«تداول».. هل هي صندوق أسود؟
من المعروف أن إدارة تداولات السوق وآلية التعامل وتطبيق تشريعاتها المقننة من الهيئة هي من مسؤولية شركة تداول إذ هي الآلة ''الماكينة'' التي تشغل السوق بتعاملاته المختلفة. وشركة تداول هي نظاماً شركة مساهمة مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة برأسمال مليار ومائتي مليون ريال، حيث يأتي غالب دخلها من رسوم التعاملات في البيع والشراء للأسهم أو السندات. ولذا فكلما زادت تلك التعاملات بأحجامها وتكرارها زاد معها دخل هذه الشركة في حين أن هناك هاجساً استراتيجياً أكبر من المؤكد أن الشركة تدركه كثيراً وهو انضباط السوق وتجنيبه المضاربات فليس المهم الآن أرباح الشركة بقدر ما هو ضبط المناخ العام للسوق وتحسينه لكي تعمل هذه الماكينة في بيئة جيدة صالحة للاستمرارية البناءة وجعل منتج هذه الماكينة بضاعة تنافسية عالية الجودة. ولذا فالشركة ''تداول'' تحرص كثيراً، من المنظور النظري، على تطبيق اللوائح والتشريعات التي تسنها الجهات التشريعية كالهيئة ووزارة التجارة وغيرها إذ من الواجب أن تحرص لتكون مثالاً يحتذى به لغيرها من الكيانات الاقتصادية ''الشركات'' في كل ما من شأنه التقيد بالبيئة العملية الاحترافية خصوصاً في قضايا الحوكمة والشفافية.
غير أن الواقع إلى حد ما خلاف ذلك فنشر القوائم المالية للشركة غير متاح وعلى أقل تقدير لم أجد مرجعاً مهنياً توجد فيه مثل هذه المعلومات. لقد تأسست الشركة في 19 آذار (مارس) 2007 وفق نظام الشركات المعروف والذي في مادته رقم (89) ينص على نشر القوائم المالية. وفي واقع الأمر حتى وإن كان هناك ما يدعو إلى عدم نشر القوائم المالية في نظام الشركة الأساسي لأي سبب نظامي كان، إلا أنه من المندوب إليه ومن باب ''أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ'' أن يكون الواجب التشجيع على الشفافية خصوصاً في السوق المالية والتي قوام صحتها هو المعلومة الصادقة الموثوقة.
لقد رأينا وعايشنا أهمية المعلومة الموثوقة ودورها في فعالية السوق وكفاءته ودور رفع سقف الشفافية وكون هذا الأمر في حالة تدنيه كان سببا رئيسا للعديد من النكبات والأزمات المالية والاقتصادية سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية. لذا فالمحور هو المعلومة الصحيحة والموثوقة خصوصا للسوق المالية ومن باب أولى أن يتمذهب وبغلو حدي كل الأطراف المعنية إذا كنا ننشد سوقا لا تنتهي بضاعته بالهزال وعدم الجودة.