رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


شركة النخبة والاخضرار الدائم للمؤشر..!!

هل سمعتم أيها القراء الكرام عن شركة أهلية غير مدرجة في سوق المال, يتنافس الناس للإسهام فيها, ويخضر مؤشرها دوما..؟
هل نما إلى علمكم خبر هذه الشركة «الرابحة» التي يديرها أعضاء ليس لديهم خبرة استثمارية في مجال المال والاقتصاد..؟
هل تصدقون أن هذه الشركة يصوِّت فيها جميع الشركاء «بلا استثناء» على براءة ذمة أعضاء مجلس الإدارة..؟
قطعاً سيشكك في هذا الخبر كثيرون, وربما أكون واحداً منهم, فالناس في عصر السرعة لا يهمهم واقع الشركة الربحي إذا لم تكن مدرجة في السوق, ولا يتنافس المضاربون إلا على شركة يخضرّ سهمُها ويحمرّ حتى يحققوا دخلاً من وراء ارتفاع السهم ونزوله, ولا سيما أنه لا توجد شركة في الدنيا يظل مؤشرها مخضراً على الدوام إلا في أحلام اليقظة, أو في يقظة الأحلام, وكيف سيصدِّق الناس خبر شركة رابحة يديرها أعضاء لا يملكون خبرة استثمارية؟ بل الخبر الذي يعجز الكثير عن تصديقه أن يصوت الجميع على براءة ذمة أعضاء مجلس إدارة هذه الشركة؛ لما تحققه من عوائد مجزية, والعادة أنه لا يصوت على براءة الذمة إلا أصحاب الأسهم الكثيرة, وصناع القرار فيها, ممن يسيطرون على قرار الشركة, دون باقي الشركاء الصغار..!
إذن فما هذه الشركة التي تملك كل هذه المحفزات, ولديها كل هذه المقومات, وتغرد وحدها خارج السرب..؟!!
إنها بكل بساطة شركة أهلية غير ربحية تستثمر من أجل العلم, وفي العلم فقط.
إنها شركة توظف كل طاقاتها لخدمة طلاب العلم وأهله, وتحاول جادة أن تضيف ميزة تنافسية لدروس العلم الخاصة والعامة, ولا سيما دروس المساجد.
إنها شركة تنفذ مشروعات وطنية, وتدير دورات علمية, فتجري الامتحانات, وتنظم الفعاليات, وتشجع المواهب والكفاءات, وتوزع الشهادات, وتمنح الجوائز والأعطيات, دون أن يكون لها مطمع في دخل مادي, أو ربح دنيوي..
أتدرون لماذا لا تطمع في الربح المادي, ولا تخطط لتحصيله..؟
لأن أعضاء هذه الشركة لا ينتظرون مخصصات مالية, ولا يأخذون بدلات سنوية, ولا يطلبون تذاكر دولية.. وإنما يريدون وجه الله والدار الآخرة..
فهل عرفتم هذه الشركة..؟
إنها شركة تدار بأيد وطنية, في صورة مركزٍ وليدٍ, وَسَمَه القائمون عليه بـ «التبيان للاستشارات» فأينع هذا المركز, وأثمر دورات علمية ناضجة, تدعى «دورات النخبة العلمية» كانت آخرها الدورة الثامنة, التي كوفئ طلابها في حفل التكريم يوم الإثنين الماضي.
إذن, هو مركز ذو جدوى اقتصادية, ليس عند الخلائق, ولكن عند الخالق سبحانه؛ لأنه يسهم في كثرة الحسنات, ورفعة الدرجات, وتحصيل أسهم ممتازة, مضمونة الربح والعائد - بإذن الله تعالى - مع صدق النية, وسلامة القصد.
والمدهش أن هذا المركز يديره شركاء متعددون بقلب واحد, وإرادة واحدة, فرسموا خططه, ونسجوا أهدافه, ودرسوا مكررات أرباحه, وأعلنوا عن نشرة الإصدار لكل دورة من دوراته, فأقبل المساهمون والمستثمرون من كل صوب, يستحثون الخطى, ويستعجلون السير, فاكتتبوا في أسهمه, وانضموا إلى قوائمه, واستثمروا العلم في جنباته, ونهلوا من خيراته, وخرجوا متأبطين أعظم تجارة, وهي تجارة العلم النافع. وتجارة من هذا النوع لا تتأثر بالأزمات المالية, ولا تتضرر بالهزات الاقتصادية, ولا تنخفض قيمة أسهمها بكثرة العرض وقلة الطلب, لأن ربحها مضمون, وبنِسَبٍ مضاعفة, إلى أضعافٍ كثيرة.
إن مركز «التبيان» بمناشطه العلمية الطموحة ليس ظاهرة صوتية, بل هو تظاهرة علمية كبيرة, أصلها ثابت, وفرعها في السماء, فكانت ثمار هذه التظاهرة ما نراه من خريجي هذه الدورات العلمية عاماً بعد عام.
وكم هو مبهج للنفس حين يتفرغ أبناء الوطن لطلب العلم؛ من أجل أن يكونوا علماء وطلاب علم, يساعدون في تثقيف المجتمع, وينشرون الخير في أرجائه, ويسهمون في محاصرة الجهل الذي ينتج سلوكاً متطرفاً, أو يصنع أفكاراً متمردة على الأخلاق والقيم الإسلامية النبيلة.
ورجاؤنا الوحيد أن يستمر مركز التبيان في تطوير ذاته كل عام, وأن يستفيد من كل التجارب الناجحة, ليحصد مزيداً من نقاط التألق والتفوق, كما أرجو أن تعمّم هذه التجربة الناجحة في باقي مدن المملكة؛ من أجل أن يختصر طلاب العلم الكثير من المسافات, وأن يسابقوا الزمن, بواسطة المنهجية العلمية الربانية الناضجة التي تلقفها طلاب العلم في أروقة جامع الناصر في حي الأندلس, الذي يذكرنا اسمه ورسمه بحضارة المسلمين في بلاد ما وراء جبل طارق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي