مسجد يخرج عن المألوف
لم تكن سوى مصادفة جعلتني حين استيقظت متأخرا ذات يوم في سنة مضت أبحث عن مسجد لأصلي فيه صلاة الجمعة قبل بدء الخطبة، لأنني كنت حريصا للحاق ببعض فضل الجمعة في هذا المسجد ، فأيقظت أبنائي الصغار حينها سريعا ، وأنا منزعج وخائف أن تفوتني خطبة الجمعة والصلاة ، فإذا بأحد الأبناء يخبرني أنه يعرف مسجدا يتأخر في إقامة صلاة الجمعة ويذهب إليه عندما يستيقظ متأخرا ، فأخذني الابن - وفقه الله - حيث ذلك المسجد، وعندما وصلت إليه استغربت أن المسجد لا يزال الناس يأتون إليه في حين هناك مساجد أوشكت على الانتهاء من الصلاة ، وجلست في المسجد بعضا من الوقت ، ولم تمض دقائق إلا والمسجد يمتلئ بالمصلين، ثم حضر بعد ذلك الإمام وألقى خطبة جميلة كانت تخاطب الواقع وتعرض فيها للشباب أصحاب الأفكار المنحرفة وضرورة العودة إلى الصواب، وأعتقد أن معظم المصلين مع هذا الإمام هم من فئة الشباب عدا كاتب المقال وآخرين قليلين كانوا معه قليل، والذي جعلني أورد الحديث عن هذا المسجد هو خروجه عن المألوف حيث تعودنا أن تكون الخطبة في جميع المساجد وقتها قريب من بعضها البعض إلا هذا المسجد ، فقد بدأ بعد أن انتهت الصلاة في المساجد ربما كلها في الرياض.
التنسيق مهم
و الحقيقة أن هذا الموقف يقودني للحديث عن عدم التفاوت في الصلاة بين المساجد القريبة من بعضها في الصلوات الخمس اليومية فمعظمها تصلى في وقت واحد ويحدث التداخل في الأصوات بينها فلو يحصل تنسيق بينها بحيث يكون الفارق الزمني بين المساجد المتقاربة عشر دقائق وهذا غالبا هو الذي يقضيه معظم الأئمة في الصلوات المفروضة تزيد قليلا لدى بعضهم ، وفي حالة حدوث ذلك فإننا لا نخشى تداخل الأصوات بين المساجد القريبة من بعضها البعض ، كما أن هذا التناول عن مثل ذلك المسجد غير المألوف يذكرني بما كان يفعله معاذ رضي الله عنه بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي معه الفريضة ويذهب للصلاة بقومه نافلة (عن شعبة عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله قال كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه، فصلى العشاء فقرأ بالبقرة، فانصرف الرجل فكأن معاذا تناول منه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال فتان فتان فتان ثلاث مرار أو قال فاتنا فاتنا فاتنا وأمره بسورتين من أوسط المفصل قال عمرو لا أحفظهما (صحيح البخاري ) وقد حصل موقف آخر لمثل هذه النوعية من المساجد عندما كنت مرة في مدينة خميس مشيط وسكنت قريبا من مسجد الشيخ أحمد الحواش وكان من الذين يطيلون في الصلاة ويصلي متأخرا حيث صليت معه صلاة الفجر وكان آخر مسجد يصلي في خميس مشيط وكان المسجد شبه ممتلئ، فهذا التفاوت في إقامة الصلاة يستفيد منه أخرون، ولا يظن البعض أني أفتي في هذا الأمر، ولكنه رؤية خاصة قد تكون صائبة أو خاطئة فإن كانت صائبة فمن الله وإن كانت خطأ فمن نفسي والشيطان، أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى وأن نسير على نهج المصطفى - صلى الله عليه وسلم.