رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


من ثول مع التحية.. أيضا

أعود اليوم لأستكمل ما أشرت إليه في مقالة الأسبوع الماضي عن أهمية أن تسري جذوة الحماس التي رافقت افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وأن تأخذ رؤيتها ومنهجها مكانتيهما، ليس في جامعاتنا الراهنة واللاحقة فحسب، بل أن تظل سياقا ينتظم تعليمنا العام من الحضانة إلى الثانوية.
الجامعة الوليدة في ثول مقصورة على الدراسات العليا وفق منهجية بحثية تضافرية تستهدف تحقيق اختراقات علمية وتقنية فائقة التقدم تتصل بالاحتياج الإنساني في تكنولوجيا النانو، التكنولوجيا الحيوية، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، المياه وتحليتها والصناعات المتصلة بها، علوم الأحياء، الكيمياء، الفيزياء، الفضاء، وتقنية المعلومات والاتصالات، وغيرها، وسوف تستثمر الجامعة لأجلها أبرز وأدق مناهج البحث العلمي الحديث وأدواته ووسائله للانتقال بالمنجز العلمي والتقني والمعرفي إلى ما بعد آخر موجاته وثوراته التي تحدث عنها "توفلر" وآخرون.
ذاك هو أفق الطموح والرؤية والمنهج لجامعة الملك عبد الله، فلم لا تعاد هندسة تعليمنا العام برمته وتعاد صياغته في ضوء وحرارة وجسارة هذه الروح الوثابة؟ في طلاق بائن مع النمطية التقليدية التي كبّلت مقررات مناهج تعليمنا العام ولم تسفر في الغالب إلا عن حفظة معارف لم تعد من بضاعة هذا العصر، وجيوش موظفين كتبة يتعاطون أحلام اليقظة ويكرون كحبات المسبحة في خيط الدوام يحبّرون ما سبق تحبيره، فيستنسخ اللاحق فعل السابق.. وهكذا دواليك!!
إذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون قد أبدى استياءه من تضعضع مكانة تعليمهم وما اعتراه من ضعف وطالب بإصلاحه عمقاً وعرضاً، فهل في التطلع إلى أن يكون تعليمنا العام عقليا ابتكاريا منتجا شطط أو مغالاة؟؟.. حتماً.. لا، فذلكم هو السبيل الوحيد، ليس لتغذية جامعة الملك عبد الله بالعقول والذهنيات الوطنية الخلاقة واستثمار امتيازاتها لصالح قوانا البشرية الوطنية لصناعة مستقبلنا المنشود، وإنما ليشكل هذا التعليم المتقدم انعتاقاً من بلادة طاحونة التلقين والتلقي إلى رحاب البحث والفهم واحترام العقل والخصائص الإبداعية والمهارات الفذة، ليكون ضمانة لجدارة مستمرة تغذي تعليمنا العالي بكل تخصصاته المتنوعة.
إن تعليمنا العام يحتاج إلى قرارات جريئة لإصلاحه جذرياً وكلياً لزفه للمستقبل، وذلك لا يتطلب لجانا للتأليف والإعداد تعيد إنتاج ما سبق إنتاجه من مقررات بإجراء رتوش من التحوير وشيء من الحذف أو الإضافة الشكلية هنا أو هناك، بل يقتضي بالضرورة تبني أحد مناهج التعليم العام في العالم المتقدم، سواء الأمريكي أو الأوروبي أو الياباني، حيث أثبتت نجاحات باهرة شاهقة، وترجمتها كما هي، مع تقليص الحيز النظري إلى أضيق نطاق.
سوف تبقى المعضلة الكبرى ماثلة في المعلمين والموجهين ومسؤولي المدارس، فإعادة إنارتها بشمس العصر وشحنها بطاقاته يحتاجان إلى كثافة تدريبية ورقابية صارمة لا سبيل عنها ولا مناص منها لصياغة جسدنا التعليمي العام كي يحقق ما نستشرفه من اختراق عملي لحاجز التخلف والإفلات من جاذبيته الاسترجاعية والخلاص من قبضة مدارات سين وسوف، لنحلق في أجواء المستقبل إبداعا لا اتباعا!!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي