رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


معايير عالمية لجامعاتنا الوطنية

الوطن بحاجة إلى مشاريع تعليمية نموذجية تحتذي بالجامعات والمعاهد التي تجاوزت في تأثيرها حدود الدول، وأصبحت ذات صفة عالمية في استقطاب الأساتذة وتطوير مناهجها وتقديم مخرجاتها للمجتمع، واتباع أحدث وسائل التعليم ثم التركيز على العلوم الحديثة، وهي الأكثر تأثيرا في ريادة الأمم وتقدمها ومشاركتها في ركب الحضارة والمساهمة في الاكتشافات العلمية والنهوض بما يخدم الإنسانية في علوم الطب والصيدلة والفيزياء وغيرها من العلوم التي كان للمسلمين سبق الفضل في تأسيسها ووضع قواعدها النظرية وتحقيق مخترعات كانت بداية لما وصل إليه العالم اليوم، فمن المعلوم أن الحضارة رصيد تراكمي للمعرفة تتداوله الشعوب بحسب قدرتها على تسخير إمكاناتها البشرية والمادية لتحقيق إنجازات ملموسة في العلوم الحديثة.
لقد جاءت جامعة الملك عبد الله في هذا السياق، فهي فكرة صائبة وهدف شريف وغاية عليا تتوافق مع طموحات الأمة وتحقق مقاصدها الدنيوية المشروعة، وهي أيضا مشروع علمي للحاضر والمستقبل، وبرنامج وطني لأبنائنا النابغين والقادرين على الوفاء بالمتطلبات العلمية النظرية والتطبيقية للجامعة، وإن من المنتظر أن تقدم الجامعة مع أول دفعة من خريجيها إلى الوطن أول نتاجها العلمي وأول بشائر الخير للوطن، فهذه الجامعة ـ كما يراها إمام وخطيب المسجد الحرام ـ مصدر إشعاع حضاري، فالعلم أهم المكاسب، وهو أهم الفوارق الكبيرة بين الأمم والشعوب، كما أنها جامعة في أيد أمينة ويجب أن نبارك خطوة إنشائها. إن إمام المسجد الحرام يؤكد على ضرورة البعد عن الإشاعات المغرضة والانسياق خلف الأوهام الكاذبة وتصديق كل ما تطرحه الأقلام والأفواه في وسائل الاتصال التي هي متاحة لمن قد يسيء استخدامها أو يسعى للإساءة إلى منجزاتنا الطموحة، فجامعة الملك عبد الله كما يراها فضليته «نقلة نوعية كبرى ووثبة حضارية عظمى وقفزة تاريخية»، مشددا على أن «الدين لم يقف يوما أمام العلوم والمعارف». لقد قال فضيلته في خطبة الجمعة: «إن من يمن المناسبة واقتران السعدين وتجدد النعم ما تولى به صروح التعليم وقلاع المعرفة من اهتمام وعناية وبذل وحرص ورعاية، شاهده الأمثل ونموذجه الأشمل ذلك الصرح العلمي الشامخ والمعقل المعرفي العلمي العملاق المتمثل في إنشاء وافتتاح جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز بما تمثله من مصدر إشعاع حضاري».
لقد حذر فضيلته الغيورين على مصالح الأمة من الانسياق خلف الشائعات المغرضة والإثارة المحرضة، فجامعة الملك عبد الله رائدة في أهدافها، سامية في مقاصدها، نبيلة في غاياتها، كما أنها نموذجية يجب أن يقام على نهجها جامعات ومعاهد تأخذ بأحدث ما وصل إليه العلم البشري، ولأن فضيلته كعادته في كل خطبة جمعة يتناول أهم قضايا الأمة وأمورها التي تتداولها ليصحح الأخطاء من أهم منبر في العالم الإسلامي، فقد أحسن فضيلته عندما أشاد بالعلم والعلماء، وأكد على أن تاريخ أمتنا قام على العلم، وأنه ليس هناك تعارض بين الدين والعلم، بل هما يسيران في خط واحد يوصل إلى الحقيقة ويخدم الإنسانية. إننا نستقبل عاما دراسيا جديدا ونستقبل معه أول عام دراسي في جامعة الملك عبد الله التي هي صرح ضخم في مشاريع الوطن التعليمية، وهي بما تم توفيره من أموال ضخمة رصيد لأجيال الأمة، بل إن خيرها يعم على طلبتها وأساتذتها الذين يجمعهم الانتماء إلى هذه الجامعة مع تباين في جنسياتهم، ولأنها جامعة تضع الغاية النبيلة هدفها، فإنها لن تواجه أي معوقات تمنع من توافق هذه الجامعة مع تعاليم الدين ومصالح الأمة، وما رسمه لها مجلسها العلمي من أهداف في ظل توجيه ورعاية كريمة من مؤسسها وصاحب الفكرة في إنشائها، فقد سلك طريق العلم وسخر له الإمكانات المادية والبشرية، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم «من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله به له طريقا إلى الجنة»، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل كل ذلك في موازين حسناته وأعماله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي