون. العجائز والأطفال في مدينة القدس يُطردون من بيوتهم في وضح النهار وتُخرج ممتلكاتهم وتُرمى في الشارع، وفي اللحظة نفسها تحتل مساكنهم بكل برود قطعان المستوطنين، كل ذلك أمام عدسات وسائل الإعلام العالمية. مناظر تقشعر منها الأبدان، ولم نر أو نسمع أن أحداً من القيادات الفلسطينية المُتعددة رفع ولا صوت استنكار. يا لها من مهازل وعدم اهتمام، ولا نقول غفلة. ونكاد نجزم أن جميع المنظمات الفلسطينية، أو جُلها، لا يعرفون منْ يُمثلون من الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره، وأكبر همهم هو رغد العيش على حسابهم، وليذهب المستقبل إلى الجحيم. وربما أن هناك فئات قليلة مخلصة، ولكن ما الفائدة إذا هم تمسكوا بفلسفات معينة ووصلوا إلى طريق مسدود، هل هذا يُبرر البقاء في الساحة وترك الشعب الفلسطيني دون قيادة مركزية ومُقسَّم إلى انتماءات ليس من أهدافها تحرير الأرض ولا حماية حقوقهم المشروعة؟
منْ الذي سيقف في وجه هذه الوحوش، أمثال نتنياهو وليبرمان، من أجل أن يُفاوض ويُساوم للحصول على أدنى مستوى من المكاسب للقضية الفلسطينية؟ وعلى أي شيء يُفاوضون العدو الصهيوني، وهو يرفض حق العودة ويُهوِّد القدس ولا يقبل للفلسطينيين حكومة مستقلة ويبني المستوطنات أينما شاء ومتى ما شاء؟ دعك مما يُردده ''قدماء المحاربين'' في ما يُسمى بالسلطة الفلسطينية، عن الشروط التي يريدون تقديمها كأساس للمفاوضات، فكل ذلك كلام '' جرائد '' لا قيمة له. العبرة بما تقوله إسرائيل بأن الإنسان الفلسطيني ليس له حق الوجود في أي بقعة من أرض فلسطين. يقولونها اليوم دون خوف أو خجل، بعد ما تيقنوا من أن الشعب الفلسطيني قد انقسم على نفسه إلى دويلات تُقاتل بعضها، وتستجير فئات منها بإسرائيل لتحميها من بطش إخوانهم ورفاق السلاح سابقاً. هل تريد الصهيونية أفضل من هذا الوضع؟ وإذا كانت الحكومة اليهودية اليوم يمينية مُتطرفة، فانتظروا الحكومات التي تليها من الوجوه الأكثر عداوة وشراسة، فهذه نتيجة تربيتهم لأجيالهم المقبلة. وأمامنا اتجاهان مُتضادان، الحكومات الإسرائيلية تسير من تطرف إلى أكثر تطرفاً، والشعب الفلسطيني ينحو منحاً أكثر تفرقاً وأبعد عن جادة الصواب، والضحية ضياع القضية.
حتى الرئيس باراك أوباما، صاحب الوعود المعسولة، تخلى عن وعوده بإيقاف الاستيطان عند ما وجد أن ذلك من المستحيلات، تحت ظل سيطرة كاملة على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط من جانب عملاء إسرائيل في الولايات المتحدة، وهو ما لم يستطع الوقوف في وجهه. وعوَّض عن ذلك بالضغط غير العادل على الجانب الضعيف من المعادلة، وهي الحكومات العربية وعلى الطرف الهزيل من ممثلي الشعب الفلسطيني بأن يبحثوا عما تبقى لديهم من تنازلات لعله يُضيف بها عملاً ما إلى رصيد مُنجزاته، بعد أن مُنح جائزة نوبل للسلام. وإذا كان السيد أوباما لا يعلم شيئاً عن نوايا ومُخططات الصهيونية العالمية في فلسطين، فنود أن نؤكد له أن نتنياهو وأركان حكومته ليس لديهم ما يمنحونه للشعب الفلسطيني إلا ربما جواز سفر يُسهِّل به أمر خروجهم من أرضهم إلى أرض الله الواسعة خارج فلسطين. فطب نفساً أيها الرئيس المُبجَّل، ولا تُشغل وقتك الثمين بهموم أمة تغُطُّ في سبات عميق ولا تصحوا إلا حينما يحين وقت استئناف محادثات ما يُسمى بالصلح بين الفصائل والمنظمات الذي يُشغلون به أنفسهم لفترة قصيرة قبل أنْ ينفضُّوا إلى وقت موعد آخر. وأنت يا سيد أوباما إن لم تكن تعلم فيجب أن تعرف، وهو ليس سرًّا، أن المنظمات الفلسطينية قد اتفقوا على ألا يتفقوا، وهي قاعدة ذهبية تعلموها من إخوانهم زعماء الدول العربية. أما أنت يا سيد نتنياهو ورفيق دربك ثقيل الدم السيد ليبرمان، فنحن نضمن لكما عِدة عقود من راحة البال، ربما تُغطي عصر أحفادك وأحفاد أحفادك قبل أن ينتفض شعب الجبارين وينبشكم من قبوركم لتُشاهدوا بأم أعينكم ما ذا فعلتم بمصير أجيالكم عند ما أوهمتموهم بأن أرض فلسطين المباركة هي لليهود وحدهم وطردتم أهلها الأصليين منها وجلبتم مكانهم شُذَّاذ الأرض ليعيثوا فيها فساداً، انتقاماً من الشعب الفلسطيني البريء مما فعله بكم أهل أوروبا.
وخُلاصة الحديث، أننا نتمنى أن يقوم نفر من عُقلاء القوم في فلسطين الذين ليس لهم تاريخ انتماء تنظيمي ويدعو جميع أفراد الشعب الفلسطيني إلى رفض التنظيمات الحالية التي مضى على تكوينها عشرات السنين وطلب إجراء استفتاء عام تحت رعاية دولية لاختيار قائد مُحنك يقود الأمة إلى وحدة الصف ويتحمل مسؤولية مواجهة العدو الصهيوني المتغطرس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي