برميل النفط أمام تحدي البقاء ضمن النطاق السعري 65 إلى 75 دولارا
هل يشهد سعر برميل النفط بداية انحدار هذا الأسبوع مع غلبة أساسيات السوق وتفوق العرض على الطلب مع تراجع دور العوامل المساندة لإبقاء السعر مرتفعا؟ فعلى الأقل تبدو أسعار النفط مرشحة هذا الأسبوع لمواجهة تحد يتمثل في مدى قدرتها على البقاء في النطاق السعري بين 65 و75 دولارا للبرميل الذي تواصى المنتجون والمستهلكون أنه سعر ملائم للجانبين، وأهم من ذلك عدم التدهور إلى أقل من ذلك.
أساسيات السوق التي لا تسند المعدل السعري السائد تلقت عاملا إضافيا يتمثل في عودة العامل الجيوسياسي إلى الساحة لكن بصورة مخالفة هذه المرة، إذ يتوقع له أن يسهم في الضغط على هيكل الأسعار وذلك بسبب تحسين وضعية الإمدادات، وذلك على عكس الدور المعهود لهذا العامل والخوف أن يسهم في خفض الإمدادات لأسباب سياسية وأمنية.
فهناك عودة للملف النووي الإيراني إلى واجهة الأحداث مرة أخرى. ومع أن بروز هذا الملف ارتبط بمواجهة إيران مع الدول الغربية الرئيسية والخوف أن تسهم تلك المواجهة في التأثير في حجم الإمدادات النفطية الإيرانية، وهي في نهاية الأمر ثاني أكبر منتج ومصدر داخل منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) وربما التأثير في الوضع في العراق. على أن الاجتماع الذي عقده المندوب الإيراني مع رصيفه الأمريكي خرج بانطباعات إيجابية مما خفف من التأثير المعهود في سعر البرميل بسبب أبعاد عامل المواجهة. وهناك أيضا تطور آخر يصب في هذا الاتجاه ويتمثل في قيام أحد قادة التمرد في منطقة دلتا النيجر في نيجيريا بإعلان وقف العمليات والاستفادة من العفو الذي أعلنه الرئيس عمارو ياأردوا. وهذا أيضا يضيف عاملا إلى تأمين وضع الإمدادات.
وشهد الأسبوع الماضي تراجع سعر البرميل يوم الجمعة وذلك في رد فعل مباشر إلى تتالي بعض الأخبار خاصة تنامي معدلات العطالة، الأمر الذي يشير إلى عمق الأزمة الاقتصادية. فقد تراجع متوسط سعر البرميل بما يزيد قليلا على 1 في المائة ليستقر عند 69.95 دولار بالنسبة لخام ويست تكساس و68.07 دولار بالنسبة لخام برنت وذلك فيما يخص شحنات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ومع أن سعر البرميل شهد صعودا وفق القراءة التي تمت لتحركات وضع المخزون الأمريكي يوم الأربعاء، حيث زاد مخزون الخام 2.8 مليون برميل بدلا من التوقعات بزيادة 600 ألف برميل فقط، كما أن المقطرات بما فيها وقود التدفئة حققت زيادة تقل بمقدار الثلثين عما كان متوقعا، مما أعطى إحساسا بنمو في الطلب خاصة ولو أن موسم الصيف في أمريكا الشمالية جاء أفضل مما كان متوقعا بسبب الهطول المستمر للأمطار وبالتالي لم تكن هناك حاجة إلى اللجوء إلى توليد الكهرباء.
على أن التطور الأساس يتمثل في أرقام العطالة، حيث تم الإعلان عن فقدان أكثر من 263 ألف وظيفة، وهو ما يرفع هذه النسبة إلى 9.8 في المائة، التي تعتبر الأعلى منذ حزيران (يونيو) 1983، وهو ما يعني بالأرقام المطلقة تجاوز عدد العاطلين عن العمل 15 مليونا نصفهم منذ بدء الكساد الاقتصادي رسميا نهاية عام 2007. وهذا الوضع يثير الكثير من الأسئلة الصعبة عن مدى فاعلية الإجراءات المتخذة على الخروج من حالة الكساد الحالية والمدى الذي ستستغرقه هذه الإجراءات وفوق هذا إذا كانت عمليات التحفيز الحكومي ستستمر، وهو ما يدفع بالعوامل الخاصة بأساسيات السوق إلى المقدمة ومن ثم التأثير في سعر البرميل إلى أسفل.