اليوم في أبها: مناقشة حوكمة الشركات وعلاقتها باستقرار أسواق المال

اليوم في أبها: مناقشة حوكمة الشركات وعلاقتها باستقرار أسواق المال

يدشن الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير مساء اليوم المؤتمر العالمي الأول لحوكمة الشركات (حوكمة الشركات.. الممارسات الحالية والآفاق المستقبلية) الذي ينظمه مركز حوكمة الشركات التابع لكلية العلوم الإدارية والمالية في جامعة الملك خالد في أبها.
وأبان الدكتور عبد الله بن محمد الراشد مدير جامعة الملك خالد أن المؤتمر يهدف إلى دراسة ومناقشة إجراءات وممارسات حوكمة الشركات على المستويين المحلي والدولي باستثارة الأبحاث ودراسة الحالات الرائدة والخلاقة في هذا المجال وعرض التجارب والممارسات العملية الرائدة فيه، إلى جانب توفير وإيجاد آلية لتنفيذ مبادئ حوكمة الشركات من خلال عقد عدد من ورشات العمل التدريبية وحلقات النقاش لتجارب رائدة في هذا المجال. وأضاف الراشد أن المؤتمر يستقطب نخبة متميزة من الباحثين الأكاديميين والمهنيين المهتمين بجوانب البحث المختلفة في مجال «حوكمة الشركات» إلى جانب مشاركة عدد من المدرين التنفيذيين في القطاعين العام والخاص وعدد من الخبراء المحليين والدوليين في مجال التدريب والاستشارات. وأشار الراشد إلى أنه سيقدم خلال المؤتمر أكثر من 30 بحثا وورقة عمل محكمة مقدمة من قبل باحثين وأكاديميين من الولايات المتحدة وسنغافورة ومصر، إضافة إلى نخبة متميزة من المختصين من داخل المملكة، وذلك بواقع ثماني جلسات عمل، كما سيتولى إدارة تلك الجلسات نخبة من الشخصيات البارزة في المملكة ودول الخليج العربية، من بينهم: عبد العزيز الراشد رئيس مجلس إدارة هيئة المحاسبة والمراجعة لدول الخليج العربية، الأستاذ عبد الله أبو ملحة عضو مجلس الشورى، الدكتور سعد مارق عضو مجلس الشورى، المهندس أسامة الكردي عضو مجلس الشورى والدكتور الرائد غيث بن سيف السويدي عضو هيئة التدريس في أكاديمية شرطة دبي، إضافة إلى نخبة من الأكاديميين والمهتمين بهذا الشأن.
ويتحدث المؤتمر في خمسة محاور، المحور الأول: الإفصاح وحوكمة الشركات وعلاقتهما بالأسواق المالية ويشمل ما يلي: تطوير الإفصاح في القوائم والتقارير المالية بهدف تعزيز حوكمة الشركات،أثر تطبيق الحوكمة على القيمة السوقية للشركات، أثر تطبيق الحوكمة على قرارات الاستثمار في سوق الأوراق المالية، أثر تطبيق الحوكمة على أداء الشركات.
المحور الثاني: الإطار القانوني والتنظيمي لحوكمة الشركات ويشمل:
الجوانب التشريعية والتنظيمية لحوكمة الشركات، جهود المنظمات الدولية في إرساء مبادئ الحوكمة، دور الأجهزة الإشرافية والرقابية في تفعيل مبادئ الحوكمة في المملكة.
المحور الثالث: تكنولوجيا المعلومات وعلاقتها بحوكمة الشركات ويشمل: حوكمة الشركات في مجال التجارة الإلكترونية، حوكمة تكنولوجيا المعلومات وأثرها في حوكمة الشركات، نشر المعلومات على الإنترنت وأثرها على حوكمة الشركات، تطبيق مبادئ COBIT لتفعيل حوكمة الشركات في النظم الإلكترونية.
المحور الرابع: دور المراجعة في تفعيل حوكمة الشركات ويشمل: المراجعة الداخلية وحوكمة الشركات، المراجعة الخارجية وحوكمة الشركات، لجان المراجعة ودورها في تفعيل حوكمة الشركات.
المحور الخامس: الحوكمة ومواجهة الأزمات المالية ويشمل: الرقابة على المخاطر المصرفية، البعد السلوكي والأخلاقي لحوكمة الشركات، مستقبل حوكمة الشركات (الفرص والتحديات).
وتنطلق أهمية المؤتمر من كون حكومة الشركات ذات أهمية قصوى في استقرار أسواق المال، فضلا عن أن غياب الحوكمة كان متهما رئيسيا في اندلاع الأزمة المالية العالمية نهاية عام 2008 والتي أدت إلى إفلاس شركات وانهيارات في أسواق المال وتحولت لاحقا إلى أزمة اقتصادية.
وتعرف حوكمة الشركات على أنها النظام الذي يتم من خلاله إدارة ورقابة منشآت الأعمال. كما يُنظر للحوكمة على أنها وسيلة لتعزيز الشفافية والمساءلة، وبالتالي يمكن توصيف البناء الفاعل لنظام حوكمة الشركات على الأسس التالية: المسؤولية الائتمانية، الشفافية، المساءلة، الرقابة، وقواعد السلوك المهني.
وظهر مصطلح حوكمة الشركات Corporate Governance أو «الحوكمة» على غرار مصطلحات أخرى مثل الخصخصة Privatization،والعولمة Globalization، وكلها مصطلحات حديثة عهد على اقتصادات الدول النامية ومؤسساتها ووحداتها الاقتصادية.
وقد تعاظم الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات خلال العقود القليلة الماضية نظرا للانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية التي شهدها العديد من الدول في أسواق المال والشركات، والتي كان أحد أهم أسبابها عدم الإفصاح الكامل والشفافية فيما يتعلق بالمعلومات المالية والمحاسبية للعديد من الشركات والوحدات الاقتصادية في أسواق المال. ويشير مفهوم حوكمة الشركات إلى مجموعة من الأطر التنظيمية والإدارية والقانونية والمالية التي تنظم العلاقة بين الإدارة والملاك (المستثمرين والمساهمين) وأصحاب المصالح الأخرى Stakeholders. كذلك يتضمن هذا المفهوم الهيكل الذي يتم من خلاله وضع أهداف الشركة مع تحديد مسارات تحقيق تلك الأهداف ونظم الرقابة على الأداء.
ودخل مفهوم الحوكمة في مجال الأعمال على نطاق واسع خاصة بعد الفضائح التي طالت كبريات الشركات العالمية والتي أدت إلى خسائر مالية جسيمة (شركة إنرون)، وظهرت الحاجة إلى تشكيل أطر إجرائية لتمكين المديرين من اتخاذ القرارات بطريقة صائبة بحيث تصب نتائج قراراتهم مباشرة في خدمة مهمة المؤسسة واستراتيجيتها.
ووضعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مبادئ حوكمة الشركات بهدف تحسين الكفاءة الاقتصادية والنمو الاقتصادي لدول المنظمة، وتتضمن حوكمة الشركات مجموعة من العلاقات بين إدارة الشركة ومجلس إدارتها وحملة الأسهم ومجموعة أصحاب المصالح كما توفر الهيكل الذي من خلاله يتم وضع أهداف الشركة وتقرير الوسائل لبلوغ هذه الأهداف ومراقبة الأداء. وحوكمة الشركات الجيدة توفر حوافز مناسبة وسليمة لمجلس الإدارة لتحقيق الأهداف التى تكون فى مصلحة الشركة ومساهميها كما تشمل عملية الرقابة الفعالة ، ووجود نظام فعال لحوكمة الشركات فى كل شركة على حدة وفى الاقتصاد ككل يساعد على توفير درجة من الثقة اللازمة لسلامة عمل اقتصاد السوق مما يؤدى إلى مكافحة الفساد وخفض تكلفة رأس المال وجذب مصادر تمويل أكثر استقرارا وتشجيع المنشآت على استخدام الموارد بطريقة أكثر كفاءة مما يعزز النمو الاقتصادي .
