البنوك المركزية تهدئ الأعصاب في البورصات
الاندفاع القوي في مستوى التقلب في الأسواق العالمية في أواخر الشهر الماضي تمت تهدئته الأسبوع الماضي، على الرغم من أن تقرير الجمعة عن معدلات البطالة في الولايات المتحدة هدد بتقويض المزاج العام.
التقرير سبب خيبة أمل لدى المستثمرين حين ذكر أنه تم تسريح 190 ألف عامل في الولايات المتحدة في تشرين الأول (أكتوبر)، ما يجعل نسبة البطالة تصل إلى10.2 في المائة. لكنه أخفق في إحداث أضرار كبيرة، على اعتبار أن كثيراً من الأسواق المالية كانت قد شعر بالطمأنينة هذا الأسبوع من نتائج الاجتماعات التي عقدتها ثلاثة بنوك مركزية رئيسية، وهي اجتماع البنك المركزي الأمريكي يوم الأربعاء، والبنك المركزي البريطاني والمركزي الأوروبي يوم الخميس.
التكهنات التي سبقت هذه الاجتماعات كان من شأنها إحداث الكثير من الاضطراب والبلبلة، كما يتبين من الارتفاع الكبير بنسبة 38 في المائة في مؤشر فيكس للتقلب خلال الأسبوع الأخير من تشرين الأول (أكتوبر). المخاوف من أن البنك المركزي الأمريكي لم يعد بحاجة إلى إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة «لفترة طويلة» كان من شأنها أن وضعت أسواق الأسهم في حالة بلبلة وأعطت تعزيزاً لفكرة الملاذ الآمن في السندات الحكومية والدولار. وقبيل اجتماع البنك المركزي البريطاني كان هناك سببان يدفعان المستثمرين للقلق. إذا قرر البنك إيقاف برنامج التسهيل الكمي بمقدار 175 مليار جنيه استرليني، فربما يشعر المستثمرون بأن لجنة السياسة النقدية في البنك ربما تتبع ذلك خلال فترة قريبة بقرار يقضي برفع أسعار الفائدة. وإذا زادت مبالغ التسهيل الكمي بمقدار 50 مليار جنيه استرليني، كما توقع البعض، فإنه ربما يكون في هذا الحالة معرباً عن قلقه حيال معدل النمو العادي تماماً.
في هذه الأثناء استمر البنك المركزي الأمريكي بتوقع معدلات متدنية على الأجل الطويل، في حين أن البنك المركزي البريطاني اختار الحل الوسط، حيث قرر تمديد برناج التسهيل الكمي بمقدار 25 مليار جنيه استرليني. وفي حين أن البنك المركزي الأوروبي كان متشدداً نوعاً ما حين أعلن أن شهر كانون الأول (ديسمبر) سيكون آخر عروضه لقروض السيولة الطارئة لمدة عام، إلا أنه حافظ على نغمة هادئة إلى حد ما في منهجه نحو سياسة الخروج للحفاظ على هدوء الأسواق.
وقال ألان راسكين من رويال بانك أوف اسكوتلاند «بصورة عامة نظل إيجابيين من الناحية الاستراتيجية فيما يخص شهية المخاطرة. المركزي الأمريكي والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى لا تظهر علامات تذكر على التحول بعيداً عن أسعار الفائدة القريبة من الصفر قبل النصف الثاني من عام 2010 على أسرع تقدير، وهو أمر تؤيده بوضوع بيانات الوظائف». لكن المخاوف حول استمرار معدلات الفائدة المتدنية لفترة طويلة، والأثر المحتمل على اتجاهات التضخم على المدى الطويل، كان من شأنها دفع العوائد على السندات الحكومية إلى الأعلى.
وقال شون مالوني المحلل الاستراتيجي لأسعار الفائدة لدى بنك نومورا «بعد الحركة الدورانية القوية للشهر الماضي، فإن من شأن هذا عملياً أن يعيد الأسواق إلى حيث بدأت. بمعنى أنها الآن في وضع يتسم باحتساب توقعات متواضعة للغاية من زيادة أسعار الفائدة، والمنحنيات وصلت أو قاربت معدلاتها مستوى الفروق الكبيرة على مدى عدة أشهر أو حتى عند مستويات قياسية». وعلى مدى الأسبوع ارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 26.3 نقطة أساس ليصل إلى 3.887 في المائة، بحيث أصبح الفرق بينه وبين العائد على السندات لأجل سنتين عند 305 نقاط أساس، وهو أعلى معدل له منذ 17 سنة. وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 30.2 نقطة أساس، وبذلك دفع بالفرق بينه وبين العائد على السندات لأجل سنتين إلى 264 نقطة أساس، وهو أعلى معدل له منذ أربعة أشهر. كان الأثر في أوروبا أقل من هذه الدرجة، حيث إن العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات لم يرتفع إلا بمقدار 6.8 نقطة أساس فقط على مدى الأسبوع.
رغم أن بيانات التوظيف كانت مخيبة للآمال، إلا أن معظم التقارير الأخرى خلال الأسبوع كانت مشجعة، حيث إن مؤشرات مديري المشتريات العالمية حول التصنيع أضافت ثقلها إلى سيناريو الانتعاش الاقتصادي.
أسواق الأسهم، بعد اندفاعة متوترة إلى الأدنى يوم الثلاثاء، كانت بصورة عامة أعلى على مدى الأسبوع. مرة أخرى عاد مؤشر داو جونز للشركات الصناعية إلى مستوى عشرة آلاف نقطة، وبحلول منتصف الجمعة في نيويورك ظل المؤشر مرتفعاً بنسبة 3 في المائة على مدى الأسبوع. كذلك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 2.9 في المائة. وفي أوروبا ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بنسبة 1.6 في المائة.
لكن الأسهم الآسيوية عانت أسبوعا غير مريح. قام البنك المركزي الأسترالي للمرة الثانية برفع أسعار الفائدة خلال شهرين، وازدادت المخاوف من أن البنوك المركزية الأخرى في المنطقة ربما تقتفي الخطى نفسها قريباً. مؤشر ستاندارد آند بورز / إيه إس إكس 200 S&P/ASX هبط بنسبة 1.1 في المائة، في حين أن مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية هبط بنسبة 0.5 في المائة. وفي طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 2.4 في المائة.
وكانت قرارات البنوك المركزية هي المحرك لأسواق العملات، وكان الدولار الأسترالي هو أقوى العملات من حيث الأداء أثناء الأسبوع، وذلك بالنظر إلى الدعم القوي الذي تلقاه من زيادة أخرى بنسبة ربع نقطة مئوية في أسعار الفائدة، حيث وصلت إلى 3.5 في المائة. وارتفع بنسبة 2.5 في المائة في مقابل الدولار الأمريكي، الذي كان بصورة عامة متدنياً خلال الأسبوع بعد أن أدى قرار البنك المركزي الأمريكي إلى حدوث اندفاع في شهية المخاطرة.
وارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 1 في المائة في مقابل الدولار، في حين أن اليورو حقق مكسباً مقداره 1.3 في المائة. وكان الذهب هو نجم أسواق السلع، بعد أن قال البنك المركزي السعودي يوم الثلاثاء إنه اشترى مائتي طن من الذهب من صندوق النقد الدولي للمساعدة على تنويع احتياطي العملات الأجنبية.
وقالت سر يلانكا يوم الثلاثاء إنها ستشتري كميات أقل من الذهب. وسجل الذهب رقماً قياسياً في السعر الفوري عند 1109.90 دولار للأوقية، وسجل زيادة مقدارها 4.6 في المائة على مدى الأسبوع.
ولم تشهد أسعار النفط تغيراً يذكر على مدى الأسبوع بعد الهبوط الحاد يوم الجمعة استجابة لبيانات الوظائف. في نيويورك هبط سعر خام غرب تكساس المتوسط في بورصة نايمكس بنسبة 3.1 في المائة ليصل إلى 77.14 دولار للبرميل، أي بزيادة مقدارها فقط 0.1 في المائة على مدى الأسبوع.