قوة العراق النفطية تنمو ..لكن الشركات تترقب الانتخابات

قوة العراق النفطية تنمو ..لكن الشركات تترقب الانتخابات

اتخذ العراق خطوة باتجاه التحول إلى قوة رئيسية في قطاع النفط العالمي لكن المناورات السياسية من جانب أي من الأطراف المشاركة في الانتخابات المقررة في كانون الثاني (يناير) قد تعطل خططا لزيادة الإنتاج إلى نحو ثلاثة أمثاله. وتقترب بغداد من توقيع اتفاقات لزيادة الإنتاج بملايين البراميل يوميا من ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم، مما قد يدفع العراق إلى المرتبة الثالثة - من السابعة - على قائمة أكبر المنتجين. لكن شركات النفط الأجنبية ترى أن السياسة تهديد لشرعية العقود ومصدر خطورة كبيرا على الاستثمار.
وعطلت النزاعات بالفعل محاولات لجذب استثمارات بمليارات الدولار ضرورية لإصلاح القطاع الذي تداعى بسبب سنوات من العقوبات والحرب.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة نفط كبرى تنافس على عقود في العراق «لا يزال الوضع القانوني للعقد غير واضح. تلك هي المشكلة الكبرى الآن. قطع العراق شوطا كبيرا لتوضيح قضايا أخرى .. الاتفاقات تبدو أفضل .. لكن من الذي سيصدق عليها.. وهل ستحترم الحكومة المقبلة هذا التصديق .. «.
ومنح العراق اتفاقا لكونسورتيوم بقيادة «إيني» الإيطالية لتطوير حقل الزبير النفطي العملاق وتعزيز الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا.
وكان العراق قد أرسى عقدا آخر لزيادة إنتاج حقل الرميلة بواقع 1.8 مليون برميل يوميا على كونسورتيوم يضم «بي بي» البريطانية و»سي إن بي سي» الصينية. والعقدان بانتظار تصديق مجلس الوزراء عليهما. غير أنه لا يوجد اتفاق في العراق بشأن من يملك سلطة إقرار تلك الاتفاقات. وتقول وزارة النفط إن تصديق مجلس الوزراء كاف. لكن بعض النواب يقولون إن البرلمان فقط هو الذي يملك تلك السلطة. وتخشى شركات النفط أن تلغي حكومات قادمة تلك الاتفاقات. والمشكلة جزء من نزاع أوسع. فبعد أكثر من ست سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق لم يتوصل العراق بعد إلى توافق بشأن كيفية تطوير الثروة النفطية وتوزيع عائداتها. وأخرت تلك الأزمة إقرار قانون جديد للنفط لسنوات وتركت البلاد تواجه صعوبات في الحفاظ على الإنتاج عند مستوياته قبل الحرب بسبب البنية التحتية المتهالكة.
وقال صامويل سيزوك محلل شؤون الطاقة في الشرق الأوسط لدى «إي. إتش. إس جلوبل إنسايت « في ظل وجود الشكوك المرتبطة بالتصديق على الاتفاقات والانتخابات وغيرهما.. ربما يكون من السابق لأوانه قول إن العراق يحقق هدفه». «لكن هذه خطوة مهمة وإيجابية للغاية نحو تقديم إمدادات نفطية أكبر بكثير للسوق خلال السنوات السبع إلى التسع المقبلة».
وحسن العراق شروط العقود النفطية إذ خفض الضرائب لجذب شركات النفط الكبرى التي كانت قد رفضت الشروط السابقة التي اعتبرتها صعبة. وتقترب بغداد من توقيع اتفاق ثالث أيضا إذ يتنافس كونسورتيوم تقوده «اكسون موبيل» مع آخر بقيادة «لوك أويل» الروسية لتعزيز إنتاج حقل غرب القرنة بما يصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا. وفشل العراق في إبرام اتفاقات بشأن حقلي الزبير وغرب القرنة في جولة مناقصات جرت في حزيران (يونيو) كانت الأولى منذ الحرب في عام 2003 ولم يتم خلالها سوى إرساء عقد واحد من بين ثمانية عقود للنفط والغاز عرضت في الجولة.
وقال مراقبون ومسؤولون تنفيذيون إن إبرام اتفاقات في الوقت الحالي وإنعاش اهتمام شركات النفط يبشر أن بنتائج طيبة للجولة الثانية المقرر عقدها في كانون الأول (ديسمبر). والجولة الثانية خاصة بحقول لم تتم الاستفادة منها حتى الآن وقد تزيد الإنتاج بكميات أكبر.
وقال أليكس مانتون المحلل لدى مؤسسة وود ماكينزي الاستشارية «إنه أمر إيجابي من وجهة نظر عراقية لأنه يعني أن رد الفعل السلبي تجاه جولة العروض الأولى.. بناء على حقيقة أنه تم منح عقد واحد فقط.. لم يعد قائما». «هذا يثبت أن تلك المشاريع قد تكون هامشية من الناحية المالية لكنها لا تزال مجدية اقتصاديا كما تعتبر الشركات شروط الاستثمار مقبولة».
ويرى البعض أن الطريقة التي جرى التفاوض من خلالها بشأن الاتفاقات الجديدة وتوقيت ذلك قد يتسببان في مشكلات لاحقا.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة نفط عالمية أخرى «الأمر برمته معد من أجل الانتخابات. يريد (وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني) إبرام الاتفاقات ليظهر أنه حقق بعض النجاح». وحقق الشهرستاني كثيرا من الشفافية فيما يخص الجولة الأولى التي بثتها محطات تلفزيونية على الهواء، غير أن الاتفاقات الجديدة نوقشت خلف أبواب مغلقة. ومن المقرر أن يمثل الشهرستاني أمام البرلمان لاستجوابه في 27 تشرين الأول (أكتوبر) وقد يواجه تصويتا على سحب الثقة بسبب اتهامات بإساءة إدارة ثروة البلاد النفطية. والمخاطر عالية بالنسبة للوزير والعراق وسوق النفط و»أوبك». غير أن الشهرستاني يمكنه من خلال تلك الاتفاقات زعم تحقيق تقدم نحو تعزيز إيرادات النفط لسداد تكاليف إعادة الإعمار. وإضافة 4.5 مليون برميل يوميا من الصادرات النفطية يمكن أن تدر على العراق 300 مليون دولار يوميا إضافية بالأسعار الحالية. وتبلغ الإمدادات الإضافية نحو 5 في المائة من الطلب اليومي العالمي. وقد تخفض الإمدادات الجديدة الأسعار لسنوات وتهدئ المخاوف من أن الطلب المستقبلي سيتجاوز المعروض.
والعراق عضو في «أوبك» لكنه مستثنى من نظام حصص الإنتاج بسبب تأثير الحرب والعقوبات. وقد يدفع برنامج لزيادة الطاقة الإنتاجية العراقية إلى سبعة ملايين برميل يوميا من نحو 2.5 مليون برميل يوميا حاليا، «أوبك» إلى بحث مطالبة العراق بكبح الإنتاج لعدم إغراق السوق ودفع الأسعار للتراجع والاستيلاء على نصيب أعضاء آخرين من السوق.

الأكثر قراءة