ويعتمد إطار حوكمة الشركة على البيئة القانونية والتنظيمية، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل أخلاقيات الأعمال ومدى إدراك الشركات بالمصالح البيئية والاجتماعية للمجتمع. وفي خلال الـ 25 سنة الماضية تركز الاهتمام على تطبيق مبادئ حوكمة الشركات في المصارف نتيجة للتطورات السريعة في الأسواق المالية وعولمة التدفقات المالية والتقدم التكنولوجي، مما أدى إلى حدوث ضغوط تنافسية متزايدة بين البنوك والمنشآت غير المصرفية، وحدث نمو فى الأسواق المالية وتنوع في الأدوات المالية للبنوك مما زاد من أهمية قياس المخاطر وإدارتها والسيطرة عليها مما يتطلب الابتكار المستمر لطرق إدارة الأعمال والمخاطر وتغيير القوانين ونظم الإشراف بما يحافظ على سلامة النظام المصرفي.
وتختلف البنوك عن باقي الشركات لأن انهيارها يؤثر في دائرة أكثر اتساعا من الأشخاص ويؤدي إلى إضعاف النظام المالي ذاته مما تكون له آثار سيئة على الاقتصاد بأسره ، وهو ما يلقي بمسئؤولية خاصة على أعضاء مجلس إدارة البنك، ونظرا لأنه لا يمكن لأعضاء مجلس الإدارة أن يقوموا بكل شيء بأنفسهم ، ويجب عليهم تفويض بعض المهام فإنه يجب عليهم التأكد من قدرة أولئك الذين ائتمنوهم وعهدوا إليهم بالسلطة والإطار الذي يمكن من خلاله مراجعة الاستخدام السليم والأمن للسلطة. ويعرف بنك التسويات الدولية الحوكمة في المصارف بأنها الأساليب التي تدار بها المصارف من خلال مجلس الإدارة والإدارة العليا والتي تحدد كيفية وضع أهداف البنك والتشغيل وحماية مصالح حملة الأسهم وأصحاب المصالح مع الالتزام بالعمل وفقا للقوانين والنظم السائدة وبما يحقق حماية مصالح المودعين.
وأصدرت لجنة بازل تقريرا عن تعزيز الحوكمة في المصارف عام 1999 ثم أصدرت نسخة معدلة منه عام 2005 وفي شباط (فبراير) 2006 أصدرت نسخة محدثة تؤكد أنه يجب أن يكون أعضاء مجلس الإدارة مؤهلين تماما لمراكزهم وأن يكونوا على دراية تامة بالحوكمة وبالقدرة على إدارة العمل في البنك، ويكون أعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بشكل تام عن أداء البنك وسلامة موقفه المالي وعن صياغة استراتيجية العمل في البنك وسياسة المخاطر وتجنب تضارب المصالح وأن يبتعدوا بأنفسهم عن اتخاذ القرارات عندما يكون هناك تعارض في المصالح يجعلهم غير قادرين على أداء واجبهم على أكمل وجه تجاه البنك، وأن يقوموا بإعادة هيكلة للمجلس ويتضمن ذلك عدد الأعضاء مما يشجع على زيادة الكفاءة. وتتضمن واجبات المجلس اختيار ومراقبة وتعيين المديرين التنفيذيين بما يضمن توافر الكفاءات القادرة على إدارة البنك وأن يكون أعضاء المجلس على دراية كافية بمبادئ وأسس الأنشطة المالية للبنك التي يجب اتباعها وبالبيئة التشريعية، ويقوم مجلس الإدارة بتشكيل لجان لمساعدته ومنها لجنة تنفيذية ولجنة مراجعة داخلية وتقوم لجنة المراجعة بالتعاون مع مراقبي الحسابات وتراجع وتتسلم تقاريرهم وأن تأخذ القرارات التصحيحية فى الوقت المناسب لتحديد أوجه الضعف في الرقابة وعدم التوافق مع السياسات والقوانين والنظم.

الأكثر قراءة