«وول ستريت» تجتاز حاجزا نفسيا مهما مع تزايد مشاعر التفاؤل
اجتازت «وول ستريت» الأسبوع الماضي حاجزاً نفسياً مهماً، حيث إن مؤشر داو جونز للشركات الصناعية اخترق حاجز عشرة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ عام. جاء هذا الإنجاز في الوقت الذي تعززت فيه مشاعر التفاؤل لدى المستثمرين حول آفاق الاقتصاد العالمي، وذلك بفعل تقارير أرباح الشركات التي فاقت التوقعات «وعلى الأخص تقرير بنك جيه بي مورجان»، وبفعل البيانات الاقتصادية القوية.
وفي الوقت الذي تحسنت فيه الشهية للموجودات الخطرة، التي من قبيل الأسهم والسلع والعملات ذات المردود العالي، تراجعت السندات الحكومية وكذلك الدولار. في المقابل فإن تراجع الدولار كان سبباً قوياً بالنسبة للمستثمرين لدفع الذهب إلى رقم قياسي جديد. والسبب الرئيسي في هذه التحركات في السوق هو تقارير أرباح الشركات.
تشارلز كارا من مؤسسة أبسوليوت استراتيجي للأبحاثat Absolute Strategy Research، أبرز التحسن في أرقام المبيعات على جانبي الأطلسي. وقال في تقرير نشر يوم الجمعة: «لا يزال الوضع في أيامه الأولى، لكن حتى الآن يعتبر إجمالي المبيعات أفضل من التوقعات بنسبة 4 في المائة في الولايات المتحدة و1 في المائة في أوروبا. معنى ذلك أن نتائج الربع الحالي أفضل من أي ربع آخر هذا العام. وفي حين أننا نعترف بأن حجم العينة يعتبر صغيراً نسبياً، إلا أن هذه الأرقام ينبغي أن تبدأ في طمأنة المستثمرين بأن نمو الحجم يساند نمو الأرباح».
وعلى جبهة البيانات، أبرز المحللون أرقام المبيعات في قطاع التجزئة في الولايات المتحدة «التي نشرت في منتصف الأسبوع» باعتبارها مشجعة بصورة خاصة، رغم الهبوط في الرقم الأساسي.
وقال بنك الدنمارك Danske Bank: «مبيعات التجزئة، باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء، ظلت في وضع قوي تماماً في شهر أيلول (سبتمبر). معنى ذلك أن الاستهلاك الخاص أخذ يبدي بعض القوة رغم الضعف في سوق العمل».
وجاء المزيد من الأنباء الطيبة على صعيد بيئة الاقتصاد الكلي العالمي من الأرقام المشجعة من الصادرات الصينية والإنتاج الصناعي في منطقة اليورو. لكن وجهة النظر الوردية للمستثمرين حول الاقتصاد الأمريكي تعرضت للتحدي يوم الجمعة، بفعل النتائج المخيبة للآمال من جنرال إلكتريك وبانك أوف أمريكا، وبفعل الأنباء التي أفادت بوجود تراجع غير متوقع في ثقة المستهلكين.
عمليات البيع القوية التي أعقبت ذلك في سوق الأسهم الأمريكية دفعت بمؤشر داو جونز مرة أخرى بحلول منتصف يوم الجمعة إلى ما دون مستوى عشرة آلاف نقطة، وكان من شأن ذلك تقليم مكاسبه على مدى الأسبوع لتصبح 0.9 في المائة فقط. وكان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 قد حقق ارتفاعاً مقداره 1.2 في المائة على مدى الأسبوع، بعد أن سجل رقماً قياسياً جديداً لعام 2009 في مطلع الأسبوع.
وقال أنجوس كامبل رئيس المبيعات في شركة كابيتال سبريدز Capital Spreads: «هذا التراجع في الوضع هو تذكرة قوية بأن أسواق الأسهم لا تستطيع تحمل المستويات العالية إلا إذا تمكنت الشركات من تحقيق التوقعات وتفوقت عليها.» من جانب آخر تمكن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا من تحقيق مكاسب أسبوعية بلغت 1.3 في المائة، في حين أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو ارتفع بنسبة 2.4 في المائة.
العلامات الجديدة الدالة على ازدياد الشهية في المخاطر جاءت من مشتقات الائتمان، حيث إن مبالغ التأمين في عقود التأمين المتقابل على الائتمان تراجعت بصورة حادة، وجاءت كذلك من الهبوط في مؤشر فيكس لتقلب الأسهم، الذي سجل أدنى مستوى له منذ 13 شهراً.
وفي أسواق العملات لامس الدولار أدنى مستوى له منذ 14 شهراً، على أساس الوزن التجاري النسبي وفي الوقت نفسه مقابل اليورو. وقد ارتفع اليورو ليصل قاب قوسين أو أدنى من المستوى المهم عند 1.50 دولار.
وقال جوليان جيسوب من مؤسسة كابيتال إيكونومكس إن تراجع الدولار يعود في بعض منه إلى المخاوف من سياسة التيسير الكمي، وإلى مخاوف من أن الاندفاع في الاقتراض الحكومي من شأنه إضعاف مكانة الدولار، ويعود في بعضه الآخر إلى تراجع الطلب على الدولار كملاذ آمن، وذلك في المرحلة التي يشهد فيها الاقتصاد العالمي حالة من التعافي.
وقال جون نورماند رئيس قسم استراتيجية العملات الأجنبية العالمية، إنه في حين أن الدولار كان في حالة تراجع خلال معظم العقد الحالي، إلا أن هذا لم يكن هو الأزمة التي كان يخشاها الكثيرون. وقال: «الأزمة يمكن أن يكون من شأنها حدوث هبوط آني في الدولار وسندات الخزانة الأمريكية والأسهم، وحدوث ارتفاع لا يستهان به في مستوى التقلب، وهروب رأس المال. هذا السيناريو يظل احتمالاً بعيد الوقوع.»
مرة أخرى هبطت السندات الحكومية الأمريكية بصورة معتدلة خلال الأسبوع، رغم أن وتيرة المبيعات كانت أبطأ بكثير مما كانت عليه الحال في الآونة الأخيرة.
وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة ثلاث نقاط أساس، ليصل إلى 3.42 في المائة. في أوروبا ارتفع العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بنسبة ثماني نقاط أساس، ليصل إلى 3.29 في المائة، وارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بنسبة 15 نقطة أساس، ليصل إلى 3.60 في المائة، وهو ما اعتبر علامة على المخاوف حول العرض.
والارتفاع الأسبوعي في أسعار السندات جاء حتى في وقت أشارت فيه بيانات الأسعار الاستهلاكية إلى أن الضغوط التضخمية على جانبي الأطلسي ظلت ضعيفة تماماً.
لكن الحقيقة القائلة إن مخاوف بعض المستثمرين من التضخم كان يبدو أنها مبالغ فيها تماماً، هذه الحقيقة أخفقت في الحؤول دون وصول الذهب إلى رقم قياسي جديد، فوق 1070 دولاراً للأونصة هذا الأسبوع، رغم أن السعر تراجع قليلاً في القسم الأخير من الأسبوع. والواقع أن الذهب سجل ارتفاعاً بنسبة 0.5 في المائة على مدى الأسبوع.