4 عوامل تنقل النفط السعودي من غرب تكساس إلى خليج المكسيك بعد 58 يوما
بعد استخدام خام غرب تكساس عبر بورصة «نايمكس» كمؤشر لتسعير النفط السعودي لفترة تجاوزت 15 عاما، تبدأ شركة أرامكو السعودية اعتبارا من مطلع العام المقبل، أي عقب 58 يوما تقريبا تقييم سعر النفط السعودي المصدر للأسواق الأمريكية باستخدام مؤشر جديد وضعته شركة «أرجوس» لسلة نفوط من خليج المكسيك، وهي نفوط قريبة جداً من نوعية النفوط التي تصدرها السعودية للولايات المتحدة.
وخلال اليومين الماضيين، ظهرت تباعا العوامل التي دفعت «أرامكو» إلى استخدام المؤشر الجديد، وفقا لما أفاد به محللون نفطيون وشركات عالمية عاملة في سوق الخام.
ويتضح أن هناك جملة من العوامل دفعت الرياض إلى نقل نفطها إلى المؤشر الجديد، وفقا لما أورده المحللون، فأولها أن خام غرب تكساس بات نفطا إقليميا يتأثر بالعوامل المحلية أكثر من تأثره بالعوامل العالمية، وبالتالي لا يمكن القياس عليه. ففي الشهور الماضية ارتفع مخزونه بشكل كبير في مستودعات مدينة كوشينج في ولاية أوكلاهوما، وهي المدينة التي تعد مركزا لتقاطع أنابيب النفط التي توزع النفط في شتى أنحاء الولايات المتحدة، الأمر الذي خفض سعره بشكل يخالف اتجاه أسعار النفوط العالمية الأخرى لدرجة أن سعره تدنى عن سعر «خام برنت» بأكثر من عشرة دولارات، علما بأن سعر «خام غرب تكساس» كان تاريخيا أعلى من «برنت» في حدود دولارين إلى ثلاثة دولارات للبرميل.
ثاني تلك العوامل أن هناك مخاوف من دخول «خام تكساس» مرحلة النضوب (تناقص احتياطياته في الحقول)، وبالتالي لزم الانتقال إلى مؤشر يضم خامات لديها احتياطيات موثوقة. والعامل الثالث، وهو سبب يتضح جليا في تحليلات المراقبين الغربيين، يكمن في معاناة النفط من المضاربين في بورصة نايمكس في نيويورك. وهنا يقول المحلل جاري وايت في مقال نشرته «ديلي تلجراف» أن الرياض لا تريد للنفط بشكل عام أن يكون ورقة مالية تخضع للمضاربين وهي تعده سلعة ملموسة يجب أن يخضع سعره لعوامل السوق الأساسية (العرض والطلب). إلا أن خبراء آخرين اعتبروا أن هذا السبب جانبي، وليس أساسياً في قرار تغيير المؤشر.
والسبب الرابع، وقد يكون أهمها، وهو أن نفط غرب تكساس من النوع الحلو الخفيف في الوقت الذي يعد النفط السعودي من فئة (الحامض الثقيل)، وبالتالي فإن تقييم السعر هنا ربما لا يكون عادلا. لذلك فإن النفوط الثلاثة المكونة لمؤشر «أرجوس» أكثر تعبيرا عن نوعية النفط السعودية من «خام غرب تكساس. هنا نشير إلى أن مصادر ذات صلة عدت تقييم النفط السعودي بخام غرب تكساس لم يكن عادلا خاصة في السنوات الأخيرة استنادا إلى المعطيات السابقة.
معلوم أن الرياض ومعها دول «أوبك» تحمل المضاربة في البورصات مسؤولية كبيرة تجاه الارتفاع غير الطبيعي لأسعار النفط أو الانهيار الكبير، واستنادا إلى مسؤوليتها تجاه الاقتصاد العالمي باعتبار اللاعب الأساسي في سوق النفط العالمي، استضافت السعودية (جدة) منتصف حزيران (يونيو) 2008 اجتماعا دوليا لمنتجي النفط ومستهلكيه والشركات العاملة في القطاع، حيث جرت مداولات حول تأثيرات المضاربين في سعر النفط والذي كان حينها عند 140 دولارا للبرميل، وكان الخام في تلك الفترة يقفز أحيانا عشرة دولارات في اليوم الواحد، الأمر الذي عدته «أوبك» لا يعكس بأي حال من الأحوال العوامل الأساسية للسوق. من هنا، كما يصف محللون غربيون، حرصت الرياض على دعم إبعاد هذه السلعة عن المضاربات قدر الإمكان.في هذا الجانب، أوضح الدكتور راشد أبا نمي، الاستراتيجي والخبير النفطي، أن المملكة ستستخدم ما يطلق عليه مرجع آرجوس للخامات الحامضة أو The Argus Sour Crude Index ASCI وهو يمثل الأسعار اليومية لخامات متوسطة الكبريت لساحل الخليج المكسيكي المبنية على التداول المادي في السوق المباشر physical spot market transactions وتستخدم هذه القائمة كمرجع يستخدمه المتداولون في سوق الخام المستورد والذي يعكس أسعار أنواع الخامات المشابهة الأمريكية للعقود الآجلة، حيث ان الإمدادات البترولية من حقول خليج المكسيك في ازدياد مستمر. ومرجع ASCI هذا يشمل أسعار ثلاثة خامات يومية تمثل متوسط سعر الوزن النوعي لثلاثة أنواع من الخامات مختلطة أو مجتمعة لـخام مارس وبوسيدون وخام جنوب جرين كانيون SGC.Mars, Poseidon, and Southern Green Canyon (SGC)) (انظر خريطة حقول النفط على ساحل الخليج المكسيكس)، وهذه الأنواع تتداول بشكل كبير ومباشر في الأسواق الأمريكية على شكل عقود آنية أو حاضرة، وتضخ وتنقل في ثلاثة أنواع مختلفة من الأنابيب وتمد أسواق المصافي في لويزيانا وتكساس، وفي الوقت نفسه فإن مرجع ASCI لا يزال يقيم في إطار وعمق أسعار خام غرب تكساس WTI والذي يتعامل معه ASCI كمعيار أساسي للعقود الآجلة حيث إن متوسط جميع الصفقات المشمولة في قائمة ASCI تحلل وتقيم بمقارنة خام غرب تكساس WTI، وعليه فإن مرجع أو مؤشر ASCI امتدادا لتقييم معيار خام غرب تكساس WTI لثلاثة خامات ثقيلة من خليج المكسيك للعقود الآجلة.