شيوع التنافسية بدل التكاملية وعدم وضوح السياسات يهددان الصناعة الخليجية
أكدت الدكتورة لولوة بنت عبد الله المسند الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية «جويك» بالإنابة أن الصناعة الخليجية تواجه جملة من التحديات في مقدمتها رفع الكفاءة التنافسية، الارتباط بالأسواق العالمية، رفع الكفاءة البيئية للصناعة، البحث والتطوير، المعرفة التقنية الصناعية، تطوير الكفاءة البشرية الصناعية، عدم توافر مراكز البحث والتطوير بالشكل الذي يتناسب مع تطور الصناعة في المنطقة، الاعتماد على المخترعات الأجنبية في تطوير الصناعة، واعتماد الصناعة الخليجية بشكل كبير على العمالة الوافدة، شيوع التنافسية بدلا من التكاملية بين الصناعات الخليجية، عدم تنوع المواد الخام اللازمة للصناعة. وأكدت في حوار مع «الاقتصادية» أن المؤتمر الثاني عشر للصناعيين الذي تستضيفه الدوحة خلال الفترة من 22 إلى 24 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل يهدف إلى استشراف مستقبل الصناعة الخليجية خلال السنوات العشر المقبلة، والتعرف على آليات ربط واندماج القطاع الصناعي الخليجي في الشراكات العالمية الأكثر جدوى لمستقبل المنطقة. ومن المتوقع مشاركة أكثر من 400 عارض وخمسة آلاف زائر من جميع أنحاء العالم أعمال المؤتمر من المديرين العامين، ومديري التسويق والمشتريات، والمديرين الإقليميين والماليين، وخبراء التقنية، والتجار، والموزعين، والوكلاء، والمؤسسات الرسمية، والهيئات الخليجية والإقليمية والدولية، والبعثات والهيئات التجارية، وهيئات التصدير، والمهندسين، والمشرفين التقنيين، وأصحاب المتاجر، وتجار الجملة، والمصنعين والموردين، والاستشاريين. فيما يلي نص الحوار:
إلى أين وصلت تحضيرات منظمة الخليج للاستشارات لانعقاد مؤتمر الصناعيين في الدوحة وأهم القضايا التي ستتم مناقشتها؟
بداية لابد من إبراز خلفية عن مؤتمر الصناعيين، حيث يعد مؤتمر الصناعيين من أبرز المؤتمرات الصناعية في الشرق الأوسط، وهو ينعقد كل سنتين في دولة خليجية مختلفة، بحضور ومشاركة أصحاب المعالي وزراء الصناعة في دول مجلس التعاون. وقد انعقد آخر مؤتمر في إمارة أبو ظبي في دولة الإمارات وشارك فيه أكثر من 700 صناعي.
ويهدف المؤتمر الثاني عشر للصناعيين إلى استشراف مستقبل الصناعة الخليجية خلال السنوات العشر المقبلة، والتعرف على آليات ربط واندماج القطاع الصناعي الخليجي في الشراكات العالمية الأكثر جدوى لمستقبل المنطقة. ويطرح المؤتمر لذلك موضوعات مثل:
واقع الصناعة الخليجية اليوم من حيث السياسات والاستراتيجيات، البنية التحتية، درجة الاندماج والتشابكات الصناعية، الأسواق والشركاء، ووضع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وكيفية الاستمرار في دعمها.
التحديات التي تواجه الصناعة الخليجية مثل: رفع الكفاءة التنافسية، الارتباط بالأسواق العالمية، رفع الكفاءة البيئية للصناعة، البحث والتطوير، المعرفة التقنية الصناعية، وتطوير الكفاءة البشرية الصناعية. ويتناول المؤتمر ضمن مداولاته عديدا من الموضوعات التي تتمحور حول الرؤية الاستراتيجية للصناعة في دول الخليج ومستقبلها المنظور حتى عام 2020؛ والمبادرات الاستراتيجية لصياغة سياسات صناعية، وآليات الربط والتنسيق؛ وتمويل المشاريع والخدمات المالية؛ والتعاون الدولي في نطاق الأبحاث والتكنولوجيا؛ والروابط الصناعية والشراكات والمناولات؛ والنزعات الجديدة في إدارة تسلسل الإمدادات؛ والمنتجات الصناعية والأسواق المحتملة.
وكانت المنظمة قد بدأت التحضير للمؤتمر منذ كانون الثاني (يناير) 2008 من خلال اتصالات إقليمية ودولية، إضافة إلى توجيه دعوات شخصية لأكثر من 50 ألف من الصناعيين ورجال الأعمال.
ويشارك مع المنظمة في التحضير للمؤتمر كل من وزارة الطاقة والصناعة، ووزارة التجارة والأعمال في قطر، وتنسق بشأنه مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، وغرفة تجارة وصناعة قطر. كما يحظى المؤتمر بدعم من الاتحاد الخليجي لمصنعي البتروكيماويات والكيماويات، واستقطب عددا من الجهات المحلية والإقليمية لرعايته، حيث انضمت قطر للبترول كشريك استراتيجي، والشركة القطرية للصناعات التحويلية كراع ذهبي، وبنك قطر للتنمية كراع تنموي والشركة المتحدة للتنمية، والهيئة الملكية للجبيل وينبع في السعودية كراعيين فضيين، إضافة إلى الخطوط الجوية القطرية كناقل جوي رسمي للمؤتمر، و»آرامكس» كناقل للبريد السريع.
كيف ترون أهمية انعقاد مؤتمر الصناعيين في الدوحة ودوره المتوقع في تعزيز القطاع الصناعي الخليجي حاضرا ومستقبلا ؟
تعمل المنظمة منذ إنشائها عام 1976 على تعزيز دور القطاع الصناعي الخليجي، وقدمت عديدا من البرامج والأنشطة والفعاليات التي تخدم هذا الدور، وفي مقدمتها مؤتمر الصناعيين الخليجيين الذي انطلقت أولى فعالياته عام 1985 من العاصمة القطرية الدوحة، ثم توالت مؤتمراته بعد ذلك في عواصم دول مجلس التعاون. وقد طُرحت في المؤتمرات الأحد عشر السابقة عديدا من الموضوعات، التي نوقشت وصدرت بشأنها التوصيات المناسبة التي تعنى بأوضاع القطاع الصناعي على المستويين العام والخاص، مما كان له الدور البارز في بلورة الخطط الصناعية، وخاصة فيما بتعلق باستراتيجية التنمية الصناعية.
ويأتي انعقاد مؤتمر الصناعيين الثاني عشر في الدوحة في وقت بلغت فيه الصناعة القطرية شأناً عظيماً في ظل الرعاية التي تحظى بها من جانب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى - حفظه الله -. ويتناول مؤتمر الصناعيين الثاني عشر موضوع الاستراتيجية الصناعية في العقد المقبل وهو ما سيسهم في الارتقاء بمكانة الصناعة في دول المجلس وتعزيز الترابط الصناعي الخليجي.
من أهداف المؤتمر دمج القطاع الصناعي الخليجي في الشراكات العالمية الأكثر جدوى لمستقبل المنطقة. كيف يمكن تحقيق هذه الخطوة على الأرض؟
يمكن تحقيق دمج القطاع الصناعي الخليجي في الشراكات العالمية من خلال مشاركة كبريات الشركات العالمية، وطرح البرامج ذوات الجدوى، وتشجيع الشركات والمؤسسات الخليجية على الدخول في هذه الشراكات للاستفادة من المزايا التي توفرها. ويشكل مؤتمر الصناعيين والمعارض المصاحبة له الإطار الملائم لهذه العملية، حيث تجرى الاجتماعات الثنائية للتوفيق بين مختلف الأطراف، وبالتالي إحداث مزيد من التفاعل بين الصناعات الخليجية والصناعات العالمية.
#2#
المعرض العالمي للمناولة والشراكة الصناعية ما طبيعته وأهدافه؟
يلحق بالمؤتمر هذا العام معرضان، أحدهما خاص بمستلزمات ومتطلبات الصناعيين الخليجيين، وفي مقدمتها الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل ما نسبته 86 في المائة من إجمالي عدد المصانع العاملة في دول مجلس التعاون لعام 2008، وذلك ابتداء من الماكينات والمعدات وحتى الخدمات والتمويل والاستشارات. وتشارك في المؤتمر صناعات البلاستيك، والمعادن، والخشب، والتعليب والتغليف والطباعة، ومواد البناء، والصناعات الكيماوية، وصناعات السيارات. وتشمل المعروضات: الآلات والماكينات، التجهيزات والمعدات الصناعية، الأدوات الصناعية، صناعة الأدوات، المواد الخام والمنتجات نصف النهائية، تجهيزات السلامة، المكننة الآلية، والماكينات المستعملة. كما تتضمن الخدمات: الخدمات الاستشارية، البناء، إدارة المنشآت، التمويل، المناطق الصناعية، والمرافئ والمناطق الحرة.
