قوى الإقناع: قصة الإعلان البريطاني بين الفشل والانطلاق
يعد عام 1951 هو العام الفيصل في صناعة الإعلانات التلفزيونية البريطانية، فقد شهد هذا العام عقد أكبر مؤتمر وطني للإعلان حتى ذلك الوقت والذي استضافت لندن فيه أول مؤتمر دولي لأبحاث السوق. في العام نفسه شكلت حكومة حزب العمل البريطانية لجنة لدراسة الإعلانات التلفزيونية.
في ذلك الوقت، كان أغلبية أعضاء هذه اللجنة يميلون إلى حظر الإعلانات التجارية على التلفزيون، ويفضلون هيئة الإذاعة البريطانية التي لا تبث أي إعلانات. كان يمكن لهذا الموقف أن يؤجل نمو صناعة الإعلان في بريطانيا. ففكرة الإعلانات التلفزيونية لم تحظ بشعبية لدرجة أن أحد اللوردات الاسكتلنديين شبه الموافقة عليها بدخول الطاعون إلى إنجلترا. استمر الجدل حول مستقبل الإعلانات التلفزيونية حتى عام 1954 محركا مسار الثقافة البريطانية، وظهر تحالف من منتقدي الحكومة، ومديري شركات الإعلان، والرابطة الشعبية للتلفزيون لمواجهة المحافظين الذين يعارضون الإعلانات التجارية التلفزيونية.
أصبحت هذه الإعلانات أمرا واقعا عندما تم بث إعلان لأحد معاجين الأسنان في أيلول (سبتمبر) 1955، ومنذ ذلك الحين بدأت الإعلانات التلفزيونية في تشكيل الاقتصاد البريطاني. دون هذه الإعلانات ما كان لصناعة الإعلان البريطانية أن تتقدم وتحظى باهتمام العالم، ومع ذلك كانت الإعلانات في مراحلها المبكرة تظهر فقط خصائص المنتج وكانت خالية من التواصل الحقيقي أو الإقناع أو الهزل.
كان لإدخال الإعلانات التجارية إلى التلفزيون البريطاني أثر كبير في المؤسسات بتحول السلطة إلى المديرين الفنيين والعاملين في إدارات الابتكار الذين يحولون رؤية كتاب الإعلانات إلى صور. استخدم التلفزيون الحركة واللون والصوت وأعاد تشكيل أقسام الابتكار داخل وكالات الإعلان.
يبيّن الكتاب أن وكالات الإعلان في أول العهد بها كانت تعمل بمثابة استشاريين في مجال الإدارة وشؤون إدارة الأعمال، ولكن بعد ظهور الإعلانات التلفزيونية أصبحت تعتمد أكثر على الملخصات المبتكرة وأبحاث السوق.
وفي أواخر الخمسينيات وكنتيجة لهذه المكانة الرفيعة، اعتبر بعض الخبراء الإعلانات قوة اجتماعية كبيرة غالبا ما تكون سلبية. في الستينيات، بدأت وكالات الإعلان في تطوير رؤيتها فيما يتعلق بالابتكار والعلامات التجارية. كما شهدت فترة الستينيات تزايدا في شعبية الإعلانات الملونة تقودها كبرى الصحف البريطانية.
سجلت وكالات الإعلان البريطانية نفسها في بورصة لندن لتجنب استحواذ الشركات الأمريكية عليها. وفي نهاية عام 1969 كانت هناك تسع وكالات بريطانية مدرجة في بورصة لندن. في السبعينيات وصلت الوكالات البريطانية إلى ذروة الإبداع بسبب جمعها كثيرا من الموهوبين والتغيرات المؤسسية الكثيرة فيها والضغوط السياسية والاقتصادية.
وكان للإنترنت أثر هائل في صناعة الإعلان، ففي عام 1997 بلغت تكلفة الإعلانات عبر الإنترنت ثمانية ملايين جنيه استرليني، وهو ما نسبته 0.1 في المائة من إجمالي تكلفة الإعلانات في بريطانيا. وبحلول عام 2001، وصلت هذه العائدات إلى 166 مليون جنيه استرليني أو 1 في المائة من إجمالي عائدات الإعلانات.