رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ضحايا للبناء التجاري أو المغشوش!

من منا لم يحلم يوماً بأن يكون له بيت جميل يجمعه هو وأسرته بدلاً عن التنقل من منزل لآخر بطريق التأجير فقد أصبح امتلاك مسكن لائق الشغل الشاغل للمواطن وأسرته فهو بمثابة حُلم جميل يستمر لسنوات عديدة فرب الأسرة يبدأ بالتخطيط لامتلاك قطعة أرض ومن ثم الشروع في البناء عندما تتيسر الميزانية الكافية. وإذا ما تحقق هذا الحلم الجميل على أرض الواقع فإن المواطن في الغالب يقع ضحية عدم خبرته وعدم درايته بأمور البناء، وهو معذور في ذلك، فالأمر بالنسبة له مغامرة غير مسبوقة ولا بد له أن يخوضها وأن يتحمل نتائجها بصدر رحب. وأن يتحمل كذلك وبنفس الروح بعضاً من حالات الغش والأخطاء والعيوب التي يظل يحلم بتصحيحها عندما يقوم ببناء مسكن آخر أو يتبرع بخبرته لصديق كي لا يقع مثل ما وقع فيه. ولكن مع ذلك فأساليب الغش تتطور وضمائر الناس تسوء أكثر وعين الرقيب غائبة عما يفترض أن تكون مبصرة به.
لنعترف بأننا أكبر سوق لتدريب المهن على مستوى العالم فمركز التدريب هو الوطن ووسائل التدريب هي ممتلكات المواطن بل وجسده أيضاً، والمتدرب هو الوافد الذي تُفتح له الأبواب للتدرب فيما يُريد ويرغب وفيما لا يُحسن العمل فيه أصلاً. والكفيل هو ذلك الشخص الذي يبيع وطنيته بدافع المال أو الشهامة أو بسبب السذاجة واللامبالاة. وليس بمستغرب أبداً أن يتحول عامل بوفيه إلى ميكانيكي سيارات أو أن يتحول سائق ليموزين أو راعي أغنام إلى سباك أو حتى مقاول بناء، فليس هناك محظور أو مستحيل في نظر هذا الوافد، وليس هناك مانع من القبول من جانبنا. وليس هناك احترام للمهنة ولا أخلاقيات ولا ضوابط تحكم من يعمل بها، ولا وجود لهيئة التخصصات المهنية لتمنح تراخيص مهن، فالمقاول يعمل بلا ترخيص مهني ممنوح له من جهة متخصصة والسباك كذلك، وأصحاب المهنة الحقيقيون يعانون من هؤلاء الدخلاء الذين ضيّعوا أصول المهنة وقضوا على أخلاقياتها. ولنعترف علاوة على ذلك أيضاً بأننا أكبر سوق للبضائع والمواد المغشوشة وهذه أيضاً قد غفلت عنها عين الرقيب.
وإذا ركّزنا حديثنا على العقار لأنه الأهم في سلّم ممتلكات المواطن، فالحل من وجهة نظر تأمينية هو في التأمين الإلزامي بوثيقة التأمين العشري، وهي أن يصدر قرار أو نظام بإلزام المهندسين المصممين والمقاولين المنفذين بتقديم وثيقة تأمين لصاحب المنزل تلتزم بموجبها شركة التأمين بضمان كل عيوب البناء لمدة عشر سنوات تحتسب من تاريخ الانتهاء من البناء. عندها فقط سينام المواطن قرير العين من أي غش أو خطأ يحصل لبيت العُمر سواء قام هو ببناء هذا المنزل بنفسه أو اشتراه جاهزاً، وتنتقل هذه الوثيقة بكل ما فيها من حقوق من مالك المنزل إلى المشتري طيلة مدة العشر سنوات.
وبالنسبة لشركات التأمين فهي لن تضمن المنزل بالبساطة التي نتخيلها بل ستستعين بخبراء البناء المتخصصين لفحص المنزل ومعرفة المواد التي يتكون منها البناء. كما ستقوم بالإشراف على التنفيذ عن طريق الخبراء الذين تعينهم لهذا الغرض خطوة بخطوة بحيث يضطر المهندس الذي قام بالتصميم ومن ثم المقاول إلى الخضوع لعمليات الرقابة والتدقيق الفني بدءاً من مرحلة التصميم ولغاية مرحلة إنجاز البناء، وإذا حصل خلال العشر سنوات أي خطأ في التصميم أو التنفيذ أو استخدام مواد مغشوشة فستقوم الشركة بإصلاح عيوب البناء أو التعويض عنها. وعندها سيختفي من السوق الدخلاء على المهن وكذلك مواد البناء المغشوشة لأنهم لن يجدوا لهم زبوناً يرضى بهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي