رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


زهد الأثرياء أم أسلوب الثروة؟

يعد الثراء، وخصوصاً ذلك الذي يتحقق نتيجة لنجاح الأعمال والمشاريع أهم شاهد على كفاءة الآلية في صُنع القرارات سواء في اختيار التوقيت والدخول في الوقت المناسب أو الخروج، وكذلك اختيار نوعية الاستثمار والنظرة الاستباقية الصحيحة في التعرف على مستقبليات نشاط اقتصادي. وليس الثراء المقصود به هنا ما يأتي مثلما يُقال «كهبة ريح» دون وجود تاريخية عملية لتكوين ثروة كالإرث أو اليانصيب أو غيرهما. فالثروة المكونة من عمل جدي بنتها سواعد وعقول صاحبها - بتوفيق من الله بالطبع - لا بد أن تجد تميزاً في أسلوب وطبيعة سلوكيات بانيها في صُنع القرار والتمذهب غالباً بما هو معروف من مسلمات في سلوك الإنسان وتطبيق المبادئ المعروفة.
ولو استعرضت نماذج من الأثرياء، في الغرب خصوصاً، لوجدت في سيرهم ما يجعلك تدرك أن هناك التزاما بكثير من المبادئ التقليدية المعروفة في عالم المال. فمن «وارن بوفيت» في كونه من أعظم مستثمري التاريخ الحديث في الأسواق الامريكية بالذات حيث حقق رأسمال أكثر من 100 مليار دولار !! دون أن يستفيد من إرث أو يخترع طرقا جديدة للاستثمار أو يكتشف منتجاً ببراءة اختراع، لكنه إنسان لم يفقد التركيز بالاستمرار على نهج المبادئ القديمة نفسها، حيث يعيش مثلاً في بيت متواضع في ولاية نبراسكا ولا يسافر بطائرة خاصة رغم امتلاكه أكبر شركة للطائرات الخاصة علماً بأنه تبرع بـ 31 مليار دولار للأعمال الخيرية أخيراً. ولن أطيل في سرد جوانب شخصية «بوفيت» وأسلوب إدارته ثرواته وتلك المبادئ التي يدين بها، ولن أتحدث عن آخرين لكنك أيضاً حين تقارن مثل هذه الأساليب وبعض -وليس كل- صانعي الثروات محلياً لترى ربما تفسيراً لإخفاقاتهم في عدم المحافظة على ما تم تحقيقه في انهيار البناء سريعاً. والانهيار بلا شك واحد من مسلمات نظرية المال لكن إذا صار السبب طبيعياً ناتجا عن طبيعة محددات المخاطر تم قبوله بكل رضى.
إن في اقتصادنا نماذج تضاهي «وارن بوفيت» واستمرارهم ناتج عن التزامهم بنفس طبيعة مبادئهم، ولن أسرد اسماء بذاتها لأننا نتحدث عن أسلوب وفوارق للمقارنة خصوصاً فيما يعيشه العالم من تبعات للأزمة المالية العالمية سواء كانت التجربة محلية أو دولية.
وكما أن من نتائج هذه الأزمة تعرية للأساليب الصحيحة والثابتة حيث بدا للكثير نتائج عدم الالتزام بها في انهيارات ثروات محلية ودولية. إن هذا الموضوع يطول الحديث عن جوانبه لكنني أقتصر على واحد منها وهو أن المبادئ الكلاسيكية في نظرية المال لم تتغير ولن تتغير، فهذه الضربة المؤلمة بكل أسف تثبت أن تلك المبادئ هي قوام الاستمرارية والنمو في حيازة المال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي