برنانكي يثير سندات الخزانة.. والأسهم في الذروة والأضواء تجاه الذهب والدولار
اندفعت سندات الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي إلى الأعلى بعد تعليقات بن برنانكي، رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، التي أثارت المخاوف من أن أسعار الفائدة الأمريكية يمكن أن تُرفَع في وقت أبكر مما كان يُعتقَد في السابق. وارتفع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 13 نقطة أساس، ليصل إلى 3.38 في المائة، في مقابل 3.23 في المائة في مطلع الأسبوع. أما سندات الخزانة البريطانية فقد ظلت على حالها أثناء الأسبوع، عند 3.44 في المائة، في حين أن سندات الخزانة الألمانية ارتفعت بنسبة عشر نقاط أساس لتصل إلى 3.2 في المائة.
جاءت عمليات البيع المكثف للسندات لتحتل مركز الصدارة في أسبوع كانت الأضواء فيه مسلطة على الذهب والدولار. المضاربات حول اتجاه أسعار الفائدة الأمريكية، جاءت في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي الأسترالي زيادة مفاجئة في أسعار الفائدة هذا الأسبوع، وهو قرار اعتُبِر أول علامة على تشديد السياسة النقدية في أحد الاقتصادات الكبرى منذ بداية الأزمة المالية قبل أكثر من عامين.
من جانب آخر، اندفعت أسواق الأسهم في الوقت الذي تحولت فيه الأنظار نحو أرباح الربع الثالث. وفي الوقت الذي تصاعدت فيه أسعار الأسهم، ظلت العوائد على السندات ثابتة نسبياً خلال معظم الأسبوع، وسط توقعات بين مستثمري الدخل الثابت بأن الانتعاش الاقتصادي سيكون متثاقلاً، ومعدلات التضخم منخفضة.
من رأي بعض المحللين أن السيولة الفائضة التي قدمتها البنوك المركزية الكبرى تعمل على مساندة الارتفاع العام في أسعار جميع الموجودات، وهو ما يفسر الانهيار في العلاقة الطبيعية بين العملات والأسهم والسلع والسندات الحكومية. وقال سياران أوهيجان، من بنك الشركة العامة (سوسييتيه جنرال): «تستمر شهية المخاطرة في تلَقَِي الدعم والمساندة من قوة الأسعار في الأسهم والسلع، إضافة إلى الافتقار إلى العلامات الدالة على العزوف عن المخاطر من البيانات الاقتصادية الكلية العالمية، التي لا تزال تتمتع بالمتانة والصلابة».
وحلق الذهب إلى ارتفاع عال مسجلاً رقماً قياسياً جديداً، هو 1061 دولاراً للأونصة، في حين أن الدولار الأمريكي لامس أدنى مستوى له منذ 14 شهراً، على أساس الوزن التجاري النسبي. متاعب الدولار اضطرت عدداً من البنوك المركزية الآسيوية للتدخل في سبيل الحد من ارتفاع أسعار عملاتها، الذي كان من شأنه تعزيز حركة الأموال الداخلة إلى السندات الأمريكية. الزيادة في أسعار الفائدة التي قررها البنك المركزي الأسترالي، حيث رفع النسبة من 3 في المائة إلى 3.25 في المائة، أذهلت المستثمرين وأشعلت فتيل الأحاديث بأن بعض البلدان الأخرى، التي استفادت من نمو الصادرات إلى الصين وتتمتع بأنظمة مالية مستقرة، ربما تقتفي أثر أستراليا خلال وقت قريب. يوم الجمعة أبقت كوريا الجنوبية أسعار الفائدة ثابتة عند 2 في المائة.
وقال المحللون لدى مؤسسة آر بي سي كابيتال ماركتسRBC Capital Markets: «في أعقاب الذي اتخذه المركزي الأسترالي هذا الأسبوع، يزداد احتمال أن يبدأ البنك المركزي الكوري برفع أسعار الفائدة في مرحلة معينة في الربع الرابع من هذا العام». وتناقل المتداولون أقوالاً كثيرة بأن النرويج ونيوزيلندا وكنداً مرشحة على الأرجح لرفع أسعار الفائدة، وبذلك اندفعت عملات هذه البلدان مقابل الدولار. لكن الدولار تمكن من تحقيق تعافٍ جزئي يوم الجمعة، مخلفاً وراءه معدل التراجع الأسبوعي في مؤشر الدولار دون مستوى 1 في المائة. من جانب آخر، ارتفع الدولار الأسترالي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 14 شهراً مقابل الدولار الأمريكي، ليصل سعره إلى 0.91 دولار، في حين أن الدولار الكندي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ سنة مقابل الدولار الأمريكي.
وفي حين أن البنك المركزي الأسترالي استحوذ على الأضواء المسلطة على البنوك المركزية هذا الأسبوع، إلا أن كلاً من البنك المركزي البريطاني والمركزي الأوروبي، في اجتماع السياسة النقدية الذي يعقد دورياً كل شهر، أبقيا أسعار الفائدة عند حالها من المستويات المتدنية القياسية، وهو أمر كان متوقعاً على نطاق واسع.
في مطلع الأسبوع ابتهج المستثمرون بالبيانات الاقتصادية الأمريكية، التي عملت بصورة جزئية على التعويض عن بيانات التوظيف السيئة في الأسبوع الماضي. مؤشر معهد إدارة الطلب على البضائع غير الصناعية، ارتفع من 48.4 في آب (أغسطس) ليصل إلى 50.9 في الشهر الماضي، وهو معدل يفوق ما كان متوقعاً، كما أنه كان فوق مستوى الـ 50 نقطة، الذي هو علامة على التوسع، للمرة الأولى خلال عام.
وفي حين أن الاقتصاديين يتوقعون أن يشتد ساعد النشاط الاقتصادي خلال الربع الرابع في الولايات المتحدة، إلا أن بعض المحللين يخشون شبح الانتعاش الاقتصادي في ظل المعدلات العالية من البطالة. وقال كريس واتلينج، كبير التنفيذيين في شركة لونج فيو إيكونومكسLong View Economics.: «الانتعاش الاقتصادي في ظل المعدلات العالية من البطالة يعني أن الاقتصاد يفتقر إلى الأساس الذي يقوم عليه النمو المستدام».
واندفعت أسواق الأسهم واقتربت من معدلات الذروة التي سجلتها في الآونة الأخيرة هذا العام. في آسيا قفز مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 2.9 في المائة، وارتفع مؤشر هونج كونج بنسبة 5.5 في المائة، وسجلت الأسهم الأسترالية زيادة بنسبة 3.3 في المائة.
مؤشر «فاينانشيال تايمز» يوروفيرست 300 قفز بنسبة 3.5 في المائة، وبحلول ظهر يوم الجمعة كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل زيادة أسبوعية مقدارها 4 في المائة. تعزز أداء الأسهم الأمريكية بفعل البيانات التي فاقت التوقعات في المبيعات الشهرية لمحال التجزئة، وتراجع مستوى المطالبات بتعويضات البطالة يوم الخميس، في الوقت الذي كان فيه المستثمرون كذلك يتطلعون قُدُماً إلى موسم أرباح الشركات.
وقال توبياس ليفكوفيتش، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم الأمريكية لدى سيتي بانك: «هناك إحساس واضح بالتفاؤل منتشر الآن حول الموسم المقبل، الذي ستصدر فيه التقارير الخاصة بأرباح الشركات، حيث يتوقع كثير من المستثمرين أن تكون النتائج أفضل مما أعرب عنه إجماع المحللين».
وقال: «نسبة الأرباح المتحولة من الأرقام السالبة إلى الأرقام الموجبة تشير إلى أن بيئة الأرباح تعد طيبة نسبياً، وبالتالي ليس هناك في الأسواق ما يستدعي الشعور بالقلق الكبير». إلى جانب الارتفاع الكبير في سعر الذهب، تعزز وضع السلع بفعل الزيادة في أسعار النفط الخام، الذي ارتفع من سعر متدن يوم الإثنين مقداره 68 دولاراً للبرميل، ليرتفع باتجاه 72.55 دولار للبرميل يوم الخميس، قبل أن يتراجع قليلاً يوم الجمعة.