تعديل ميزان التصويت في صندوق النقد لصالح الدول الناشئة على حساب الغنية
اتفقت الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي أمس على مواصلة السياسات المالية والنقدية الداعمة لحين التأكد من قدرة التعافي الاقتصادي على الاستمرار.
واعتمدت لجنة الشؤون النقدية والمالية اقتراحا لإحداث تحول في ميزان التصويت في الصندوق بما لا يقل عن 5 في المائة لمصلحة الاقتصادات الصاعدة الممثلة تمثيلا ناقصا وذلك على حساب الدول الغنية، وقالت اللجنة التوجيهية في بيان ''إصلاح الحصص حاسم لزيادة مشروعية وفعالية الصندوق''.
ووعد وزراء مالية العالم أمس بالإبقاء على إجراءات الإنفاق العام حتى يتحقق حدوث انتعاش اقتصادي أقوى كما تعهدوا بالتصديق على صلاحيات رقابية جديدة لصندوق النقد الدولي.
وفي الوقت الذي بدأت فيه اللجنة التوجيهية لصندوق النقد الدولي اجتماعها في اسطنبول زادت حدة الخلاف الدائر حول عدد الأصوات الإضافية التي يتعين على الدول النامية الحصول عليها في المؤسسات المالية العالمية.
وقال وزراء المالية قبل الاجتماع إنهم ملتزمون لعمل ما يلزم للحفاظ على الانتعاش المؤقت الذي يشهده الاقتصاد العالمي، وأوضح المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية خواكين ألمونيا إن الأزمة الاقتصادية على مدار العام الماضي خفضت من معدل النمو المحتمل لدول العالم الغنية.
وأضاف ''أن أسوأ ما في الأزمة ربما يكون قد أصبح وراءنا ولكن ليس هناك مجال للتراخي فقد خلفت الأزمة وراءها بعض الضرر الدائم ومن المرجح أن يظل معدل النمو خلال الأعوام المقبلة بطيئا نسبيا''.
ومن المتوقع أن يدعم الوزراء الدعوة التي أطلقتها قمة مجموعة العشرين الشهر الماضي - التي ضمت مجموعة من الاقتصاديات المتقدمة والنامية - لصندوق النقد الدولي بأن يساعد العالم على تحويل آلياته للنمو إلى مستوى أكثر توازنا، وتتركز الفكرة بأن يضمن الصندوق سياسات حكومية أكثر تناسقا مع بعضها في المستقبل.
وقال وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جيثنر ''بصفتنا محافظي صندوق النقد الدولي هناك مسؤولية مهمة على عاتقنا تتمثل في العمل معنا للتقدم بأجندة الإصلاحات من أجل دعم انتعاش دائم وتجنب الأزمات المستقبلية''.
في حين أعلن صندوق النقد الدولي أمس أن آسيا ربما تتقدم مسار الانتعاش الاقتصادي العالمي ولكنها قد تمر بفترة من النمو البطيء وارتفاع معدل البطالة خلال الأعوام المقبلة حيث تنتقل من الاتجاه للتصدير إلى إشباع الطلب المحلي.
وأوضح الصندوق أن الحكومات سيتعين عليها أن تعزز اقتصادياتها لمدة أطول من الأزمات الاقتصادية السابقة إذا أرادت تجنب حدوث تدهور آخر خلال العام المقبل أو عام 2011.
وقال أنوب سينج المدير الإقليمي للصندوق في آسيا إنه من المتوقع حدوث انتعاش بطيء في الولايات المتحدة وأوروبا ما يعني أن آسيا لن تتمكن من الاعتماد على ارتفاع حجم الصادرات كما فعلت في السابق، وأضاف ''نتيجة لذلك فإن القوة الدافعة لآسيا يجب أن تنبع من داخلها''.
وتوقع صندوق النقد الدولي في مطلع هذا الأسبوع أن ينمو اقتصاد آسيا بنسبة 2.8 في المائة هذا العام وبنسبة 5.8 في المائة خلال العام المقبل - وهذا أفضل من معظم المناطق الأخرى في العالم التي تعاني ركودا عميقا، وسترجع نصف نسبة النمو لإجراءات الإنفاق الكبيرة.
وقال سينج إن المرحلة الانتقالية المقبلة ستكون مؤلمة:حيث ستضطر آسيا للاعتماد على الصادرات خلال الأعوام المقبلة في حين أن التحول الكبير المطلوب تجاه الطلب المحلي سيمثل عبئا على الشركات في المنطقة.