بينما يختص المعرض الثاني بالمناولة والشراكة الصناعية، والذي يهدف إلى ربط الشركات الصناعية الخليجية الصغيرة والمتوسطة بكبرى الشركات الإقليمية والعالمية ذات الخبرة الواسعة في قطاعي البتروكيماويات والبلاستيك، ويمثل الاستثمار في صناعة البتروكيماويات في الخليج ما يقارب 55 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصناعية في دول مجلس التعاون. وتتخلل هذا المعرض اجتماعات ثنائية توفيقية، ويتناول الفرص التي أفرزتها البيئة الاقتصادية الجديدة، ويمهد الطريق لمزيد من التفاعل بين الصناعات الخليجية والصناعات العالمية. وتتجه النية إلى عقد أكثر من ألفي اجتماع توفيقي أو ثنائي بين كبرى الشركات الخليجية من أمثال قطر للبترول وكهرماء وشركة نفط البحرين «بابكو» وموردين من الخليج ومن شتى أقطار العالم. ومن المتوقع مشاركة أكثر من 400 عارض وخمسة آلاف زائر من جميع أنحاء العالم من المديرين العامين، ومديري التسويق والمشتريات، والمديرين الإقليميين والماليين، وخبراء التقنية، والتجار، والموزعين، والوكلاء، والمؤسسات الرسمية، والهيئات الخليجية والإقليمية والدولية، والبعثات والهيئات التجارية، وهيئات التصدير، والمهندسين، والمشرفين التقنيين، وأصحاب المتاجر، وتجار الجملة، والمصنعين والموردين، والاستشاريين، وغيرهم. وسوف تتاح الفرصة لرعاة المعرض، وهم من كبار رجال الأعمال الإقليميين، لعقد اجتماعات مع موردين دوليين تم اختيارهم بعناية فائقة من قبل خبراء منظمة الخليج للاستشارات الصناعية حسب مستلزمات الرعاة وفي إطار المنتجات المدرجة، وهي: اللوازم الصناعية مثل الخدمات والتجهيزات الصناعية والمواد الأولية ونصف النهائية، وفرص الصناعات الجديدة، وإعادة توطين مواقع الموردين الدوليين، والتقنيات الجديدة والشراكات. وللمنظمة باع طويل في ترتيب وعقد مثل هذه الاجتماعات التوفيقية وإحداث الربط المباشر في الشرق الأوسط بين الشركات في القطاع الصناعي، حيث أنشأت شبكة إمداد دولية تضم أكثر من أربعين دولة لخدمة المستلزمات الشرائية لكبرى الشركات الخليجية. ومن المتوقع عقد أكثر من ألفي اجتماع من هذا النوع خلال مؤتمر الصناعيين الثاني عشر. ومن المتوقع أن يخلق هذان امعرضان حدثا غير مسبوق في تاريخ الصناعة الخليجية، وهو حدث لن يتكرر في المستقبل القريب، لأن المعرضين سيقامان لاحقا في دول مختلفة.
يرى كثيرون أن القطاع الصناعي يحتاج إلى تعزيز إنتاجيته وأدائه في الفترة المقبلة كيف يمكن تحقيق ذلك؟
يمكن للقطاع الصناعي أن يعزز من إنتاجيته من خلال الاستفادة من القيمة المضافة المتمثلة في انخفاض أسعار الطاقة في المنطقة؛ وتقليل تكاليف الإنتاج؛ والاستعانة بالتقنية الحديثة وتقليص الاعتماد على العمالة؛ ودعم بيئة الاستثمار؛ والاهتمام بالبحوث ودعم الابتكارات والتعاون والتنسيق بين الصناعات الخليجية لتقليل حدة المنافسة من خلال التكامل الصناعي.
في تصوركم: ما التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع الصناعي الخليجي حاليا؟
توجد هناك جملة من التحديات التي تواجه القطاع الصناعي الخليجي والتي تتمثل في:
عدم توافر مراكز البحث والتطوير بالشكل الذي يتناسب مع تطور الصناعة في المنطقة، والاعتماد على المخترعات الأجنبية في تطوير الصناعة، شيوع التنافسية بدلا من التكاملية بين الصناعات الخليجية، عدم تنوع المواد الخام اللازمة للصناعة، عدم وضوح السياسات الصناعية وعدم وجود استراتيجيات صناعية في بعض الدول.
كيف يمكن بناء شراكات وكيانات صناعية قوية تستطيع المنافسة بمنتجاتها في الأسواق الإقليمية والدولية؟
لا بد أولاً من تطوير وتحسين بيئة الأعمال في بعض الدول الخليجية على الأقل بما يساعد على تحسين مناخ الاستثمار فيها، وبما يجذب الاستثمارات الأجنبية التي تأتي ومعها التقنيات الحديثة. الجدير بالذكر أن بعض المؤشرات الدولية مثل مؤشر سهولة أداء الأعمال الصادر عن البنك الدولي لا يزال يضع بعض دول مجلس التعاون في مرتبة غير متقدمة بين دول العالم. كما أن الوضع ليس بأحسن حال مع مؤشرات التنافسية الدولية التي تصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وإذا ما تغيرت الأحوال إلى الأفضل فإن جهود الترويج التي تقوم بها دول المجلس والمؤتمرات التي تعقدها المنظمة ستساعد على خلق تلك الشراكات المطلوبة. كما أن لجنة التعاون الصناعي الخليجي تعمل في هذا الاتجاه منذ بعض الوقت ونرجو أن تكلل جهودها بالنجاح.