وتراجعت الصادرات الآسيوية للولايات المتحدة وأوروبا بنسبة30 في المائة العام الماضي في الوقت الذي تكافح فيه الاقتصادات المتقدمة للخروج من أسوأ فترة تمر عليها منذ سبعة عقود.
وأدت الأزمة لأن تدرك عديد من الحكومات الآسيوية حقيقة أنه سيتعين عليها الاعتماد بصورة أكبر على الطلب المحلي في المستقبل، وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن المستهلك الأمريكي أصبح لا يمكن الاعتماد عليه في تحقيق النمو في أنحاء العالم.
من جهتها، أعربت أنطوانيت سايح مدير إدارة إفريقيا في صندوق النقد الدولي عن تفاؤلها الحذر بشأن بدء إفريقيا في التعافي السريع من الركود العالمي، وأضافت أن إفريقيا تضررت أكثر من المتوقع من الأزمة العالمية .
لكنها قالت إن اقتصاديات إفريقيا جنوب الصحراء ستعاود النمو بحلول العام القادم طالما استمرت الوضع الاقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة في التعافي، وحذرت سايح الحكومات الإفريقية من تضخم مشلكة الديون مشددة على ضرورة أن يعملوا على حلها قبل أن تصبح عائقا في طريق النمو .
وكان صندوق النقد الدولي قد أصدر تقريرا حول الدول التي تعاني مشكلة الديون في إفريقيا ومنها الكونغو، زيمبابوي، غينيا، ليبيريا، إفريقيا الوسطى، الجابون، وبوركينافاسو. وخفت حدة مشكلة الديون في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة بفضل برامج تخفيف الديون والسياسات الاقتصادية الأكثر فعالية ولكن الأزمة المالية العالمية وارتفاع اسعار الغذاء ألقيا مزيدا من الضغوط وهددا بتأجيج المشكلة مجددا.
على صعيد ذي صلة، قال صندوق النقد الدولي أمس: إن الصين تدرك مدى الحاجة إلى زيادة الاستهلاك الخاص وينبغي منحها وقتا لتنفيذ السياسات الرامية لتحقيق هذا الهدف.
وقال أنوب سينغ رئيس إدارة آسيا والمحيط الهادي في صندوق النقد الدولي: إن مثل هذا التحول سيتطلب زيادة نصيب العمالة من الدخل القومي وإعادة توزيع الاستثمارات، وحققت الصين معدلات نمو قوية على مدى السنوات العشر الأخيرة مدعومة باستثمارات رأسمالية مكثفة، وكان نصيب العمال من المكاسب ضئيلا جدا.
وأدى استقرار نمو الأجور إلى تراجع الاستهلاك نسبيا في الصين مما أسهم في زيادة اختلالات الاقتصاد العالمي التي تحاول الدول في أنحاء العالم معالجتها، وقال سينغ: إن الأمر يتطلب ''استراتيجية شاملة جدا'' لجعل الصينيين ينفقون أكثر.
وقال ''الحاجة إلى التحول نحو الطلب الخاص والاستهلاك الخاص حقيقية جدا ومعروفة جدا في الصين، وأوضح في مؤتمر صحافي ''لكن ينبغي علينا أن نكون حذرين وواقعيين وندرك أن مثل هذا النوع من التحول مع أهميته يتطلب وقتا لتنفيذه''.
ويكون السماح لعملة الصين اليوان بالارتفاع عاملا أساسيا في جهود إعادة التوازن حيث قد يفضي إلى تراجع قيمة الدعم الحقيقي للشركات المصدرة وتحويل مزيد من الثروة إلى الأسر الصينية. وجددت مجموعة الدول السبع الغنية أمس السبت دعوتها إلى الصين لرفع قيمة اليوان، ويعتقد خبراء اقتصاديون أن الضغط على الشركات المملوكة للدولة لدفع مزيد من أرباحها في صورة توزيعات نقدية والحد من إقراض البنوك للصناعات التي تحتاج إلى رساميل كبيرة من بين الإجراءات التي ينبغي على الصين تبنيها لتشجيع نمو الدخل.
وبحسب بيانات رسمية، انخفض نصيب الأجور من الدخل القومي ليصل إلى 39.7 في المائة في 2007 من 52.8 في المائة منذ عشر سنوات.
ورفع صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني عام 2010 من 8.5 في المائة إلى 9 في المائة، وقال: إن الصين والهند ستقودان النمو في آسيا.